اتفق الباحثون والمؤرخون على أن تاريخ المدينة يعود إلى مرحلة المملكة النوميدية ما بين سنتي 203-و213 قبل الميلاد... تم تسميتها آنذاك(مينا) التي تقع على ضفاف الوادي. كان سكانها أمازيغ، ويقال إن تسميتها تعني (الهضبة الحارّة) crête chaude.
جاء في كتاب ابن خلدون (العبر): إن قبيلة بربرية حطت الرحال وسكنت بمنطقة «مينا» سنة 40ق.م.
عرفت بهذه الفترة بمقاومة الرومان لخمسة قرون، وتوسع ليمتد من سهول الشلف ومينا حتى الأطلس، حيث أقيمت خيم بسهل بوسدان يلل، ومن ثم تغيير إسم مينا إلى إغيل إيزان الذي يرمز إلى السهل المحروق. وفي هذه الفترة بالذات، شهدت المنطقة إشعاعا فلاحيا وتجاريا وحسن البناء، وكثيرة المياه وخصوبة أراضيها. إنها غليزان التي تتوقف عندها صفحة «مدن وتاريخ» للولوج في تاريخها العريق ومسارها العمراني الحضاري جدير بالاهتمام.
جمال ساحر بالينابيع والبساتين
مدينة غليزان، المدينة الساحرة التي سار الجمال في ربوعها، وينابيعها وجداولها وبساتينها وثمارها، فهي همزة وصل بين الغرب والوسط الجزائري، تسلقت الصخور حتى استقرت في أعالي الجبل.
منازلها تغلغلت في هذه البساتين تتنعم فيها بذكر الماضي، وتحلم بلقاء جديد.
أصبحت مدينة كبيرة، كثيرة الخيرات والأشجار، فكانت على ضفة نهر نظرا لوجود وادي مينا بالمنطقة القديمة، ويمتد تاريخ مدينة غليزان إلى العصور الحجرية، فسكانها من أصل أمازيغي، وقد عرف باسم «مينا».
وقد اتخذ الإنسان ما قبل التاريخ هذه المنطقة مسكنا ومستوطنا، وبظهور الكهوف التي تحمل صورا صخرية في كل من جبل بومنجل بالقلعة، ووادي تامدة بمازونة.
اتفق الباحثون والمؤرخون على أن تاريخ مدينة غليزان يعود إلى مرحلة المملكة النوميدية ما بين سنتي 203 و213 قبل الميلاد، وتم تسميتها آنذاك(مينا) التي تقع على ضفاف الوادي.
وكان سكانها أمازيغ، ويقال إن تسمية غليزان تعني (الهضبة الحارة) crête chaude.
وجاء في كتاب إبن خلدون (العبر): إن قبيلة بربرية حطت الرحال وسكنت بمنطقة «مينا» سنة 40ق.م.
وعرفت بهذه الفترة بمقاومة الرومان لخمسة قرون، وتوسع ليمتد من سهول الشلف ومينا حتى الأطلس، حيث أقيمت خيم بسهل بوسدان يلل، ومن ثم تغيير اسم مينا إلى اغيل ايزان الذي يرمز إلى السهل المحروق.
وفي هذه الفترة بالذات شهدت المنطقة إشعاعا فلاحيا وتجاريا وحسن البناء، وكثيرة المياه وخصوبة أراضيها.
حتى ظهور الفتوحات الإسلامية عام 681م اعتنقت قبائل غليزان الدين الإسلامي بمجيئ موسى بن نصير سنة 719م و720م، الذي فتح عاصمة الزاب «طنجة» وأخضع قبائل هوارة وزناتة وكتامة، ثم اتجه نحو المغرب الأقصى، فوصل طنجة. وكان موسى بن نصير قد عين طارق بن زياد حاكما على مدينة طنجة، ومن ثم بدأ يستكشف أحوال الأندلس. فعبر المضيق إلى الشاطئ المقابل الذي أصبح يحمل اسمه جبل طارق، وعسكر في الجزيرة الخضراء، وخطب الجند بخطبته الشهيرة «وتحقق النصر المبين».
بقيت الأمور على هذه الحال وعرفت غليزان في هذه المرحلة بالمدينة الجميلة. تحف بها العيون الجارية والبساتين من كل ناحية، ويشق الهضبة الوادي ويجري الماء بدورها.
