تعرف الصناعات الغذائية في الجزائر ديناميكية كبيرة من أجل تدارك النقص المسجل في الاستثمارات والإنتاج، حيث فاقت واردات الجزائر في هذا المجال 10 ملايير دولار كل سنة، و هو ما يشكل حوالي 20 بالمائة من واردات البلاد بصفة عامة .
و يبقى الحديث عن تحقيق الأمن الغذائي و تقليص فاتورة الواردات وإقامة صناعة خارج مجال المحروقات مطلبا بعيد المنال إذا لم تكن هناك إرادة حقيقية. هذا ما توقفت عنده «الشعب».
كشف صالون «جزاقرو» الذي اختتم يوم الخميس الماضي عن إمكانيات كبيرة للمستثمرين الجزائريين من أجل إرساء صناعات غذائية متطورة وقادرة على التصدير، إذا ما تم توفير المناخ الملائم و القضاء على مختلف العراقيل.
الصناعات الغذائية هي عالم متكامل من الصناعات والغذاء يبقى آخر حلقة في هذا المجال، حيث يأخذ التعليب والتغليف وظروف الحفظ أكثر من 60 بالمائة من الصناعات الغذائية، على أن يكون وضع الغذاء عملية ثانوية ولهذا تفوقت الدول الغربية ودول أخرى وسيطرت على مختلف الأسواق العالمية، حيث كشف موقع «سويس أنفو» أن هناك مجموعة قِوى متضافِرة تُحكم سيطرتها على كافة مراحل إنتاج الغذاء، بدءًا من الحقل إلى أن يستقِر في الصّحن. فهناك سبع شركات متعدّدة الجنسيات تتحكّم في سوق البذور، وأربع شركات أخرى تستحوِذ على 75٪ من سوق الحبوب و الكاكاو والقهوة على نطاق عالمي، و عدد محدود جدّا من الشركات التي تقوم بتصنيع المواد الغذائية وتتحكّم في توزيعها.
و قامت «الشعب» بهذا الاستطلاع لمعرفة واقع ومشاكل تطوير هذا النوع من الصناعات في الجزائر من خلال فتح الباب للحديث بصراحة عن ما يجري الميدان.
التصنيع سيقلص 30 بالمائة من الواردات.....
كشف المستثمر عبد الكريم مرزوق صاحب شركة «ايباك فورت نابوليون» لآلات صناعة العجائن الغذائية بـ»الأربعاء ناثي راثن» بتيزي وزو لـ»الشعب» على هامش صالون «جزاقرو» أنه كان يستورد آلات صناعة العجائن الغذائية منذ سنة 2001 من إيطاليا إلى أن قرر الاستثمار في تصنيع تلك الآلات بالجزائر، موضحا « بعد 11 سنة من الاستيراد قررت ولوج عالم التصنيع بدءا من 2012، حيث أنشأت مصنعا في الأربعاء ناثي راثن على مساحة 4000 متر مربع ويشتغل فيه 12 عاملا يقوم بتصنيع آلات صناعة العجائن الغذائية وهذا بإمكانياتي الخاصة.
وقال المستثمر أنه اعتمد على أمواله كمساهمة منه في دفع الاقتصاد الوطني وتفادي الاتكال على الدولة التي لديها كثير من الالتزامات» وأضاف نفس المصدر « لقد عرف نمو الإنتاج في المصنع بين 2016/2012 بـ 40 في المائة وهي نسبة معتبرة جدا حفزتني لاستكمال المشروع بقوة، خاصة وأن منتوجنا وجد الكثير من الإقبال محليا وحتى من بعض الدول الإفريقية والعربية عل غرار ليبيا والمغرب، حيث تلقينا طلبات لاقتناء الآلات الجزائرية، وهو ما يعكس المستوى الكبير لمنتوجنا وقدرتنا على التصدير إذا ما وجدنا الأسواق الخارجية».
وأشار صاحب الشركة أن الآلات المصنعة محليا تباع محليا بـ 240 مليون سنتيم بينما كانت في زمن الاستيراد تباع بـ 680 مليون سنتيم قائلا «..لكم أن تتصوروا الفارق وبين ما كان يحول بالعملة الصعبة، إن التصنيع من شأنه أن يقلص فاتورة الاستيراد بالثلث، مضيفا أن الآلات التي تصنع بالجزائر قادرة على إنتاج قنطار من العجائن يوميا وبضمان سنتين مع التكفل بمرحلة الخدمات ما بعد البيع وهي الامتيازات التي لم تكن مع الاستيراد، حيث كان الشريك الإيطالي يضمن المنتوج سنة واحدة «.
و عبر نفس المسير عن رغبته في مرافقة جميع المشاريع الاستثمارية المنتجة خاصة مع أصحاب «أونساج» و»كناك» مع التركيز على الخواص الذين يشكلون 70 بالمائة من الزبائن.
و يأمل نفس المصدر لتطوير الصناعات الغذائية في الجزائر بتقليص البيروقراطية و مراجعة الإجراءات الجمركية، و منح شهادات المطابقة ذات المعايير الدولية التي تتحجج الكثير من الدول بها حتى تمنعنا من دخول أسواقها.
