انعكس انجاز ترامواي الجزائر بدخوله حيز الاستغلال التجاري منذ ٠٨ ماي ٢٠١١ والمترو بصفة ايجابية على قطاع النقل بالعاصمة وكذا على تنقلات المواطنين كونهما يعدان من أهم الانجازات الاقتصادية والاجتماعية، كما أصبحا يشكلان أحد أهم معالم القطاع التي بدأت تساهم في احداث نمو اقتصادي وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين من خلال اضفاء الحداثة التكنولوجية على النقل بالعاصمة بعد أن كان هاجسا حقيقيا ومشكلا عويصا ينغص حياة ساكنيها وكل من يدخل الى العاصمة.
وفي المقابل لم يكن لهذين الانجازين نفس الاثر على باقي وسائل النقل حيث قضى على فرص نشاطها لاسيما بشرق العاصمة وتحديدا خط عين طاية ـ الجزائر، برج الكيفان ـ باب الزوار، برج الكيفان ـ الحراش، حيث أجمع أصحاب وسائقو الحافلات التي تنشط بهذه الخطوط في تصريحات مقتضبة لـ«الشعب» في جولتها الاستطلاعية على الشلل والضرر الكبير الذي لحقها من دخول الترامواي حيز الاستغلال التجاري على نشاطهم، زادها تعقيدا الازدحام المروري الذي جعل المسافرين يهجرون حافلاتهم.
في هذا الصدد أكد السائق محند الذي ينشط على مستوى خط عين طاية ـ الجزائر أنه سئم هذه المهنة خاصة وأن ظروف ممارستها تغيرت للأسوأ معبرا بهذه العبارة «ماتت الخدمة نكذب عليك» من يوم دخول «الترام» إلى الخدمة، بالإضافة إلى التوقف مطولا في المواقف دون فائدة، مشيرا إلى أن الفرصة الوحيدة فقط التي يمكن اقتناصها هي ساعات الذروة سواء في الصباح أو المساء عند خروج وعودة العمال.
وأضاف محدثنا أنه نتيجة للأشغال المتعددة على طول الخط أصبح هناك تجاوز لكثير من المواقف من خلال الدخول مباشرة إلى عين طاية ما تسبب في هجر الكثير من المسافرين لحافلاتهم، ويبقى موقف كل من محطة الخروبة وبلكور النقطتين الوحيدتين النشطتين بالنسبة لهم.
نفس الانطباع رصدناه لدى خالد قابض الحافلة بمحطة برج الكيفان التي تنشط على خط برج الكيفان ـ الحراش الذي أكد أن الكثير من المسافرين هجروا حافلاتهم بعد انجاز البديل الذي يربط بين الكثير من البلديات والمناطق الاجتنابية المتمثل في الترامواي الذي سمح بالقضاء على هاجس النقل داخل هذه المواقع من خلال المرور بمركزها بعدما كانت الحافلات تضعهم على قارعة الطريق السريع، فيتكبدون المشي لوقت طويل.
أما جمال سائق الحافلة الوحيدة التي بقيت تنشط على خط برج الكيفان ـ باب الزوار بعد أن كانت أربع حافلات فتأسف للشلل التام الذي عرفه هذا الخط، خاصة وأن «الترام» يمر على كل النقاط التي كانت تنشط فيها الحافلات، ما أدى إلى عزوف المسافرين عن استعمالها في ظل الظروف الجيدة والسريعة التي يقدمها كوجود التكييف ومقاعد للجلوس تتجاوز ٢٠٠ مقعد ومساحة كافية للوقوف، خاصة وأن هذا الخط يعرف حركة مرورية خانقة على طول الطريق لاسيما بمفترق الطرق الأربعة إلى غاية مركز باب الزوار بسبب ضيق المساحة التي يمر عليها خط الترامواي ومرور السيارات ذهابا وإيابا، وكذا تواجد محطة توقف حافلات نقل الطلبة بالإقامة الجامعية عبد القادر بلعربي المعروفة بـ «كوب ١»، والذي يزداد تعقيدا وانغلاقا عند سقوط الأمطار، وبالتالي فالبديل الأكيد والسريع والمريح هو الترامواي.