إشعاع ديني عبر الزمن
وإذا نزلت إلى المدينة تقابلك زاوية سيدي أمحمد بن عودة، التي أسسها في مسقط رأسه. وأصبحت مركز إشعاع ديني وإصلاح اجتماعي وجهاد ضد الأعداء ومأوى لإطعام الفقراء. فالوليّ الصالح الذي حارب الأسبان.
ولد سيدي أمحمد بن عودة عام 972 هـ بنواحي وادي «مينا» بغليزان، حيث تربى وترعرع في حضن والده سيدي يحيى الأصغر، وتعلم على يدي والده وعندما كبر توجه إلى زاوية مجاجة. فتتلمذ على يدي شيخ الزاوية. أخذ عنه التفسير الحديث والبيان في الفقه والتوحيد، وإلى غاية استشهاد شيخه، غادر الزاوية ورجع إلى مسقط رأسه.
كان كثير التنقل والسفر بين الزوايا، حتى تضلع وتثقف، سقاه حنين العافية، والعزم والأمل وهو مكب على نهر العلم، فينتصب ثم يجني ويعلو بارق وكان لا يعمل قبل أن يفكر ولا يفكر إلا تفكيرا صحيحا مستقيما، وقد وهب الله له ذهنا خصبا وذوقا سليما.
اشتهر سيدي أمحمد بن عودة ببطولته في مكافحة الاحتلال الإسباني في شواطئ تنس ومزغران والمرسى الكبير بوهران، كما رفع لواء الجهاد لرفع الحصار على مدينة مستغانم، وقد قام بعدة معارك ضد الأسبان.
توفي سيدي أمحمد بن عودة، رحمه الله، عام 1034م، وقد أقام أتباعه بعد ذلك باحتفالات بعودة سيدي أمحمد بن عودة واستمر إلى يومنا هذا.
ويعتبر بعض الكتاب أن مدينة غليزان محاطة ببساتين يعبرها ممر إلزامي للذهاب إلى مدينة تيهرت، حيث ما ذكر في كتاب «المسالك والممالك» للمؤرخ أبو عبد البكري حتى حلول الأتراك سنة 1517م. بقيادة بابا عروج واتخذ مدينة مازونة عاصمة الغرب آنذاك، إذ تعتبر من أقدم المدن الجزائرية، وتعتبر مهد الحضارات الإسلامية وهي المدينة التي يوجد بها آثار قديمة بذاتها، ويوجد بها مدرسة قرآنية عتيقة يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر الهجري.
مخطوطات...
كنوز في طي الاندثار تستغيث
فالمخطوطات التي تتعرض باستمرار للاندثار نظرا لقدمها، أو لعدم استعمالها وعدم العناية بها وتنظيمها ولتصفيف أوراقها، كما يتطلب ذلك تقديمها للمكتبة الوطنية وللحماية والاستفادة منها، وأن مسجد ومدرسة مازونة قد أديا دورا ثقافيا وحضاريا منذ تأسيسهما.
في سنة 1873 قام المستعمر الفرنسي بوضع الحكم الإداري الخاص به، كما تم استصلاح أزيد من 85% من الأراضي الفلاحية، وقد أطلق اسم «كاليفورنيا الجزائرية» على غليزان في هذه الفترة، وهذا نظرا لخصوبة أراضيها.
مع اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 هبّ أبناء هذه المنطقة للمواجهة المسلحة كغيرها من الولايات الأخرى، وشارك مواطنو غليزان في عدة معارك وهجومات وانتفاضات ضد المستعمر.
فكان الونشريس مقر قيادة المنطقة الرابعة من الولاية الخامسة التاريخية.
كانت الاجتماعات السرية التي كان يعقدها مناضلو المنطقة مع إخوانهم في الولاية الرابعة بالونشريس، وكانت أغلبية الجماهير في الأرياف وفي المدن الجزائرية قد اتخذت منذ الوهلة الأولى موقفا شجاعا مؤديا للثورة، ولأنها كانت مقتنعة أن هذه الثورة ما قامت إلا من أجل تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، الذي استحوذ على ممتلكاته وكان يدوس باستمرار على قيمها.
اليوم، غليزان قطب اقتصادي بامتياز، وبها ورشات عمل مختلفة الأنواع تسعى إلى الاكتفاء الذاتي.