لم يمض أسبوع على موافقة أعضاء مجلس الأمن الدولي على تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، البلغاري نيكولاي ملادينوف، حتى أعلن الأخير رفضه للمنصب، وقدم اعتذاره لتوّلي المهمة رغم مساعي قام بها مجلس الأمن عرفت أخذ ورد لاختيار الشخصية المناسبة، منذ أشهر على استقالة المبعوث السابق غسان سلامة، لأسباب قال إنها صحية آنذاك، لكن اتضح فيما بعد أنها كانت نتيجة ضغوط كبيرة مارستها قوى أجنبية فاعلة في المشهد الليبي لتوسيع نفوذها عبر بوابة الأمم المتحدة، وهو ما بات يُفقدُ المنظمة الأممية شرعيتها لدى الشعوب، التي أصبحت تلجأ إلى لغة السلاح بدل الدبلوماسية.
المتحدث باسم الأمم المتحدة، قال إن ملادينوف أبلغ الأمين العام أنطونيو غوتيريس بأنه لن يتولى منصب المبعوث الخاص إلى ليبيا «لأسباب شخصية وعائلية».
لكن واضح أن هذه الأسباب المانعة المعلنة، قد تكون وراءها أسباب خفية، يحتم العمل الدبلوماسي عدم البوح بها في هذا التوقيت بالذات، لكن سياق الرفض يوحي بفشل المنظمة الأممية، والشخصيات المختارة لإحلال السلام، في دول تعاني حروبا ونزاعات وتدهور فيها الوضع الاقتصادي والاجتماعي مثل ليبيا والصحراء الغربية، ومالي، وغيرها من الدول التواقة إلى الاستقلال أو الإستقرار.
رفض ملادينوف المنصب الأممي جاء في وقت حرج ومنعطف حاسم تمر به الأزمة الليبية هذه الأيام، بإمكانية سقوط اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في 23 أكتوبر الماضي في جنيف بين طرفي الصراع؛ حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا برئاسة فايز السراج، والجيش الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر.
والهاجس الأكبر أمام هذا الاتفاق التاريخي الذي تلاه اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 هو استمرار بقاء القوات الأجنبية والمرتزقة تزامنا مع الذكرى 69 لعيد الاستقلال، رغم تأكيد الطرفين العمل على إنهاء هذا الملف لحل الأزمة والتحضير لانتخابات رئاسية في 24 ديسمبر2021.
لكن استمرار ارتماء الأطراف في أحضان القوى الأجنبية، يضع ليبيا على فوهة بركان الحرب، لاسيما بعد رفض المبعوث الأممي الجديد تولي المنصب قبل بدء المهمة، ما يؤكد أن الأزمة الليبية أصبحت مستنقع فشل لسياسة الأمم المتحدة.