الأرمـادا ARMADA أو« الأسطــول» المنـزوع السـلاح

بقلم: الطاهر عرفة مفتش التربية سابقا

 في حصة تلفزيونية حول العنف المدرسي ، وصف أحد مسؤولي التربية، المحترمين، هيئة التفتيـش والمراقبـة بالأرمـادا داعيا إلى إبعاد هذه الهيئة عن الساحة التربوية ليتمكن المعلمون و الأساتذة، على حد زعمه، من أداء مهامهم في ظروف ملائمة.
ليعلم زميلنا المحترم أن لكل علم مصطلحاتـه. ومصطلح الأرمادا عسكـري بحـري، لم نعثرعليه في أي مرجع تربـوي أو نفساني، طيلة امتهاننا لهذه المهنـة التي لا نزال نعتقد جازمين أنها رسالة حضارية شريفـة، ولوأنهـا شحيحة.
فإذا كان يهـدف من وراء تعبيـره هذا إلى دغدغة عواطف طرف من أطراف الجماعة التربوية، على حساب أطراف أخرى اعتقادا منه بأنها تمثل خصما له أو طرف صراع في المعادلة التربوية، فهو إما أنه يجهل العلاقة القائمة بين أطراف هذه المعادلة وإما أنه لا زال يعيش نظرة كلاسيكية لطبيعة العلاقة بين عناصرهذه «الأرمـادا « وبقية المتعاملين معها التي عرفها في العصورالوسطى. ومهما يكن فسواء أكان هذا أو ذاك فليطمئن زميلنا بأن هذا النوع قد انتهى منذ عقود من الزمان وأن العلاقة بين أطراف الجماعة التربوية هي علاقة تكاملية ولم يعرف أن وقع عنف بين معلم ومفتش أوبين أستاذ ومفتش.إنما العنف الذي طفا مؤخرا على سطح المنظومة التربوية بين التلميذ والأستاذ إنما يندرج في إطارالسلوك الاجتماعي العام الذي عاشه المجتمع في العشرية الدموية. فإذا كان الكبار يمارسون العنف تجاه بعضهم البعض فماذا ينتظرمن الصغارالذين هم صورة مصغرة لمجتمع الكبار.

إذا كان رب البيت بالطبل ضاربا  فلا تلومن الصبيان على الرقص

إذا كان الكل مريضا فهل يعقل أن يظل الجزء سليما؟؟؟ . ومهما يكن فإن للأرمـادا ثقل عسكري، وكثيرا ما يمثل هبة الدولة. فقد كان لغرق الأرمادا الإسبانية عام 1588 أثرا سلبيا على مكانتها العسكرية. كما كان لتحطم الأسطول الجزائري في معركة نافارين عام 1827 نتائج سلبية على هذه الدولة وعامل ضعف في مواجهة الغزو الفرنسي للجزائر. وإن ما يراه من عنف في المؤسسات التربوية قد يرجع بعضه إلى تهاوي الأرمادا التي يقصدها أو بسبب تجريدها من «سلاحها» (صلاحياتها) منذ 1988.حيث كسر العمود الفقري للمنظومة التربوية والعين الساهرة على ضمان رسوهذه الأرمـادا على شاطيء الأمان.
وعلى أي حال فجزاه الله عنا خيرا بأن شرفنا بهذا الوصف، خلافا لأحد زملائه الذي قال ذات يوم في اجتماع لمديري مدارس الولاية التي يدير فيها التربية « انفضوا عنكم غبارالمفتشين» محاولا ربح كل فئـة على حـده فخسر جميـع الفئـات. وعلى أي حال:
فإن المتفرجيـن في الملعـب لم يدخلـوا بالضرورة كلهم من البـاب .

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024