تستعد العائلات والأسر الجزائرية للدخول المدرسي 2016 ـ 2017، في ظلّ تحولات عميقة يعرفها القطاع أهمها دخول الكتب المدرسية من الجيل الثاني، وبين الجدل حول الإصلاحات وتبادل الاتهامات بين الأسرة التربوية والوصايا وارتفاع حدة النقاش حول مستقبل المدرسة الجزائرية تطرح الكثير من الأسر الجزائرية قضية تزايد مصاريف الدخول المدرسي التي أصبحت هاجسا يغطي حتى عن التفكير في الجانب البيداغوجي واستيعاب الأولاد للدروس.
لمست «الشعب» في الاستطلاع الذي قامت به حول أسعار مستلزمات الدخول المدرسي فارقا كبيرا بين ما تعرضه محلات «تكنو» مثلا المختصة في تسويق الأدوات المدرسية وتجار السوق الموازي في ساحة الشهداء.
محافظ بـ 7000 دج
تعرض بعض المحلات محافظ بـ 7000 دج و5000 دج وغيرها من الأسعار التي تصيبك بالذهول حقيقة أن نوعيتها جيدة ولكن السعر يتجاوز الخيال، فمحل «تكنو» بشارع العربي ين مهيدي أسعاره تجاوزت المعقول.
وكشفت»مهدية / ب» ربة بيت وأم لثلاثة أولاد، أن أسعار المستلزمات المدرسية تعرف ارتفاعا قياسيا ومذهلا، فمن سنة لأخرى تزداد الأسعار دون سابق إنذار ومع تزامن الدخول المدرسي وعيد الأضحى، وقبلها بقليل رمضان وعيد الفطر كلها أمور جعلت من الدخول المدرسي عبئا ثقيلا علينا فمصاريف تدريس بنتين تفوق التكاليف 50 ألف دج.
وتساءلت في سياق متصل كيف لنا أن نقتني محافظ بـ 8000 دج إنه أمر غير معقول إنهم يدفعوننا للتوجه نحو الأسواق الموازية، ففي ساحة الشهداء مثلا المحافظ بين 1000 و1400 دج، وحتى المآزر لا يتجاوز سعرها 800 دج في الوقت الذي تعرض فيه متاجر المآزر وبنوعية رديئة بـ 1500 دج.
وكشف «حسن / ك» أب لثلاثة أبناء ويعمل في مخبزة عن إصابته بالهلع من الدخول المدرسي في ظلّ ارتفاع التكاليف التي ترتفع من سنة لأخرى وحتى الأبناء باتوا يطلبون المستحيل من لباس جديد ومحافظ جديدة ومستلزمات جديدة خاصة في ظلّ تنوع العروض التي تخطف عقول الأطفال، كما أن تواجد أطفال ميسوري الحال في المدرسة خلق نوعا من العقد لدى تلاميذ السر الفقيرة الذين باتا معقدين من قدم مستلزماتهم أو عدم تطابقها مع مستلزمات الأطفال الآخرين.
ودعا في سياق متصل إلى تكثيف العمل التضامني والتعاون لإنجاح الدخول المدرسي مذكرا بأن العديد من الأطفال في مناطق محرومة بتسبة لا تستطيع توفير أدنى المستلزمات وهو ما يجبر الكثيرين على منع أطفالهم من مواصلة التعليم.
الأدوات المدرسية في الطور الابتدائي بين 5000 و9000 دج
قامت «الشعب» بحسابات تقديرية لأسعار مستلزمات الطور الابتدائي حسب القائمة التي تحصلت عليها «الشعب» من متاجر «تكنو» والتي تعتبر تقديرية في نظرهم وبعمليات حسابية، فالسنة الأولى مثلا يحتاج فيها التلميذ 28 مستلزما منها 3 كراريس فقط بينما الباقي عناصر للأشغال اليدوية ومساطر.
ويعتبر هذا السعر دون المحفظة التي أن احتسبنا سعرها بالإضافة إلى المئزر، والكتب فالسنة الأولى ستكلف 5000 دج.
ومن السنة الأولى التي لا تبتعد كثيرا عن السنة الثانية، فالسنة الثالثة يمكن أن تصل إلى 6000 دج أو أكثر مع أسعار الكتب، والسنة الرابعة تفوق 7000 دج لوجود كتب مدرسية تفوق السنة الثالثة بكثير.
أما السنة الخامسة فالأسعار يمكن أن تصل إلى 9000 دج بالأخذ بعين الاعتبار المحافظ التي تكون أكبر، والكتب والمآزر.
وبإجراء مقارنة بسيطة مع أسعار الأسواق الموازية فالسعر يمكن أن يتقلّص إلى النصف، فكراس 288 صفحة عند متاجر «تكنو» بـ 230 دج بينما في السوق الموازي فيعرض بـ 120 دج ، وكراس 192 صفحة بـ 120 دج بينما في السوق الموازي بـ 80 دج وهكذا بالنسبة بمختلف الأدوات.
الأساتذة محرجون...
كشف العديد من الأساتذة إحراجهم الكبير عن تقديم قائمة المستلزمات المدرسية بالنظر للغلاء الكبير الذي تعرفه ومعرفتهم المسبقة بالأوضاع المعدمة للعديد من الأسر قائلا «إن شرق العاصمة يعرف أوضاعا اجتماعية مزرية فجل العائلات فقيرة وتعيش أوضاعا مزرية وعليه نراعي الكثير في هذا الجانب فلا نتكلّف في تقديم مستلزمات غالية ونحرص دائما على توعية التلاميذ بالحفاظ على أدواتهم لاستخدامها في السنوات القادمة».
وأضاف نفس المصدر في تصريح لـ»الشعب» لقد درست أبناء البيوت القصديرية وكان أباء التلاميذ يحضرون ويتوسلون عدم توبيخ أبنائهم لأن الكثير من هؤلاء الآباء كان من دون دخل، وله عدد كبير من الأولاد.
وقالت الأستاذة «شهرزاد / ل» معلمة طور ابتدائي من ولاية شرقية التقينا بها في العاصمة، بأن أسعار المستلزمات المدرسية باتت لا تطاق وهو أمر يزيد من متاعب الأسر والتلاميذ هم من يدفع الثمن فتراهم يتحرجون كثيرا من عدم إحضار بعض المستلزمات، وهناك من يتعقد من رؤية زملائه وهم يستعملون أدوات غالية جدا وهو عاجز عن شراء غلاف كراس».
يظهر أن منحة 3000 دج التي تمنحها الدولة كمنحة للأسر الفقيرة على كل تلميذ لن تسدّ رمق الكثيرين في ظلّ الغلاء الكبير للمستلزمات وتزامن الدخول المدرسي مع العديد من المناسبات.
ودعا الأساتذة والأولياء الذين التقينا بهم إلى ضرورة تخصيص محافظ بالمستلزمات المدرسية بدلا من تقديم تلك المنحة نقدا، لأنها تحلو عن وجهتها من قبل الكثير من الأولياء الفقراء الذين يدفعون بها تكاليف أخرى.