العجائن الغذائية الجزائرية تصدر إلى 17 دولة
دعا رضا حشلاف مسير شركة «ماما» للصناعات الغذائية، إلى ضرورة استكمال الطريق العابر للصحراء والتركيز على الأسواق الإفريقية من خلال استكمال الطريق العابر للصحراء الذي سيمكن من نقل منتجاتنا بصفة سريعة للأسواق الإفريقية التي تعرف فيها المنتجات الجزائرية إقبالا كبيرا، و قال « نطالب بإدماجنا في سوق المقايضة التي تتم عبر مختلف المناطق الحدودية الجزائرية لضمان تسويق أكبر قدر ممكن من المنتجات.
واشتكى بالمقابل من المدة الطويلة التي تستغرقها المسالك البحرية لإيصال المنتجات إلى مختلف الدول الإفريقية، حيث تستغرق في بعض الأحيان أكثر من 15 يوما وهذا يؤثر على مكانتنا في مختلف الأسواق التي فاقت 17 سوقا إفريقيا وأوروبيا.
وتصدر شركة «ماما» إلى فرنسا وإسبانيا، و هذا بعد التمكن من إشباع السوق الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتمكن الشركة الوطنية من مسايرة مختلف التحولات الدولية وخاصة توفير المعايير الدولية التي تبقى شرطا أساسيا لدخول الأسواق الأجنبية.
و من المشاكل التي تعترض تطوير الشركة والصناعات الغذائية بصفة عامة، انعدام منطقة صناعية ببوفاريك، وهو مطلب للمتعاملين الاقتصاديين منذ 20 سنة، حيث تنعدم منطقة خاصة بهم، ويبقى العقار الصناعي أحد أكبر المشاكل التي تقف ضد توسيع مناطق النشاطات والمصانع.
واشتكى حشلاف من رفع قيمة الضرائب على الأرباح إلى 23 بالمائة قبل إرجاعها إلى 19 بالمائة بينما لم يمس هذا الأمر الخدمات وهو ما جعل التكاليف ترتفع ومنه كان من الأجدر الإبقاء على الضرائب في مستوى 19 بالمائة للجميع.
غرف التبريد تبحث عن الترويج ....
أبدى عبد الرحمان مرابط مسير شركة «ديما فروا» استعدادا لتلبية كل طلبات إنجاز غرف التبريد وبمعايير عالمية، حيث أكد صاحب الشركة المتواجدة بباتنة أن منتوجه يراعي المقاييس العالمية، و قال مسير الشركة الذي التقته «الشعب» في صالون «جزاقرو» أنه يعمل على تطوير منتجاته خاصة من خلال تكثيف عمليات السلامة والتصدي للحرائق ومختلف الكوارث.
وتحدث في سياق متصل عن ابتكار أبواب جديدة تضمن سلامة غرف التبريد، موضحا بأن أكبر عائق هو غلاء المواد الأولية المستوردة من إيطاليا.
و عبر مرابط عن استعداده لمرافقة كل مشاريع الفلاحين فيما يخص توفير غرف التبريد لحفظ المنتجات الزراعية، موضحا سعيه لإقامة ملحقات في مختلف ولايات الوطن مع إمكانية الوصول للتصدير، حيث دخلنا في العديد من المفاوضات لدخول أسواق أجنبية. وتضمن الشركة توظيف 60 عاملا من مختلف التخصصات.
و حول ما تنتظره الشركة من قانون الاستثمار الجديد ذكر المتحدث تسهيل عمليات الاستيراد والتخفيف من الأعباء الجمركية.
ودعا بالمقابل وسائل الإعلام إلى التركيز على الصناعة الوطنية والترويج لها والتعريف بإمكانياتها في سياق النهوض والتكامل بين مختلف القطاعات لأن التركيز على السلبي وإحباط المعنويات لن ينفع أحدا.
التعليب والتغليف إبداع جلب اهتمام الشركات المتعددة الجنسيات...
عرفت مصانع التغليف والتعليب في الجزائر تحولات كبيرة من خلال تحديث تقنيات الإنتاج حتى تستجيب لمتطلبات سوق الصناعات الغذائية الذي يعتمد بشكل كبير على التغليف والتعليب لتقديم المنتوج بطريقة جذابة تقنع الزبون باقتناء منتوج على حساب آخر ولو كان أحسن منه في التكوين والمستحضرات.
وأكد مراد اسكندراوي مدير فني بشركة «أوراس للتعليب والتغليف» قدرة المؤسسة الجزائرية على توفير تعليب وتغليف في المستوى موضحا في صالون «جزاقرو» إقبال الشركات المتعددة الجنسيات على تقديم طلبيات التغليف والتعليب.
وأشار في سياق متصل إلى الصعوبات التي تعترض تطوير هذا النوع من الصناعات المرتبط بالصناعات الغذائية، حيث يبقى اقتناء المواد الأولية من أكبر العراقيل خاصة وأنها مستوردة و تخضع لإجراءات جمركية معقدة نوعا ما فالتشريعات باتت غير مستقرة و كل يوم يطل علينا قانون جديد.
ومن المشاكل التي تواجههم الوضعية الصعبة للمنطقة الصناعية ذراع بن خدة بتيزي وزو، حيث توجد الطريق في وضعية جد صعبة إضافة إلى الانقطاعات المتكررة للهاتف وغياب بعض الخدمات.
وتفكر الشركة في توسيع نشاطها وهي التي تتلقى طلبيات كبيرة، و دعا مسؤولو الشركة إلى تحفيز مختلف المؤسسات الناشطة في مجال الصناعات الغذائية.