تَجاوز القطاع الثقافي بوادي سوف، خلال سنة 2021، التداعيات السلبية المترتبة على وباء كورونا الذي ضرب الجزائر والعالم أجمع خلال العامين الماضيين، مستعيدا عافيته باحتضان عديد التظاهرات والفعاليات الثقافية والأدبية الوطنية، التي أعادت الروح لمدينة القباب وطردت شبح العزلة والجمود والحجر الجزئي المرفوض سابقًا.
مدينة الوادي فاتنة الرّحالة والصحافية السويسرية إيزابيل إبرهارت، التي أطلقت عليها مدينة الألف قبة وقبة عام 1899، لم تستلم للجائحة الوبائية والركود الذي ترتب عنها، بل تزيّنت في الثلاثي الأخير من سنة 2021، ومع بداية تخفيف القيود المفروضة بأجمل مظاهر الإبداع الثقافي، وومضات الفن بكل أشكاله وألوانه، فتنوعت التظاهرات وتوالت بين شعر شعبي وفصيح، وفن تشكيلي، أدب ومسرح، الصورة الفوتوغرافية، مسابقات وألعاب أطفال ورسم، وإحياء مختلف المناسبات والأيام الوطنية وغيرها من الفنون والفعاليات المحلية والوطنية المنظمة، التي راعى فيها المنظمون إجراءات وتدابير الوقاية من فيروس كورونا.
فعاليات متنوّعة
قال مدير دار الثقافة محمد الأمين العمودي بالوادي بوغزالة ياسين في تصريح لـ»الشعب»، أن الدار احتضنت بعد انفراج أزمة كورونا، نشاطات متميزة شملت كل الفنون من مسرح، وصورة فوتوغرافية، وفن سواء محلي أو طربي، حيث كانت البداية بعرض فيلم «هيلوبوليس» للمخرج الكبير جعفر قاسم، بحضور المخرج والفريق الفني والتقني وأبطال الفيلم بتاريخ 16 جوان، ثم توالت النشاطات تماشيا والوضع الوبائي بالولاية في الثلاثي الأخير من العام مع الالتزام بالتدابير الوقائية ضد فيروس كورونا، ليتم في التاسع من شهر أكتوبر تنظيم حفل توزيع جوائز الفائزين في المسابقة الافتراضية في الرسم، ثم عرض مسرحي «ظل الوهم»، تلاه حفل إنشادي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف بمشاركة الفرق الإنشادية بالولاية، وعرض مناقشة مجموعة من الأفلام القصيرة المحلية بالتنسيق مع نادي وقفات ضوئية، وبعده سهرة طربية في حضرة خير الأنام من أداء كمال رزوق وصلاح الدين قدوري.
كما نظّمت دار الثقافة محمد الأمين العمودي، بحسب بوغزالة، الأيام الوطنية للشعر الفصيح والشعبي تحت شعار «الشعر انتصار للجمال» بالتنسيق مع إتحاد الكتاب الجزائريين مكتب الوادي ومشاركة وتأطير نخبة من فحول الشعر والأدباء والمثقفين من 10 ولايات، بالإضافة لاحتفالية فنية وطنية خاصة بذكرى أول نوفمبر 1954م تضمنت معارض تاريخية وعرض فيلم تاريخي وصور لمجاهدين وشهداء بطريقة مستحدثة من خلال صور وعن طريق الفيديو، ومسابقة المنشد الصغير بالتنسيق مع الجمعية الولائية لرعاية الطفولة، ثم أسبوع خاص باليوم العالمي للتطوع، تلاه تظاهرة خاصة بإحياء ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960م .
وفي هذا الإطار أيضًا احتضنت دار الثقافة خلال شهر ديسمبر عدة نشاطات ثقافية، تمثلت في احتفالية خاصة باليوم العالمي للغة العربية، ثم فعاليات الأيام الوطنية للصورة الفوتوغرافية بمشاركة 20 عملا من مختلف ولايات الوطن، وتظاهرة أيام الطفولة ومسابقات متنوعة وعروض المهرج وألعاب خفة وحفل منوّع للأطفال.
نوادي الفنون والمواهب
أوضح بوغزالة ياسين، مدير دار الثقافة محمد الأمين العمودي بالوادي، أن نشاطات سنة 2021 كانت مقسمة بين الافتراضي والواقع، وكانت الغلبة في الأخير للمجال الواقعي بعد مرور الموجة الثالثة وانفراج أزمة كورونا، حيث تم تنظيم عديد النشاطات والتظاهرات الثقافية الوطنية والمحلية، شارك فيها الكثير من المهتمين بشتى ألوان الفنون.
وأعطت هذه النشاطات، بحسب بوغزالة، حراكًا ثقافيًا مميزًا شمل كل الفنون من مسرح، صورة فوتوغرافية، وفن سواء محلي أو طربي، حيث كانت دار الثقافة وجهة لكل المبدعين والمثقفين والمتهمين، ناهيك عن نشاطات نوادي الدار التي تنشط داخلها وتستقطب المواهب وجميع الفنون، ومنها نوادي التصوير، الفن التشكيلي، الموسيقى، ورشات الرسم، وتهتم بكل المبدعين والموهوبين، كما سيتم عن قريب إنجاز عمل مسرحي لنادي المسرح من إنتاج دار الثقافة عبارة عن حوصلة لفعاليات النادي.
الحراك الثقافي بمدينة الألف قبة وقبة ليس وليد ظرف أو مرحلة بذاتها، بل هو أصيل أصالة هاته المنطقة الصحراوية الزاخرة بموروث شعبي وحضاري عريق، وعزز من نشاطاته النوعية طابع الولاية السياحي العتيق وتفردها بطابع عمراني تراثي متميّز عن كل السياقات الهندسية والشكلية العمرانية في العالم، وهو ما أهلها لاحتضان المبادرات والنشاطات الثقافية الوطنية والعربية والدولية خلال العقد الماضي.