عدم ضمان المناوبة يعرقل السّير الطّبيعي للمصالح
تشهد عدة مصالح إدارية بولاية معسكر تعطلا في سير خدماتها العمومية، لاسيما تلك التي تربطها علاقة يومية بالمواطن على غرار المصالح الاستشفائية والإدارية بسبب خروج مسؤوليها في عطلة سنوية، وعدم التزام الإطارات المناوبة لهم بالنظام المعمول به في الإدارة من خلال تبسيط مختلف الإجراءات والمعاملات الإدارية، وضمان السير الطبيعي لمصالح الإدارة العمومية.
ظل الوضع يخلق حالات من الفوضى والتوتر واستياء واسع بين المواطنين، الأمر الذي يجعل جهود الدولة في تحسين المرفق العمومي وعصرنة الإدارة العمومية يذهب سدى ويقلّ شأنا أمام انشغالات المواطنين التي تكاد لا تنتهي.
طبيب واحد مناوب والبقية خارج المداومة بمصالح الاستعجالات
وقفت «الشعب» على عينة من مظاهر الفوضى والاكتظاظ على مستوى بعض المرافق العمومية على غرار المؤسسات الاستشفائية التي غالبا ما تكون مشاهد الفوضى بها متكررة على مدار السنة، فعلى مستوى مصلحة الاستعجالات مسلم الطيب بعاصمة الولاية، يتوافد العشرات من المواطنين لتلقي العلاج، ويتكفل طبيب واحد مناوب بمعاينة الحالات المستعجلة، كما يضطر للغياب فترات طويلة للتكفل بالحالات الأكثر استعجالات التي تستقبلها المصلحة في نهاية كل يوم، منها حالات الإصابة في الحوادث والاعتداءات، حالات التسمم ومحاولات الانتحار، ويؤدي غياب الطبيب المناوب لبضع دقائق إلى ارتفاع عدد المرضى بقاعة الانتظار، فوجود طبيبا مناوبا واحدا لا يكفي حتما لمعاينة العدد الكبير من المرضى و المصابين بالمصلحة، مما يستدعي من جهة حسب ما يطالب به أهل المرضى ومرافقيهم، مضاعفة عدد الأطباء المناوبين بمصلحة الاستعجالات لضمان التكفل الأمثل بالمرضى وعمل الطاقم الطبي في أريحية تامة، وهو حال باقي مصالح الاستعجالات بمستشفيات سيق، المحمدية، غريس وتغنيف التي تستقبل العشرات من الحالات المرضية والإصابات في ساعات متأخرة من الليل بدون أن تلقى التكفل الأمثل، ومثلها مصلحة الأمومة والطفل التي دخلت حيز الخدمة قبل سنتين،
وتعيش ضغطا كبيرا من طرف نزيلاتها المقبلات على الولادة أو إجراء عمليات جراحية، أين تسجّل المصلحة أيضا عجزا في التكفل بالمريضات، إلى جانب خروج أغلبية الأطباء الأخصائيين في عطلة وغياب المناوبين عن الخدمة بدون مبرر، مما يضع قطاع الصحة في ورطة كبيرة، يلقاها الطاقم الشبه الطبي بصدور عارية، مثلما يحدث بمصلحة الأشعة والفحص المتخصص بمستشفى يسعد خالد، أين يتواجد طبيبين مختصين في الأشعة خارج الخدمة بسبب العطلة السنوية، ويكتفي طبيب واحد مناوب بضمان خدمات قليلة للحالات المستعجلة لاسيما إصابات حوادث المرور، بعد ضغط واتصالات متكررة من طرف الطاقم الشبه طبي
ورئيس المصلحة، الذين يجدون أنفسهم تحت ضغط رهيب بسبب توافد الكثير من المرضى من مختلف تراب الولاية ونزلاء المستشفيات قصد الحصول على خدمات الأشعة المتخصصة، حيث يتكفل بهم الممرضون، لكنهم لن يحصلوا على التقارير النهائية للأشعة إلا بعد فترات طويلة تصل لأشهر، لتبدأ مرحلة انتظار التشخيص أو بما يتداول في الوسط الطبي بترجمة تقرير الأشعة من طرف الطبيب المختص، حتى أن بعض المرضى يتعذر عليه أخذ موعد لإجراء الأشعة إلا بعد توصية أو تدخل من طرف مستخدمي المؤسسة الاستشفائية، زيادة عن التعطلات الدورية التي تتعرض لها أجهزة السكانير.
