غادرت لكنها تركت بصماتها راسخة في عالم الإبداع

2021.. سنة رحيل قامات فنية، ثقافية وإعلامية

أمينة جابالله

فقدت الساحة الثقافية الجزائرية سنة 2021، أسماء فنية وأدبية تركت وراءها بصمات عريضة في قلوب محبيها ومتابعيها، حيث رحل عنا نجوم من عالم السينما والتلفزيون والمسرح وغادرتنا أيقونات في الأدب والإعلام والفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي.. أفنوا حياتهم خدمة لرسالة الابداع التي أحبوها ومارسوها وظلوا أوفياء لها..

 

توالت أخبار رحيل نجوم الفن والثقافة الجزائريين تقريبا منذ بداية سنة2021 إلى نهايتها، فمنهم من كان ضحية جائحة فيروس كورونا المستجد، ومنهم من قضى نحبه بعد صراع طويل مع مرض عضال، هي إذا قامات أعطت الكثير للثقافة، وستظل أعمالها حاضرة والتي لن نسدل الستار عنها بل سنرفع أسمائها في حضرة الغياب، فهم المتواضعون بشخصهم وبأخلاقهم، الراحلون عنا بأجسادهم والباقون بيننا بأرواحهم في الذاكرة.

 استيقظ المشهد الثقافي يوم 02 جانفي من سنة 2021 على خبر وفاة الكاتب والروائي مرزاق بقطاش عن عمر يناهز 72 عاما، مخلفا وراءه أكثر من خمسة عشرة إصداراً أدبياً في الرّواية والترجمة والقصة، حيث أن آخر عمل له كانت رواية «المطر يكتب سيرته» الفائزة بجائزة آسيا جبار للرواية في دورتها الثالثة عام 2017.

فنانون رحلوا باكرا

وفجع الوسط الفني في 21 مارس بخبر وفاة الممثلة فتيحة نسرين، عن عمر ناهز 74 سنة وذلك بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وقبلها بأيام قليلة، نزل على الأسرة الفنية والعائلات الجزائرية خبر وفاة الفنانة الجزائرية ريم غزالي، عن عمر 39 سنة، بعد معاناتها مع المرض الخبيث لسنوات طويلة، ورحلة علاج بدأتها في أمريكا ثم فرنسا أين وافتها المنية بعد عملية جراحية فاشلة على مستوى الرأس، لتعلن شقيقتها سلمى، صبيحة الأربعاء من17 مارس، عبر فيديو على الأنستغرام خبر وفاة شقيقتها، تاركة وراءها أعمالا كثيرة على غرار سلسلة «بوقرون» لتخلد بذلك مسيرتها التي بدأتها في مسابقة «ستار أكاديمي»، لتتجه بعدها إلى التمثيل والإنتاج.

وفي أمسية الأحد 18 أفريل 2021 فقدت الساحة الفنية قامة من قامات الطابع العاصمي الفنانة نعيمة عبابسة، عن عمر ناهز 53 سنة، بعد أن قضت عليها مضاعفات فيروس كورونا، فضلا عن معاناتها وصراعها لسنوات طويلة من مرض السرطان، وخلال نفس الشهر وقبل أيام من رحيل الفنانة نعيمة عبابسة يتفاجأ الجمهور بخبر وفاة الفنان الشاب سهيل الصغير مغني الراي ذو 22 سنة، وذلك بعد رحلة عبر قوارب الموت التي وضعت باكرا حدا لنهاية مشواره الفني، فبعد أسبوعين من مغادرته أرض الوطن باتجاه السواحل الإسبانية، انتشلت فرق السواحل بعين تيموشنت جثة الفنان الشاب سهيل لبيض بن عدة المعروف فنيا بسهيل الصغير، ولمن لا يعرفه هو من مواليد 1999، غادر الجزائر رفقة 9 من رفقائه الشباب على متن قوارب الهجرة، غير أنه عاد إلى ولايته وهران جثة هامدة بعد أن انقلب القارب الذي كان على متنه قبالة السواحل الإسبانية.

أسماء لامعة تغادر دون وداع

وبعيدا عن فيروس كورونا وداء السرطان، كان لداء القلب سببا في وفاة الممثل والكوميدي الجزائري بلاحة بن زيان محبوب الجزائريين، حيث خلفت وفاته صدمة كبيرة، كيف لا وهو صانع الابتسامة من خلال أعماله الفنية آخرها «عاشور العاشر» بجميع مواسمه، حيث توفي بلاحة يوم 2 ماي، عن عمر ناهز 68 سنة، بعد معاناته من مرض القلب، مما ألزمه عملية جراحية مستعجلة على شرايين القلب، إلا أنه فارق الحياة تاركا وراءه مشوارا حافلا بالنجاحات والتميز، وبعدها بحوالي شهرين وبالضبط في صبيحة 02 من جويلية ينتقل إلى رحمة الله ثلاث شخصيات ثقافية وهم على التوالي الإعلامي الشهير ببرنامج «خاتم سليمان» منذ تسعينيات القرن الماضي عن عمر ناهز 58 سنة، بعد دخوله المرحلة الثالثة من العلاج ومعاناته من مضاعفات فيروس كورونا، وووري جثمان الفقيد سليمان بخليلي الثرى بمقبرة قاريدي بالجزائر العاصمة، لتفقد الجزائر أيقونة إعلامية، بعد مشوار طويل وحافل بالعديد من الأعمال القيمة، إضافة إلى الحاج ملياني الباحث في مجال سوسيولوجيا الثقافة والفن، والفنانة التشكيلية خديحة حمسي في رصيدها أكثر من 40 سنة من العمل على ترقية الهوية الأمازيغية، وهي التي أشرفت على تصميم ملابس أهم الأفلام الجزائرية الناطقة باللغة الأمازيغية وأبرزها على الإطلاق فيلم «جبل باية» للمخرج الراحل عز الدين مدور.

