نظّمت مديرة الثقافة لولاية بومرداس جلسة عمل مع ممثلي الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة، خصّص لتقييم ومناقشة واقع المعلم التاريخي والحضري لقصبة دلس العريقة، الذي يعيش مفارقة حقيقية ما بين جمود مشروع التهيئة والترميم، وإعادة الحياة الثقافية والاقتصادية بأبعادها السياحية، وما بين قوة الحضور الوجداني لهذا المكان، الذي لا يزال رغم كل النقائص يستقطب آلاف الزوار، عبر رحلات منظّمة ويمثّل الوجهة السياحية الأولى بالولاية.
تناول اللقاء المشترك الذي احتضنته مديرية الثقافة لولاية بومرداس الذي خصّص لملف “قصبة دلس” عدة نقاط ومحاور مهمة، تبقى من ضمن المقترحات التي أشار إليها الكثير من الباحثين والمهتمين بالآثار منذ مدة طويلة، وتتعلق بمطلب التصنيف العالمي ضمن التراث الانساني، وإعداد ملف موثق لهذا المعلم التاريخي الذي يمثل جزء مهما من التراث الوطني المشترك، بالنظر إلى أهميته التاريخية والاجتماعية كموقع يختزل الكثير من الحضارات الانسانية التي مرت بالمنطقة، بداية من الفينيقية إلى الحضارة الاسلامية والفترة العثمانية بشواهد لا تزال واقفة تتحدى الزمن، بداية من الميناء القديم إلى باقي المواقع الأخرى التي تشكل المعالم الرئيسية للمدينة القديمة. وتمّ بالمناسبة أيضا مناقشة واقتراح عدة مشاريع لتثمين معلم قصبة دلس في الجانب السياحي، واستغلال أهميتها التاريخية وأبعادها الحضرية في تنشيط الحياة الاقتصادية والثقافية، عن طريق إنشاء مسالك سياحية وتخصيص جانب من القطاع المحفوظ لجلب الاستثمار السياحي، وتشجيع الحرفيين لإقامة معارض وورشات مختصة في الصناعات التقليدية والفنية التي ترمز لطبيعة المنطقة، وإعادة إحياء بعض المهن والحرف القديمة المرتبطة بالبحر، ومهنة الصيد وغيرها من النشاطات الأخرى التي ملأت أحياء وأزقة القصبة لعقود من الزمن. وبهدف تفعيل مشاريع التهيئة وترميم البنايات القديمة لقصبة دلس، تمّ دراسة مقترح مراجعة المخطط الدائم للقطاع المحفوظ من أجل تدارك بعض النقائص والأخطاء التي نجمت عن عملية الترميم، خاصة تلك التي نجمت عن المشروع الاستعجالي الذي أتى مباشرة بعد زلزال بومرداس سنة 2003، إضافة الى أهمية معالجة مشكل التوسع العمراني ضمن محيط المعلم لحمايته من التشويه الهندسي، وإلزام السكان بضرورة احترام الطابع التاريخي الأصيل الذي يغلب عليه النمط الأندلسي.