توجيه إعذارات للمستفيدين لاستئناف نشاطهم
تسابق ولاية سوق أهراس الزمن من أجل إحداث نقلة نوعية على جميع المستويات التنموية، فالولاية ورشة واحدة مفتوحة على جميع القطاعات الإسكان والبنية التحتية، وكذا أهم قطاعين حيويين الاقتصادي والزراعي،وفق مخطّط خماسي مدعّم يرتبط باستغلال مقوّمات الولاية بحكامة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب للبلاد، مع ضرورة إشراك المواطن في مختلف الأنشطة التي باشرها الجهاز التنفيذي، استكمالا لما قدّمه طيلة الـ 03 سنوات الأخيرة.
يعكف الجهاز التنفيذي على متابعة لصيقة لمختلف المشاريع الممنوحة، والتي قدّمت لها جميع التسهيلات في إطار ملف الاستثمار طيلة الـ 03 سنوات الأخيرة، سياسة التقييم وجها لوجه والتي باشرها السيد عباس بداوي والي الولاية منذ تنصيبه على رأس الولاية، من أجل إيجاد فعالية أكبر للاداء في تسيير مختلف المشاريع وتقريب الادارة من المواطن، ومن أجل تدارك التأخر الكبير الذي لم تخرج منه ولاية سوق أهراس بعد فيما يخص انطلاق المشاريع الاستثمارية، التي أعطيت لها مختلف الفرص الادارية والبنكية والمرونة الكافية في سبيل الصالح العام، وهو تجسيد المشاريع وإيجاد مناصب الشغل وإعطاء جرعة كافية لانطلاقها في أحسن الظروف.
وبمجموع 10 دوائر وحوالي 26 بلدية وضعت تحت المجهر طيلة 06 أشهر الأخيرة، في معاينة ميدانية لواقع التنمية المحلية بالولاية، والاستماع عن قرب لانشغالات المواطنين في لقاءات جوارية مع الجهاز التنفيذي نهاية كل زيارة ميدانية، نظّمت الولاية لقاءً إعلامياً للمستثمرين حول أهم مناطق التوسع الصناعي (بئر بوحوش، مداوروش، سدراتة، المراهنة) حيث سجّل قلق شديد بشأن الوتيرة البطيئة التي تسير بها مختلف المشاريع. وفي حصيلة أولية هناك أزيد من 126 مشروع بحق الامتياز من مجموع 169 ملف تمت الموافقة عليها في الفترة الممتدة من ٢٠١٠ إلى 2015، و61 مشروعا من مجموع 77 في الفترة الممتدة من 2015 إلى يومنا هذا.
استراتيجية التقييم للمشاريع الاستثمارية الممنوحة ارتكزت على ثلاث نقاط جوهرية تأخذ بعين الإعتبار طبيعة المشروع والحالة المتقدمة في تسوية مختلف الإجراءات الادارية للانطلاقة في تجسيده، من خلال التصنيف إلى مشاريع منحت لها حق الاستفادة ومشاريع أخرى منح لها حق الاستفادة، الى جانب عقد الامتياز والمشاريع من الصنف الثالث منحت لها رخصة البناء.
درست مختلف المشاريع حالة بحالة، وتمّ الوقوف على العراقيل التي يعاني منها المستثمرون، وكذا إسناد المسؤوليات للفئات التي استفادت من مختلف التسهيلات، لكن للأسف المشاريع لم تنطلق أو انطلقت انطلاقة محتشمة لا ترتق للجدية التي ينتظرها الجهاز التنفيذي لتحقيفق إقلاع فعلي في هاته الولاية، لتوجّه جملة من الاعذارت للمشاريع ذات الصنف الثالث ممّن تمّ منح المستفيدين كل التسهيلات من حق الاستفادة وعقد الامتياز ورخصة البناء لكنها لم تنطلق بعد وفق العروض المقدمة، وبالصور للمشاريع حالة بحالة.
من جهة أخرى، تعاني أغلب المشاريع الممنوحة من افتقاد الإرادة الجادة وروح المبادرة في عملية التجسيد، الأمر الذي دفع والي الولاية إلى تشديد الصرامة في تناول الملف، وتوجيه أعذارات للعديد من المستثمرين مدتها شهرا في انتظار انطلاقة حقيقية ترقى إلى مستوى المشاريع الممنوحة، مؤكدا «أنّنا وعلى رأس الجهاز التنفيذي حاضنين لمختلف المشاريع التي تم منحها، نقدم جل التسهيلات في الاطار القانوني طبعا، لكن من زاوية أخرى نحن مجبرون على دفع الملف دفعا حقيقيا في سبيل خلق الثروة وتوفير مناصب الشغل».
