إن اللجوء إلى حذف الأصفار من العملة المحلية إجراء اقتصادي وسياسي يهدف إلى تحسين ودعم قيمة وقوة العملة الوطنية ورفع معنويات الشعب وتعزيز ثقته في عملته المحلية. فكيف يكون شعور المواطن الجزائري إذا حذفنا صفرا واحدا من العملة الجزائرية؟ ويصبح الدينار الجديد يعادل 10 دينارات قديمة، ويصبح الدولار الأمريكي الواحد أو اليورو الواحد يعادل قيمته بالعملة الجزائرية بأقل من 01 دينار جديدة.
الأسباب التي تؤدي ارتفاع وانخفاض قيمة العملة:
دائما ما نسمع أن الدينار «العملة الجزائرية» ارتفع وانخفض أمام الدولار الأمريكي أو اليورو دون معرفة السبب الحقيقي وراء ذلك، فالعملة هي كأي سلعة يتم تحديدها في السوق بناء على العرض والطلب، فإذا زاد الطلب على أي عملة يؤدي إلى رفع سعر صرف هذه العملة مقابل العملات الأخرى، فإذا زاد طلب الأجانب على الدينار الجزائري فهذا يؤدي إلى ارتفاع سعر صرف الدينار مقابل الدولار أو اليورو وحتى مقابل الدينار التونسي، وهذا ما شهدناه في السنوات الأخيرة تدفق العدد الهائل من التونسيين إلى الأسواق الجزائرية التي تعتبر منخفضة الأسعار.
انخفاض سعر العملة يعني انخفاضا في أسعار السلع والخدمات وقد تكون سياسة حكيمة أنها تؤدي إلى الزيادة في الصادرات لبعض الدول الصناعية أو السياحية، حيث تشجع على تدفق السياح وتنشيط السياحة، حيث يستطيع السائح الحصول على منتجات وخدمات أكثر مقابل نفس المقدار من العملة الدولية التي يملكها مما يزيد الطلب على العملة المحلية فيرتفع سعر صرفها وتزيد إيرادات الدولة بالعملة الصعبة الدولار واليورو «فليس كل إنخفاض في قيمة العملة المحلية هو مؤشر سلبي دائما».
الصين مثال يحافظ على سعر عملته منخفضا لأسباب تنافسية تصديرية، حيث أن انخفاض سعر العملة المحلية يؤدي إلى انخفاض قيمة السلع التصديرية بالعملات الأخرى، وهذا يؤدي إلى انخفاض في أسعار هذه المنتجات مقارنة بالسلع المنتجة في دول أخرى فالقوة الشرائية لها دور في ارتفاع وانخفاض العملة المحلية، فهي مقدار السلع والخدمات التي تمكن المواطن المحلي الاستفادة منها بواسطة دخله المتاح وخلال فترة زمنية محددة، فهناك علاقة طردية بين انخفاض القوة الشرائية والذي يؤدي إلى انخفاض العملة والعكس صحيح.
انخفاض قيمة العملة يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد والخدمات والذي يؤدي إلى التضخم، مما يؤدي إلى حاجة الفرد إلى مقدار أعلى من النقود لتعويض هذا النقص، ولجوء الدولة إلى زيادة في الرواتب والأجور لتعويض الزيادة في الأسعار ليس بالحل الدائم بل يعتبر حلا مؤقتا لانخفاض آخر.
الحلـــــول:
- التحكم «بمعدل الفائدة» أو ما يسمى» بالخدمات البنكية أو عائد المشاركة أو معدل الربح» في الاقتصاد الإسلامي الذي تدفعه البنوك لاقتراض الأموال المحلية من البنك المركزي، وبالمقابل تقوم البنوك المحلية بتمرير هذا السعر إلى زبائنها. فزيادة أو خفض معدل الربح من طرف البنوك، سوف يشجع المستثمرين والمدخرين الذين يتهربون من الربا ويفضلون المعاملات الإسلامية، والذي يزيد الطلب على العملة المحلية مما يزيد في قيمتها.
- ضخ العملة الأجنبية وشراء العملة المحلية وذلك بتشجيع السياحة والصناعة والفلاحة وتصدير المنتوج المحلي.
- خلق بيئة محلية تساعد على الزيادة في الاستثمارات الأجنبية وتشجيع المنافسة الحرة وتشجيع المستثمرين وإعطائهم تحفيزات بنكية وجبائية لتحويل أموالهم للبنوك الجزائرية.
- عقد اتفاقيات مع دول أخرى بدءا بدول الجوار ليكون التعامل بالعملات المحلية، فمثلا السياح الجزائريون المتوجهون لتونس باستطاعتهم تغيير العملة الجزائرية بالعملة التونسية والعكس صحيح بالنسبة للسياح التونسيين، وهذا الامتياز نراه في الكثير من دول العالم وأغلبها أقل منا وزنا.
- تحرير سعر الصرف «التعويم» وترك سعر الصرف إلى قوى العرض والطلب، بدون تدخل الحكومة والبنك المركزي بهدف القضاء على الفارق بين السعرين الرسمي وغير الرسمي، فالسوق ستضبط نفسها بنفسها وسوف تستقر في الأخير.
في الأخير: سنقضي على السوق الموازية «السوق السوداء» ونصل إلى سوق واحدة، كما حدث في الكثير من الدول، مما يؤدي إلى تشجيع الملايين من الجزائريين المقيمين في الخارج على تحويل أموالهم عبر البنوك المحلية والمقدرة بملايير الدولارات والذي يبقى لحد كتابة هذه الأسطر حلما على ورق.