منذ عقود خلت، وبالأخص بعد سنة 1945، ووضع الحرب العالمية الثانية أوزارها، أصبح العالم يعيش في هودج من القوانين الدولية والنصوص الحقوقية، واستنساخ ثلة من المنظمات، وذلك من أجل إنقاذ البشرية من حرب عالمية ثالثة.
في زمن قلّ فيه الإنسان وكثر البشر بلا إنسانية، وربت النزعة الوحشية في ظل التكنولوجيا، فبعد تأسيس منظمة الأمم المتحدة،وإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 تم كذلك الاتفاق على قانون إنساني في ظاهره، جائر في عمقه، وهو القانون الدولي الإنساني الذي هدف إلى الحفاظ على حقوق البشرية وحفظ السلام العالمي.
إن حقوق الإنسان يمكن تعريفها على أنها: «تلك الحقوق اللصيقة بكل كائن إنساني تولد معه، بصرف النظر عن جنسيته، أو لونه، أو دينه، أو مكان إقامته، أو لغته»، وقد نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 على مجموعة من الحقوق من بينها الحق في الحياة والحق في الأمن، والحرية والسلامة الجسدية، فحقوق الإنسان تهدف إلى الحفاظ على حقوق الكائن البشري، وإعطاء كل ذي حقّ حقه من دون أي تمييز فلا فرق بين العربي والغربي، ولا بين الأسود والأبيض، ولا فرق بين المسلم والمسيحي من حيث تمتع كل مواطن بكامل حقوقه.
ترى هل فعلا مؤسسي القانون الدولي الإنساني لا يميزون بين البشر في معتقداتهم.. أليست هذه شبيهة بـ»سمكة افريل»؟
إن مثل هذا النفاق الذي لا يملك فيه المرء جرأة الموقف هو عين الجبن، فلنعطي مثالا من هذه الألفية «حماية الإنسان المسلم من فيروس البشر في الصين، الذي استفحل في تشويه الإنسانية وعمد بكل الطرق العلمية أن يقمع النسل الإنساني، قتل الحيوان وتعذيبه، قتل الأجنة وأكلها نيئة، سوء تقويض معاملاتهم البشرية...وغيرها من الحقوق التي تهدر وتسفك كل يوم»..، ألهذه الدرجة الاسلام يسبب عقدة للغربيين ربما التكنولوجيا لم تُعَّلمهم بعد كيفية التعامل مع البشر بإنسانية بغض النظر عن معتقده؟.
لماذا نحن في البلدان العربية المسلمة نعامل الغرب بدون استثناء كالسّكان الأصليين ونحترم عاداتهم ودياناتهم وتقاليدهم؟
ألهذه الدرجة الإسلام مرعب، رغم رعب أفعالهم التي يمارسونها على الأقلية من المسلمين؟
ربما الكثير من السطحيين مازالوا يؤمنون أن الارهاب موجود في البقاع العربية، بينما نسوا إرهابية الاستعمار وبشاعة أفعالهم،وتاريخهم الدموي؟!
أليس اغتصاب الأرض، والنسوة، والدين، والتاريخ، هي الإرهابية عينها؟!
لماذا حينما يصاب غربي بالضرر تشفقون عليه، وتتحرك الإنسانية فيكم، في حين إذا تأذى مسلم أو مسلمة تهرعون للسب والقذف وسوء المعاملة، وتعمدون إلى حماية حق الغربي من العربي عامة والمسلم خاصة؟!.
كم أنتم مغفلون، تحسبون أن الغرب إنساني، إن الإنسان الحقيقي: هو البعيد عن التعذيب والإزهاق لأرواح البشر كانوا منهم أم الحيوان، وحتى النبات، فكل الطبيعة هي جزء من مجموعة إنسان، ناهيك عن بعض المتأسلمين الذين يحملون صفات غير انسانية، ومواقف غير ثابتة، لكونهم سفراء فاشلون للإسلام على عكس المسلمين والإسلاميين.