والأمر الحاصل بمستشفى يسعد خالد، استاء له حتى الطاقم الشبه الطبي، الذي طالب أهالي المرضى بإبلاغ المسؤولين المحليين عن تجاوزات الأطباء الأخصائيين بسبب غياباتهم المتكررة وغير المبررة وسلوكاتهم مع المرضى، إلى جانب تقاذف المسؤوليات بين الأطباء المختصين في الأشعة، فيما تجد مصالح القطاع الوصية نفسها عاجزة عن لوم هذه الفئة بسبب مخاوفها من هجرتهم للمستشفيات لاسيما وأن القطاع الصحي بمعسكر قد عانى سالفا وطويلا من عزوف الأطباء الأخصائيين عن العمل بمستشفيات الولاية، أما عن الموضوع وللبحث عن وجهة نظر مدير الصحة للولاية، فقد تعذّر ذلك بسبب وجوده هو الآخر في عطلته السنوية وانشغاله بارتباطات عائلية مع نجله المصاب بمرض خبيث.
المواطن ضحية العطل وتنصّل المستخدمين المستخلفين عن مسؤولياتهم
ولا يختلف الوضع في مستشفيات معسكر عن غيره في باقي المؤسسات والمرافق العمومية التي خرج مسؤوليها في عطلة سنوية، حيث تتخبط الإدارة العمومية في مشاكل يومية لا تعد ولا تحصى مع المواطنين، منها تلك التي غالبا ما تثير احتجاجات متفرقة في مصالح البلديات، وباقي الإدارات العمومية لم تسلم منها حتى المصالح الإدارية لقطاع العدالة، التي أثارت حفيظة الرأي العام المحلي بعد إدانة إطار سامي في جهاز الشرطة لدى مطالبته بالحصول على وثائق الجنسية لابنيه التوأم ، نالا شهادة البكالوريا مؤخرا، ولأنّ تأخر إعداد الوثيقتين لأكثر من يومين، ثار غضب عميد الشرطة المدان أمام موظفي محكمة تغنيف ليتورط في تهمة إهانة هيئة قضائية، ثم تتواصل سلسلة استياء المواطنين من مستويات الخدمات العمومية المتدنية لتصل إلى حدود مماثلة من إطارات دولة ومواطنين عاديين يواجهون يوميا سلوكات منافية للقانون والنظام العام للإدارة من طرف مستخدمي الإدارة العمومية، على سبيل الحال تذمّر سكان الولاية من عدم رد مصالح الجزائرية للمياه على الخط الأخضر لاستقبال شكاويهم والاستجابة لانشغالاتهم المرتبطة بانقطاعات المياه وتذبذب توزيعها، لا لسبب غير وجود مدير وحدة الجزائرية للمياه خارج مهامه في عطلة سنوية، وعدم امتثال مستخدمي الوحدة لقواعد الانضباط و الواجب المهني.
لجنة تفتيش لفرض النّظام على مستوى الإدارة المحلية والملحقات الإدارية
من جهة مشابهة تتعلق بتدني مستويات الخدمة العمومية وتعطلها لمجرد خروج المسؤولين المحليين في عطلهم السنوية التي تعتبر حقا قانونيا بل إنسانيا، تواجه الإدارة المحلية بمعسكر مشاكل تتكرر على مستوى مصالح البلديات، استدعت تدخل الأمينة العامة للولاية نيابة عن المسؤول التنفيذي الأول الموجود في عطلة، وبعد تقرير لمصالح الأمن والاستعلامات، وفق مصادر «الشعب»، تدخّلت الأمينة العامة زاوي رشيدة بقوة من أجل إيفاد لجنة تفتيش دورية في تسيير الملحقات البلدية ثم إيجاد حلول لانشغالات المواطنين المرتبطة بالفوضى التي أفرزها خروج مندوبي البلديات في الملحقات الإدارية في عطلة سنوية، حيث عاينت «الشعب» في هذا الصدد موقف العديد من المواطنين أبدوا تذمرهم من التنقلات التي يفرضها عليهم الوضع من أجل إمضاء وثائق الحالة المدنية واستخراجها من بلديات مجاورة متفقين في توضيحاتهم المختلفة على تثمين قرار عصرنة الإدارة العمومية وتحسين مستويات الخدمة قبل دعوتهم إلى فرض الانضباط والرقابة على المستخدمين في المصالح الإدارية لاسيما الفئة المستخلفة والمناوبة للمسؤولين على رأس هذه المصالح خلال تواجدهم في عطلة، على غرار ما يحدث في الملحقة الإدارية لبلدية معسكر في قرية نواري حمو من ضغط رهيب، بسبب توافد عدد كبير من المواطنين من مختلف نواحي المنطقة لاستخراج وثائق الهوية والمصادقة عليها أو إبرام العقود الإدارية،
ولتعذر ذلك على مستوى باقي الملحقات الإدارية السبعة المتوزعة عبر الأحياء الكبرى لمدينة معسكر، بسبب خروج عدد من المندوبين المحليين المخولين للمصادقة
والإمضاء على مختلف الوثائق الرسمية في عطلة، الأمر الذي خلق أجواء من الفوضى والاكتظاظ داخل هذه الملحقة التي لا تتعدى مساحتها بضع أمتار مربعة.
