شكّل قرب سد وادي ملاق إلى قاعدة توليد الطاقة الشمسية لوادي الكباريت، أرضا خصبة لوضع حجر الأساس للقاعدة الصناعية لمجمع تحويل وتكرير مادة الفوسفات ببلدية وادي الكبريت الواقعة بين ولايتي تبسة وسوق أهراس، هذه القاعدة الصناعية تتربّع على مساحة تزيد عن 600 هكتار، تضم ثلاث وحدات الأولى لإنتاج 4500 طن يوميا من حمض السيليفيريك والثانية لإنتاج 1500 طن يوميا من الحمض الفسفوري، فيما تتكفّل الوحدة الثالثة بإنتاج 3 آلاف طن من المادة الموجهة لإنتاج الأمونياك، “الشعب” زارت هذا المشروع الكبير الذي تراهن عليه أكبر ولايتين حدوديتين (سوق أهراس - تبسة) للخروج من دائرة التخلف، وولوج عالم الصناعة من منطلق الصناعات الثقيلة التي يرتقب أن يوفر أزيد من 1300 منصب شغل دائم.
مصنع تكرير الفوسفات... الثالث إفريقيا
تعتبر مادة الفوسفات الحيوية موردا اقتصاديا طبيعيا هاما، تعتمد عليه الجزائر في تدعيم صادراتها إلى جانب المحروقات، إذ تملك الجزائر احتياطيا من الفوسفات يعتبر السادس عالميا بعد كل من الصين، الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، المغرب وتونس، ويقدر مخزونها بنحو ملياري طن، لكنه لم يستغل بالشكل الكافي إلى حد الآن.
يأتي هذا المشروع على رأس المشاريع التي تعوّل عليه السلطات العمومية لتحريك عجلة الإقتصاد الوطني خارج قطاع المحروقات، والدفع بالمشاريع الصناعية الكبرى ذات البعد التجاري، في ظلّ تراجع إيرادات النفط بسبب تهاوي أسعاره في الأسواق العالمية، فبات التوجه نحو استغلال الثروات الباطنية والطاقات المتجددة أمرا لا مفر منه، لضمان مداخيل جديدة للخزينة العمومية، وتوفير مناصب شغل سيما لخريجي المعاهد والجامعات لتقليص نسبة البطالة وسط فئة الشباب.
ومن هذا المنطلق يعد مشروع مصنع وادي الكباريت الذي انطلقت أشغاله العام الماضي بشراكة مع مجموعة اندوراما الاندونيسية التي تعدّ من أكثر المجموعات نموا في العالم في مجال البتروكيماويات والأسمدة إذ تنشط في 4 قارات حول العالم ويبلغ عدد موظفيها 14000 عامل.
مناجم تبسة للفوسفات تدخل حيز الاستغلال
المصنع يستند إلى استغلال منجم بلاد الهضبة ببئر العاتر بتبسة، بالشراكة بين مجمع منال بـ51% و49% لمجمع أندوراما الاندونيسي، وتبلغ طاقته الإنتاجية السنوية 10 ملايين طن من معدن الفوسفات و6 ملايين طن من الفوسفات المحول. ويتوفر المنجم على احتياطات تقدر بـ1.2 مليار طن من الفوسفات الخام، وهي احتياطات تغطي الإنتاج بالوتيرة المتفق عليها لمدة 100 عام، ويتوقع الشروع في الإنتاج بحلول 2019، ويقدر الاستثمار الأولى بـ1 مليار دولار، على أن يوفر المشروع 700 منصب شغل مباشر و2100 غير مباشر.
الشراكة تضم ثلاثة مشاريع حيوية، المشروع الأول يعتمد على استغلال المنجم الجديد للفوسفات ببلاد الهضبة بولاية تبسة الموقعة بين مجمع “مانال” بنسبة 51% و«إندورما” الأندونيسية بنسبة 49%، فيما يؤسّس المشروع الثاني على تحويل مادة الفوسفات لإنتاج الحمض الفوسفوري والدي أمونيون
“دي أ بي” بولاية سوق أهراس بين مجمع “أسميدال” و«مانال” بنسبة 51% ومؤسسة “إندورما” الأندونيسية بنسبة 49%.