مؤكّدا أنّ «ردود أفعالنا على رأس الجهاز التنفيذي هي عملية تطبيق للقانون لا غير، بغرض تسيير الملف وفق الوجهة الصحيحة، كما أنّنا مجبرون على استرجاع العقار الممنوح لكل من تثبت في حقه التجاوزات القانونية والتراخي في تجسيد المشاريع الممنوحة.
كما عقد نهاية الشهر الماضي لقاء مع المجلس الشعبي الولائي من أجل تقييم واقع التنمية في الشريط الحدودي، حيث تم تقديم مختلف التسهيلات للمشاريع الممنوحة على مستوى الشريط الحدودي من أجل استقطاب السواح على وجه الخصوص، وتوفير أهم المرافق الضرورية بهاته المنطقة الحيوية دفعا لعلاقات جوار أكثر عمقا مبنية على استراتيجية التعاون والتبادل المثمر.
الجفاف...الشّبح الذي يهدّد الفلاحة
القطاع الفلاحي أيضا في صدارة اهتمامات الولاية، بل النشاط الأكبر لمختلف مواطني الولاية، إذ يحوز على ما يوازي 60 بالمئة من اليد العاملة، ومن جملة التقارير المرفوعة لواقع القطاع، فقد بلغت إنتاج الحبوب الموسم الماضي ما يفوق المليون قنطار من الحبوب والبقوليات، وهو في تزايد رغم الأحوال الجوية الصعبة التي ضيّقت على الزراعات المعاشية التي تعتمد على الأمطار، كما أنه كلما تراجعت الأمطار تراجع معها منسوب مياه السدود وعلى رأسها سد عين الدالية الخزان الكبير للمياه، الذي شكل هذا العام هاجس الجهاز التنفيذي في تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، ناهيك عن المياه الموجهة للسقي والتي انحصرت نسبة التزود بها الى مستويات مخيفة، والتوجه الى الاعتماد على المياه الجوفية والآبار الارتوازية التي تمثل شبكة التزويد التقليدية والتي شكلت منفذ نجدة لموسم الجفاف الصائفة الماضية.
كما يراهن القائمون على القطاع الزراعي بإحداث نقلة نوعية من خلال محاولة التوجه الى الزراعات التجارية على غرار زراعة البقوليات والحبوب الجافة وكذا زراعة الزعفران والخضر والفواكه المحلية ذات القيمة التجارية الكبيرة. وقدّمت العديد من التسهيلات في هذا الاطار للمستثمرين في القطاع الفلاحي، أملا في أن تشكّل هاته المشاريع نقلة نوعية في إيجاد مصادر للثورة ومناصب للشغل.
الرّهان على مصنع الفوسفات بوادي الكبريت
في ثلاثية اقتصادية قلّما تتوفر في نطاق جغرافي محدود، شكل قرب سد وادي ملاق إلى قاعدة توليد الطاقة الشمسية لوادي الكبريت، وبتوفر رؤية اقتصادية استشرافية، تمّ وضع حجر الأساس للقاعدة الصناعية لمجمع تحويل وتكرير مادة الفوسفات على أرضية بلدية وادي الكبريت الرابطة بين ولايتي تبسة وسوق أهراس، تهيئة هاته القاعدة الصناعية التي تتربّع على مساحة تزيد عن 600 هكتار، يضم ثلاث وحدات الأولى لإنتاج 4500 طن يوميا من حمض السيليفيريك والثانية لإنتاج 1500 طن يوميا من الحمض الفسفوري، فيما تخص الوحدة الثالثة إنتاج 3 آلاف طن من المادة الموجهة لإنتاج الأمونياك، يستند إلى مجالين حيويين رئيسيين وهما الربط بمحطة الطاقة الشمسية وادي الكبريت.
من خلال هذا الاستطلاع الميداني أردنا أن نعرف حدود هذا المشروع الكبير الذي تراهن عليه أكبر ولايتين حدوديتين (سوق أهراس وتبسة) من أجل إخراجهما من دائرة التخلف، وولوج عالم الصناعة من منطلق الصناعات الثقيلة التي يرتقب أن توفر ازيد من 1300 منصب شغل دائم.
المشروع لا يزال في طور الإستكمال خاصة بعد اكتمال تسليم مشروع سد وادي ملاق الذي يعتبر المحرك الرئيسي لإنجاز مشروع مصنع الفوسفات لوادي الكبريت، تراهن عليه ولاية سوق أهراس وكذا ولاية تبسة والشريط الحدودي ككل في إحداث مجال حيوي يعيد للمنطقة الحياة من جديد، وينتظر أيضا أن يلعب دورا استراتيجيا هاما، خاصة ونحن في أمس الحاجة لمصادر أخرى للثروة تدعيما للاقتصاد الوطني بعد تراجع عائدات المحروقات.