عمال النّظافة لم يتلقّوا مستحقاتهم بسبب تعطّل البلديات عن الخدمة
وفي ذات السياق، عرقل خروج رؤساء البلديات بمعسكر السير الحسن لعمل المؤسسة العمومية لنقل وتسييرالنفايات المنزلية، وأوقعها في أزمة مالية خانقة ممّا أثّر سلبا على معنويات عمال النظافة الذين لم يستلموا بعد أجورهم الشهرية، بسبب تأخر تلقي المؤسسة العمومية للإعانات المالية التي تقدمها البلديات، والسبب ليس عجز البلديات عن تخصيص الإعانات المالية بل لوجود الأشخاص المخوّلين بالمصادقة على الإجراءات التنظيمية في عطلهم السنوية.
نفس الشأن فيما تعلّق بغياب المسؤولين عن مهامهم بسبب وجودهم في عطلة هي في الأصل فرصة لتجديد النفس والاستراحة من متاعب المهنة، يجد بعض المسؤولين أنفسهم مجبرين على قطع عطلتهم ومزاولة عملهم بشكل طبيعي في الحالات الاستعجالية
والضرورية، وهي حالات يضفى عليها نوع من روح المسؤولية المهنية والتضحية في سبيل خدمة المواطنين.
وهدّد العشرات من عمال النظافة المنتسبين للمؤسسة العمومية لرفع النفايات المنزلية وتسيير مراكز الردم التقني، بالاحتجاج بسبب تأخر صبّ أجورهم، الأمر الناجم عن تخلّف البلديات عن منح المؤسسة العمومية لرفع وتسيير النفايات المنزلية الإعانات المالية اللازمة لتسيير المؤسسة، وفق ما استقته «الشعب» من مسؤولي المؤسسة الذين لم يتلقوا هم أيضا أجورهم لأكثر من شهر.
وأرجعت مصادرنا سبب تخلف البلديات عن الإعانات المالية الدورية لمؤسسة «إبيك»، إلى خروج أغلبية رؤساء البلديات والمنتخبين والمسؤولين على تسيير
وصرف ميزانية البلديات في عطلتهم السنوية مما حال دون المصادقة والإمضاء على مداولات المجالس البلدية في إطار الإجراءات التنظيمية المعمول بها، الأمر الذي أثار غضب وحفيظة عمال النظافة الذين تضرروا كثيرا من تأخر صب أجورهم لشهري جويلية وأوت الجاري، خاصة مع قرب عيد الأضحى والدخول الاجتماعي.
كما عبّر عمال النظافة التابعين للمؤسسة العمومية محل الموضوع عن تذمّرهم من الظروف المهنية القاسية التي يزاولون فيها عملهم عبر مختلف بلديات الولاية،
وطالبوا برفع أجورهم قبل أن يدخلوا في حركة احتجاجية، علما منهم أن حركة احتجاجية بسيطة قد تغرق المدن وأحياء معسكر في أكوام من الأوساخ والنفايات.
من جهة أخرى، أقدم سكان قرية الحجاجرة التابعة إداريا لبلدية تيزي على غلق الطريق المؤدي إلى مركز الردم التقني بالكرط القريب من قريتهم بنحو بضعة أمتار، مطالبين بوضع حد للوضع البيئي القائم بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من مركز الردم التقني للنفايات المنزلية، والتي منعتهم من فتح نوافذ بيوتهم لالتقاط نسمات من الهواء المنعش في عز الحرارة الموسمية، ودعا سكان قرية الحجاجرة إلى إيجاد حلول مناسبة للمركز المنجز مؤخرا والذي يستقبل أزيد من 500 طن يوميا من النفايات المنزلية لبلديات معسكر، من خلال معالجتها
وردمها تقنيا، الأمر الذي لا يتم بالمركز التقني لردم النفايات بسبب عدم توفره على الإمكانيات التقنية والمعدات اللازمة للحد من الظاهرة التي أصبحت تزعج سكان جميع المناطق القريبة من مركز الكرط لردم النفايات.