باحثون يثيرون الجدل في ندوة فكرية ببومرداس

إشكالية كتابة اللّغة الأمازيغية تطرح من جديد

بومرداس: ز ــ كمال

أيّ طريقة أنسب: الحرف العربي، التيفيناغ أم اللاّتيني؟

  سجّلت الندوة الفكرية التي نظّمت أول أمس الخميس بدار الثقافة رشيد ميموني، حول مسار وتطورات الملف الأمازيغي بأبعاده الفكرية والسياسية والكثير من الخلفيات الايديولوجية، حساسية واضحة بين منشطي الندوة القادمين من عدة مناطق من الوطن، معروفة بعمقها الامازيغي خاصة منطقة الصحراء، بعد التطرق إلى إشكالية الحرف وطريقة كتابة اللغة الامازيغية ما بين الحرف العربي، التيفيناغ أم اللاتيني، مع الاتفاق على ضرورة ترسيم الأمازيغية وتدخل الهيئات البيداغوجية الوطنية لترقيتها مستقبلا.
 تدخّل الأستاذ ديدا بادي من ولاية تمنراست بعمق الصحراء حمل الكثير من الحقائق حول واقع الثقافة الأمازيغية لدى التوارق، ومدى تغلغلها جنوبا نحو عدد من البلدان الإفريقية، منبّها إلى ضرورة تحرك الدولة لحماية هذا التراث الكبير، وسحب البساط من استغلال الملف لأغراض مشبوهة، مذكّرا بمشروع الأمم المتحدة الذي سطّرته سنة 1966 لفائدة عدد من البلدان الإفريقية التي تنتشر فيها هذه الثقافة كالنيجر ومالي، حيث تمّ وضع برنامج لتدريس اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني، وهي التجربة التي لا نحاول تكرارها عندنا يقول البحث، مستدلا بتوجهات سكان الصحراء الجزائرية والتوارق بالخصوص الذين يرغبون في دراسة ثقافتهم الامازيغية بحرف التيفيناغ الأصيل بأبعاده العربية الإسلامية. وهنا علّق الأستاذ بالقول: «من أراد التعمق في دراسة الثقافة واللغة الأمازيغيتين عليه بالتوجه إلى عمق الصحراء بداية من بني ميزاب، حيث حافظ الحرف الأمازيغي على صفائه ولم يتلوّث بالايديولوجية الكولونيالية، لأنّ فرنسا لم تدخل الصحراء حتى سنة 1922، كما أثبتت الدراسات عن وجود علاقة أصيلة ومتواصلة بين هذه الثقافة والحضارات السابقة، ومنها حرف التفيناغ الذي يتشبّث به التوارق ويعتبرونه مطابقا للحرف العربي، كما أنّهم لم ينظروا إلى الثقافة العربية الإسلامية كخصم لثقافتهم المحلية أو تهديما لهويّتهم، بل هي مكمّلة لها وجامعة نتيجة بقاء المنطقة بعيدا عن هيمنة وتأثير الفكر الكولونيالي الفرنسي».
كما طرح الباحث إشكالية غياب الدّعم المادي والبشري لتكوين أساتذة اللغة الامازيغية وتثبيتهم في مناصبهم، «لقد سجّلنا عزوفا واضحا للأساتذة وعدم قدرتهم الاستمرار في عملهم نظرا لغياب المناصب المالية، ما عدا بعض الأساتذة الذين تابعوا تكوينا في الجامعة، في حين تبقى الجمعيات الثقافية وفعاليات المجتمع المدني غير مهتمة تماما بهذه الرسالة التربوية، التي كان من المفروض أن تقوم بها السلطات العمومية»، على حد قوله.
 مرحلة الانفتاح ولمسة المحافظة السّامية للأمازيغية
 تناولت الندوة عدة زوايا ومراحل تطور الأبحاث التاريخية والفكرية الخاصة بالثقافة الامازيغية، التي شهدت بعد فترة التسعينيات انفراجا كبيرا حتى من الجانب السياسي بشهادة المتدخّلين، الذين توقّفوا عند الكثير من المحطات التي مرت بها خلال فترة الحزب الواحد بالجزائر، والمرحلة الأولى للاستقلال التي ظلت مقتصرة على مساهمات الإذاعة الوطنية، والطفرة الكبيرة التي عرفتها بعد التعددية، وظهور العديد من الجمعيات والهيئات الوطنية المهتمة بملف الثقافة الأمازيغية، خاصة منها المحافظة السامية للأمازيغية التي تلعب دورا كبيرا في حماية وترقية هذا الجزء المهم من الهوية الجزائرية بطريقة أكاديمية وعلمية بعيدا عن الخلفيات الايديولوجية التي أجهضت الكثير من المجهودات المقدمة من طرف رواد الباحثين الاجتماعيين المعروفين مثل مولود معمري، الذي يعتبر مرجعا بالنسبة للمهتمّين بهذه الدّراسات التّاريخية والاجتماعية.
كما شهدت فترة التسعينيات تحوّلا كبيرا عن طريق إدخال الأمازيغية في العديد من المؤسسات الوطنية الهادفة إلى التكفل بهذه اللغة، منها الجامعة الجزائرية التي أضافت إلى تخصصاتها شهادة الليسانس في اللغة الأمازيغية بجامعة مولود معمري لتيزي وزو، ثم مرحلة المحافظة السامية للأمازيغية والتربية الوطنية بداية من سنة 1995. واختتم المحاضرون ندوتهم بالعديد من الأسئلة والانشغالات حول مستقبل اللغة الأمازيغية، ومدى فعالية هذه المؤسسات والهيئات المنصبة منذ 19 سنة في تقديم تصورات عملية لترقية الحرف الأمازيغي، ما هي طبيعة الإمكانيات والوسائل الموضوعة تحت تصرف الباحثين لترقية اللغة الأمازيغية والعقبات التي يواجهونها في الميدان؟ ما هي المكانة التي قد تحظى بها اللغة الأمازيغية في وسائل الإعلام الوطنية وحجم الإسهامات التي قامت بها الجامعة الجزائرية منذ سنة 1990؟ ما حجم النتائج المحقّقة في مجال تعليم الأمازيغية في المؤسسات التعليمية، وكيفية الحفاظ على نفس مسار التكوين الخاص بالأساتذة والتلاميذ الذين يتقلص عددهم خلال مرحلة الجامعة، حيث يشهد تخصص اللغة الامازيغية نفورا مستمرا من طرف حاملي شهادات البكالوريا بشهادة المهتمين؟ إضافة إلى عدة تساؤلات ظلّت مفتوحة تعبّر بالفعل عن عمق الهواجس التي تسيطر على الباحثين فيما تعلّق بطريقة تلقين التلاميذ والمحتوى اللغوي والفكري الموجّه لهم، الكتاب المدرسي، مشاكل الأساتذة، إضافة إلى الدور الذي يمكن أن يقدّمه الخواص أو الهيئات الخاصة للمسألة الأمازيغية من حيث الإنتاج الفكري والأدبي، تشجيع عملية الإبداع والنشر على نطاق واسع.
يذكر أنّ البرنامج السنوي المسطّر من طرف المحافظة السامية للأمازيغية للاحتفاء بالذكرى الـ 34 للرّبيع الأمازيغي، قد مسّ عدة ولايات من الوطن، حيث كان انطلاق القافلة الثقافية من ولاية تيزي وزو، وهران، العاصمة، بومرداس وأخيرا البويرة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024