وقال ذات المتحدث أنه في كثير من الأحيان عندما يعود خاليا من باب الزوار فانه مباشرة يتجه لنقل المسافرين موقف حي ٠٨ ماي ٤٥ المعروف بـ «السوريكال» خاصة وأن هذا الحي يفتقد لسيارات أجرة للنقل الجماعي والذي غادره حتى سائقو «الكلوندستان»، ما عدا الحافلات التي تنشط على خط سوريكال ـ كيتاني والتي في كثير من الأحياء يلجأ أصحابها إلى تجاوز المواقف التي يمر عليها «الترام» ابتداء من قصر المعارض ليتم تحويل الاتجاه إلى الخط المباشر الجزائر العاصمة عبر الطريق السريع.
وحسب جمال يبقى البديل في تعديل منحنى الخط عبر المرور بالأحياء الجديدة لباب الزوار بدل الاقتصار على المركز فقط على غرار حي عدل ١ و٢ باعتبارهما حيين يعرفان حركية تجارية لتواجد المركز التجاري لباب الزوار وكذا السوق الأسبوعي لحي ٠٥ جويلية يومي السبت والثلاثاء وذلك لتعويض موقف برج الكيفان الذي يمر على الترامواي على عدة نقاط سمحت بتغطية مركز البلدية.
وفي المقابل يبقى المواطن القاطن بشرق العاصمة ووسطها هو الرابح الوحيد من هذه الانجازات الجديدة التي أحدثت نقلة نوعية في قطاع النقل بالجزائر، حيث انتهى هاجس المواصلات من حياتهم كونها ربطت شرق العاصمة بالوسط ابتداء من محمود ميموني ببرج الكيفان إلى غاية حي المعدومين والذي تعزز بدخول المترو حيز الخدمة، ما أحدث فارقا كبير رغم الاختلاف المسجل لدى المواطنين حول أسعار التذاكر لكن يبقى الرضا السمة الغالبة على مواقفهم.
في هذا الاطار أعربت كريمة موظفة بوزارة المالية أنها تستعمل الترامواي عند ذهابها من باب الزوار إلى حسين داي مستغنية بذلك عن الحافلة التي تضعها في موقف «بروسات» وما تحملها تلك الطريق من مخاطر نظر لعزلة الجسر الرابط بن الموقف وحسين داي، وأحيانا تلجأ إليه لتستخدم المترو فيما بعد عند التوجه إلى الحامة، متمنية ان يتم فقط وضع تذكرة «ترام ـ مترو» بالنسبة للترامواي على غرار تذكرة «مترو ـ ترام» بالنسبة لمترو الجزائر لأن ذلك يقلص من المصارف بـ ٣٠ دج ليكون سعر التذكرة بالكامل ٧٠ دج.
أما سميرة فقالت أنها تخلت نهائيا عن الحافلة بعد دخول الترامواي حيز الاستغلال التجاري عند ذهابها إلى العمل، ونفس الأمر بالنسبة لسمير مهندس في الاعلام الالي بقصر المعارض، حيث أشار إلى أنه يكفي فقط أن يستيقظ في الوقت المناسب خاصة وأنه يعرف المدة التي يستغرقها للتنقل ومن ثم زالت مشاكل التأخر في الالتحاق بمنصب العمل، حيث أجمع كل من تحدثنا إليه أن الترامواي نفّس عن الكثير من المسافرين القاطنين بشرق العاصمة وقضى على كل هواجسهم المتعلقة بالمواصلات ويتوقع أن تزداد الآثار الايجابية لهذه الوسيلة أكثر عند الانتهاء من أشغال توسعة ترامواي الجزائر في شطره الرابط بين برج الكيفان وقهوة الشرقي مع نهاية شهر أكتوبر المقبل على أن يكون استغلاله التجاري نهاية السنة ـ حسب ـ ما أكده وزير النقل عمار تو في وقت سابق لدى زيارته لورشات أشغال التوسعة لترامواي الجزائر شطر برج الكيفان درقانة الممتد على ٧ كلم، في انتظار إطلاق المناقصة الخاصة بانجاز توسعة الترامواي من محطة المعدومين إلى غاية بئر مراد رايس على طول ٦ . ٤ كم خلال أكتوبر أو نوفمبر المقبلين.