ضرورة إعادة النظر في حصة ألحان وشباب مع تغيير لجنة التحكيم
يلم قويدر بوزيان أستاذ موسيقى وملحن، إلماما واسعا بالحركة الفنية في الجزائر.. نظرا لاحتكاكه اليومي بالعاملين في هذا القطاع سواء أكانوا مؤدين أو كتاب كلمات أو ملحنين.. مما سمح له بالاطلاع الكامل على نشاطهم الحساس.. وكذلك معرفة أوضاعهم الإجتماعية كذلك التي يصفها بالصعبة والقاسية كون جل الذين يمارسون هذه «المهنة» وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع واقع لا يرثى لا يرقى إلى أملهم المعقود على الوعود التي تطلق هنا وهناك، كتوفير إطار محترم للتلاقي.. والتغطية الإجتماعية الجادة البعيدة عن التداعيات البيروقراطية لتفادي التبعثر وكل ما من شأنه التأثير على عطاءاتهم وكذلك التقليل من إبداعاتهم.. ويتأسف الأستاذ بوزيان لهذه الحالة التي يوجد عليها الفنان في الجزائر.. الذي مازال يبحث عن الإستقرار في هذا العالم المعقد والمتغير.
هذه المعاينة.. لا تعني أبدا للأستاذ بوزيان الاستسلام لهذا الواقع وإنما هناك مقاومة شرسة.. وتواصل دائم مع كل الذين لهم إنتماء مباشر لهذا العمل المثير أحيانا.. والأكثر من هذا اقتحام كل الأبواب المؤدية إلى الكشف عن الحلول والآليات القادرة على الانتقال إلى وضع أكثر أريحية.. والإبقاء على طابع وعلامة الفنان الجزائري.. وهذا بتحسيس الجهات المسؤولة سواء في الإذاعة والتلفزيون على ضرورة ترقية هذا الموروث الغنائي للجزائر، بواسطة برامج فنية ذات مستوى عال تحافظ على ذلك الترابط بين كل الأجيال.. بكشف كنوز بلادنا.
ويعد قويدر بوزيان من الفنانين القلائل والنادرين الذين يدافعون بقوة عن هذا الإتجاه القائم على إبقاء عالم الفن في الجزائر متماسكا ومتحدا.. للحفاظ على رسالة الفنان مهما تكن طبيعتها.. كونها لا تخرج عن نطاق الدفاع عن مصالح هذا الشخص أو الإنسان المليء والمتشبع بقيم حب الآخر.
وشخصية الأستاذ بوزيان ليست تلك التي نراها عبر الشاشة وهو يقدم نصائح للمشاركين في حصة ألحان وشباب.. عليك بكذا وكذا وإنما تتجاوز ذلك بكثير إنطلاقا من تفكيره العميق في إعداد مشروع فني كبير بالتعاون مع الإذاعة الوطنية.. هو الآن علـى مستوى المسؤولين لدراسته وإثرائه.. وإخراجه من التصور النظري إلى الفعل الملموس.. وهو محل متابعة وبحث مستمر لتجسيده على أرض الواقع.. ويأمل بوزيان أن يكون هذا العمل منطلق نحو آفاق واعدة في عالم الأغنية والشعر والعزف.. وكل ماله علاقة مباشرة مع الأداء الغنائي.. وسيكون جاهزا في أقرب وقت بعد أن تم إعداد كل الأفكار والآراء التي تجعله عملا متناسقا.. وقابلا للتطبيق.. وقد وجد الأستاذ بوزيان كل الترحاب والتجاوب من قبل مسؤولي الإذاعة والتلفزيون الجزائري من أجل تشجيعه على الذهاب بعيدا في هذا الشأن.
ويرفض الأستاذ بوزيان رفضا مطلقا سياسة البريكولاج أو تطبيق قاعدة.. «مشي الدعوة برك».. أو ملأ الفراغ لذلك سارع إلى إخطار مسؤولي ألحان وشباب بإدخال تغييرات جذرية على الحصة وهذا بتوسيع نشاطها وانتقالها من المحلية إلى الفضاء المغاربي والعربي حتى يكون لها الطابع التنافسي.. وبإمكان الشباب في المغرب العربي وفي الوطن العربي أن يكون حاضرا وبقوة مع الشباب الجزائري.. لتكون نافذة على التنوع الفني في البلدان العربية انطلاقا من الجزائر.. كمركز إشعاع قادر أن يحتضن أي مبادرة في هذا الإطار.
وضمن هذا السياق لم يتوان الأستاذ بوزيان في المطالبة من منتج الحصة إدخال تغييرات على لجنة التحكيم في برايمات ألحان وشباب.. وكل ما سمعته منه أنه قال كل واحد يتحمل مسؤوليته.
وينوي أن تخرج حصة ألحان وشباب من طابعها التقليدي.. ليرتسم عليها ملامح الإبداع حتى يكون لها الطابع التنافسي.. بدءا من المترشح الذي يتطلب الأمر متابعتة عن قرب والإطلاع على مستواه وشخصيته حتى يدخل المدرسة.. وهذه مقاييس صارمة يستدعي الأمر العمل بها حتى لا يترك الحابل والنابل.
والعينات التي وقفنا عليها مؤخرا هي ما وجدناه على مستوى الساحة الوطنية لا أكثر ولا أقل.. ومهما قيل عن الفائزة فذلك يعود إلى التصويت.. كاشفا في هذا السياق بأنه كان على الجميع مطاردة الوقت بانتقاء ١٥ شابا في وقت قياسي ٣ برايمات في ٣ أسابيع.. وكل الإمكانيات المادية والقدرات الإبداعية كانت جزائرية.. وهذا بنسبة ٩٥٪ كفرقة العزف ومابين ٦٠ إلى ٧٠٪ كان أداء تقنيا جزائريا.
ويرى الأستاذ بوزيان أن التكوين يبقى المقياس الوحيد الذي يسمح لنا بأن نحوز على المراتب الأولى في الفن، أما غير ذلك فلا ننتظر أي شيء.. وهذا بإدراج مادة التربية الموسيقية في المناهج البيداغوجية، وكذلك الاستعانة بالخبرات الجزائرية والأجنبية.. وإن تطلب الأمر إرسال بعثات إلى الخارج.. وهذا من أجل إكتشاف مواهب جديدة.. تكن خير خلف لخير سلف.