فبئس لتكنولوجيا تسوق الحمير، والضباع، والسباع، وبئس لعلم ما أنبت في الأرض البور ثمرة، وبئس لفأس لم تضرب الأرض لينبت علما، أيها الغرب أنت سطحي التخمين، وغبي التفكير، وأعمى البعد ليس نكتة ولكنها حقيقة، فالبرغم من العلم الذي وصلت إليه، إلا أن إصرارك للقضاء على عقدك، أثبت رجاحة نقدي، وقوة بصيرتي، أنا في منأى لأدافع عن المعتقد، بقدر دفاعي عن الإنسان الذي لم تصل إليه أسلحتك وأجهزتك التكنلوجية، ودوائك وعطورك، وألبستك، رغم كثرة رواجها واستعمالها وشهرتها.
فما حاجتي لعلوم الدنيا، وقداسة المعارف، وسعة المدارك، ما دمت لا أدرك بعد قيمة الإنسان، ولم أصل إلى أعمق علم، وهو «علم الإنسانية الذي قُلِبَ إلى علم الاجتماع».
فلو وفر الغرب عليه عناء البحث عن مبيد للمسلمين، ومشقة العبث في الإنسان، واخترع لنفسه معتقدا أكثر فتكا من سلاح الإسلام،وأكثر نباهة، وأعمق مدخرا، وأمتن هدفا، حتى تصيب غايتك، و لا تقذف بعقدك على الاسلام، فهو مجرد معتقد، ولا معتقد قبل الإنسانية.
إن هذا الفكر السلوكي الذي استطاع خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وبداية الألفية الآنيةْ (ه) أنْ يصبح مفهوما مركزيا في القانون الدولي العام، فهو ينظم العلاقة بين المواطنين، وحكوماتهم في زمن قَلَّتْ فيه عدالة الحكم،يعقبه القانون الدولي الإنساني الذي ينظم العلاقة بين الأعداء والدولة المعادية في زمن الحرب، محاولا قصارى جهده أن يباري كل العقبات الإيديولوجية، رغم اشتراك حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في الهدف نفسه،وهو إيقاف معاناة الإنسان .
لقد قُذفت الحقوق في وثيقة مكونة من مجموعة قواعد تحمي صوريا في أوقات الحرب الأشخاص الذين لا يشاركون في الحرب أولم يعدوا قادرين على المشاركة فيه، مستخدمين في ذلك أعمق المصطلحات كقانون الحرب، أو قانون جنيف، أو حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة.
ويستمد هذا القانون أحكامه ومبادئه من ثلة من المصادر أهمها معاهدات جنيف الأربعة لسنة 1949 بالإضافة إلى البروتوكولات الإضافية، وتتجلى معاهدات جنيف الأربعة في: الاتفاقية الأولى والتي تخص أحوال المرضى والجرحى بالميدان، أما الاتفاقية الثانية فتكمن في تحسين أحوال المرضى في البحار، في حين تتمثل الاتفاقية الثالثة في كيفية معاملة أسرى الحرب،وأخيرا نجد الاتفاقية الرابعة تهدف إلى حماية المدنيين من الحرب.
أما البروتوكولات الإضافية فهناك بروتوكولان فقط، الأول يتعلق بحماية ضحايا النزاعات الدولية، وهو في نفس الوقت متمم لاتفاقية جنيف 1949، يتضمن بعض القواعد الخاصة بوسائل وأساليب القتال، في حين يمس البروتوكول الثاني ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية .
قالبرغم من أن القانون الدولي الإنساني لا يقوم إلا على مبادئ ثلاثة تتجلى في: الالتزام بالاحترام، وبكفالة احترام القانون الدولي الإنساني، وبتقديم المساعدة الإنسانية، وبحضر الإبادة الجماعية.
فبئس لهذه المبادئ الصورية، وبئس لهدف لم يسمو بالبشر ولم يرتقي به إلى الإنسانية، في حين كان من المفترض أن يجسد واقعيا هذا الهدف الإنساني الحقوقي الذي يشمل حياة كل إنسان، ألاو هو التخفيف من معاناة الإنسان، وما يتعرض له من إهمال وضياع لحقوقه، وبذلك فإن طبيعة العلاقة بين قانون الإنسانية، وإنسانية القانون هي علاقة حقوقية خالية من مصالح شخصية وأسلحة فتاكة محورهما الأساسي الإنسان فهما يهدفان إلى حماية حقوقه وازدهاره ورفاهيته، رغم اختلاف تعريفات ومبادئ وخصائصه كل واحد منهما.