أما المشروع الثالث فيخصّ تحويل الغاز الطبيعي لإنتاج الأمونياك، ونيترات الأمونيوم التقني “تان” وكالسيوم أمونيوم نيترات بحجر السود بولاية سكيكدة موقعة دائما في ظلّ الاتفاقية المبرمة بين اسمدال واندورما الاندونيسية.
المشروع خصّص له ما يعادل 4.5 ملايير دولار، على أن تقفز إلى سقف 5 مليار دولار مع إرتقاب توقيع الإتفاقية الرابعة في إطار نفس المشروع بين الجزائر والمجمع الفرنسي رولييه.
سدّ وادي ملاق... الرافد المائي الصناعي والزراعي
سدّ وادي ملاق والذي يقع بـ60 كلم جنوب ولاية سوق أهراس، انطلقت الأشغال به في أكتوبر 2011، تصل طاقته إلى 150 مليون متر مكعب يوجه أساسا لتزويد مركب تحويل الفوسفات ببلدية وادي الكبريت بالمياه وكذا سكان كل من الونزة ولعوينات ولاية تبسة بالمياه الصالحة للشرب.
تراهن كلّ من ولايتي سوق اهراس وتبسة على هذا الرافد المائي الكبير والذي يحلّ في المرتبة الثانية بعد سدّ عين الدالية، في فك العجز الذي تعاني منه الولايتان في المياه الموجهة للري الزراعي والمياه الصالحة للشرب الموجهة للاستهلاك المنزلي، خاصة ولاية تبسة في كل من دائرتي العوينات والونزة.
السد عبارة عن حاجز رئيسي من الخرسانة المتماسكة المبرومة يجمع مياه التساقطات على مدار السنة وفق دراسة جيولوجية للمنطقة من انجاز شركة كوسيدار للأشغال العمومية مدعم بالعديد من المنشآت الملحقة من بينها مفرغ ونظام تفريغ من العمق، موجه خصيصا إلى تعبئة الموارد المائية لولايتي سوق اهراس وتبسة (العوينات، الونزة)، من أجل التموين بمياه الشرب والسقي وكذا يراهن عليه القائمون أن يكون الممون الرئيسي للمجمع الصناعي للفوسفات بوادي الكباريت، وهو ما دفع بالقائمين على القطاع بتموين ولاية أم البواقي بحصة مياه موجهة للشرب من سد عين الدالية على أن يكون سد وادي ملاق داعما لاحتياجات الولاية مستقبلا من المياه الصالحة للشرب أيضا.
قاعدة توليد الطاقة الشمسية مصدر تموين مصنع الفوسفات والسكان
يعوّل مشروع مصنع الفوسفات على محطة توليد الطاقة الشمسية لوادي الكباريت، لإمداده بالطاقة اللازمة، وتهدّ هذه المحطة الأولى من نوعها على مستوى الولاية والمتخصصة في إنتاج الكهرباء انطلاقا من الطاقة الشمسية بطاقة 15 ميغاواط، على مساحة 30 هكتارا بهذه البلدية المصنفة ضمن بلديات الهضاب العليا.
المحطة التي أسندت أشغال إنجازها إلى مؤسسة صينية مختصة في هذا المجال، من طرف شركة الكهرباء والطاقات المتجددة التابعة لمجمع سونلغاز، دخلت الخدمة بالتزامن وانطلاق أشغال مشروع مصنع الفوسفات، ومن شأن هذه المحطة أيضا أن تضمن التموين بالكهرباء بولاية تبسة الحدودية وتحسين نوعية الخدمة العمومية بهذه الطاقة النظيفة، فضلا عن فتح مناصب عمل لاسيما في الاختصاصات التقنية.
بهذا تراهن كلا من ولايتي سوق أهراس - تبسة على دفع عجلة التنمية في هاتين المدينتين الحدوديتين اللتان يعاني فيها الشباب من بطالة خانقة على السعي لتوفير عدد كبير من مناصب الشغل من هذه المشاريع الاقتصادية الحيوية المتمثلة في مصنع الفوسفات، ومحطة توليد الكهرباء وكذا سد وادي ملاق، ثلاث مشاريع يراهن عليها كثيرا لإخراج المنطقة من دائرة العزلة وشبح البطالة.
“الشعـب” تزور القاعـدة الصناعية وادي الكباريت
أول مجمع صناعــي لتحويل الفوسفات يستحدث أزيــد من 4300 منصـب شغــل
استطلاع: صحراوي.ح
شوهد:2261 مرة