وفي صبيحة يوم الإثنين 12 جويلية، يصل إلى مسامع الجزائريين خبر رحيل قامة من قامات الكوميديا في الجزائر، فريد قسايسية المعروف بفريد الروكور، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 62 سنة، بعد أزمة قلبية مفاجئة داخل منزله بالجزائر العاصمة، حيث بدأ الممثل الراحل مشواره الفني، سنة 1985 من خلال مشاركته في فيلم «في سبيل الجزائر»، ويعد في رصيده الفني العديد من الأعمال الفكاهية التي حققت شهرة كبيرة على الشاشة الصغيرة.

وتفقد الساحة الإعلامية صبيحة 25 جويلية الإعلامي والصحفي كريم بوسالم، بعد إصابته بكوفيد-19، ليقضي عليه الفيروس عن عمر ناهز 49 سنة بمستشفى تيزي وزو، حيث غادرنا الفقيد بعد مشوار إعلامي ناجح ومشرّف، وهو الذي سطع نجمه في بداية التسعينيات من خلال برنامج «صباحيات» بمديرية الإنتاج، لينتقل بعدها الى مديرية الأخبار كمقدم رئيسي لنشرة الثامنة الرئيسية على التلفزيون العمومي.

.. ويتواصل الرحيل

وتتواصل قائمة من غيّبهم الموت عن الساحة الفنية والثقافية، حيث استيقظ الجزائريون صبيحة 8 أكتوبر على رحيل ملك الأغنية البدوية رابح درياسة بعد مسيرة فنية حافلة، توفي عن عمر ناهز 87 عاما في منزله وسط ولاية البليدة، ويصنفه كثير من النقاد ضمن قائمة الفنانين الملتزمين، والذي نعاه الجزائريون بعبارات مؤثرة، مؤكدين أن أجيالا كبرت على أغانيه الهادفة، واستمتعت بصوته الشجّي وألحانه الرائعة.

وفي 10 نوفمبر تفقد الساحة الثقافية الكاتب في الأدب والتاريخ خليفة بن عمارة، حيث عمل على البحث عن شخصيتين تاريخيتين بالمنطقة، هما إيزابيل إيبرهارت والشيخ بوعمامة، فأصدر سنة 2008 كتاب «إيزابيل إيبرهارت» و»الجزائر»، كما قدّم لمحة حول التنوّع الثقافي والبيولوجي لمنطقة العين الصفراء، وآخر إصدار له كان سنة 2014 عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان: «قصص من الجنوب». خليفة بن عمارة كرّس حياته للكتابة ونشر العلم والحفاظ على التراث من الضيّاع، حتى وهو طريح الفراش بمنزله بمدينة العين الصفراء، وقد كتب عنه الأستاذ بوزرواطة محمد في شهادته بعنوان: «الكاتب بن عمارة خليفة: هاجس البحث، وضريبة الكتابة»، وفي 30 من نوفمبر يلتحق به الكاتب نذير عصاري العاشق للتصوير الفوتوغرافي، متأثرا بمضاعفات فيروس كورونا، حيث عرف الكاتب حين صدر كتابه «مدينة الجزائر من النشأة إلى الحكم العثماني»، سنة 2007 عن دار النشر آلفا، والذي يسلط الضوء على تاريخ هذه المدينة إلى غاية نهاية الحكم العثماني ليليه بعد ذلك كتاب قيّم آخر بعنوان: «مدينة الجزائر، ماضي على الخريطة»، وكان آخر أعماله بعنوان: «مدينة الجزائر، زرقة البحر والأضواء» صدر سنة 2019 عن المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية.

الفنانة القديرة فطومة لميتي، المعروفة باسم سلوى ودعت محبيها في التاسع من ديسمبر الجاري عن عمر ناهز 86 سنة، بعد جلطة دماغية أفقدتها الوعي وفارقت الحياة على إثرها بإحدى العيادات الخاصة بالعاصمة، وهي التي بدأت مسيرتها الفنية سنة 1952 كمقدمة برامج في الإذاعة الوطنية، لتدخل مجال الغناء عام 1962 وتصنع لها اسما بارزا، وهي من أشهر المؤديات للأغنية الجزائرية الملتزمة، ليلتحق بها يوم السبت 11 ديسمبر، ابن المسرح الوطني الجزائري ياسين زايدي عن عمر 47 سنة، إثر تعرضه لوعكة صحية أدخلته المستشفى، بعد شهر واحد فقط من دخوله القفص الذهبي، الفنان الراحل من مواليد 20 أكتوبر 1974 بالعاصمة، بدأ مع الفرقة المسرحية للكشافة الإسلامية، وشارك في العشرات من المسرحيات والمسلسلات.

وأسماء أخرى..

وهكذا تودعه الساحة الفنية الوطنية، نهاية عام 2021، الشاهد على أفجع رحيل لثلة أخلصت في ميدانها، فعلى غرار كل من سبق ذكرهم هناك أسماء أخرى من بينهم الفنانين عمر قندوز، محمود بوحموم، إبراهيمي السعيد المعروف بسعيد حلمي، جمال بارك أحد أعمدة المسرح الجزائري ونجم مسلسل الخاوة، إلى جانب أحسن عسوس، عبدالمالك بوساحل، ادريس شقرون، الكاتب المسرحي والسيناريست إبن ولاية تيبازة حسين طايلب عن عمر ناهز 55 عاما، والكاتب المسرحي والصحفي عبد القادر عروج.. وغيرهم ممن احتضن أجسادهم تراب الجزائر، وهم في أوّج عطائهم وحبهم لتنمية الساحة الثقافية الوطنية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024