اشراك المتعاملين في الترويج للمقصد السياحي
تظهر مؤشرات وإحصائيات واقع التنمية بولاية سعيدة تأخرا كبيرا رغم الموارد الطبيعية الهائلة التي تزخر بها، فتنوع ثرائها السياحي جعلها واحدة من بين أفضل الوجهات السياحية لمواطني الولايات المجاورة والداخلية بفضل المواقع المسجلة والمصنف بعضها ضمن التراث التاريخي، سيما المواقع الحموية والدينية، وهو ما رصدته «الشعب» في هذا الاستطلاع بالإضافة إلى لقاءات مع مسوؤلي الولاية.
تعد السياحة أول رافد للتنمية الاقتصادية بالولاية بفضل موقعها الاستراتيجي الذي جعلها حلقة ربط بين الشمال الغربي والجنوب، ووقوعها ضمن سلسلة تضاريس جبلية أضافت صورة جمالية للمنطقة خاصة في الآونة الأخيرة، إلا أن سوء استغلال الموارد الطبيعية يؤكد ان واقع التنمية يعرف ركودا من خلال الزيارة التي قادتنا للولاية، حيث كانت لنا وقفات مع أهم المعالم السياحية وركائز بعث تنمية محلية قوية.
وللغوص في حيثيات التنمية فضلنا تسليط الضوء على القطاع السياحي باعتباره أهم المؤهلات التي تتوفر عليها الولاية، فإذا استندنا الى لغة الأرقام، فتشير الإحصائيات إلى توافد أكثر من 28823 زائر إلى الولاية خلال سنة 2015، في حين لم يتجاوز عدد الزوار 21563 سنة 2014، وهو ما يوضح التطور الواضح لارتفاع عدد زوار المدينة، لكن لم نتمكن من الحصول على مؤشرات الحركة السياحية لهذه السنة.
من بين المعالم السياحية الهامة بالولاية موقع «سعيدة القديمة» الذي يقع في الجهة الغربية وبالضبط بين سلسلة جبلية مترابطة مكسوة بغطاء أخضر من مختلف أنواع الأشجار والنباتات المترامية هنا وهناك، إلا أن افتقاد الموقع للمرافق السياحية يبقى عائقا أمام الاستفادة منه، حيث كان سابقا مقصدا لكل العائلات والزوار، وبفعل التسيب لم يعد كذلك اليوم، حيث تراكمت على جوانبه القمامة ومفارغ عشوائية، لكن السلطات المحلية أدرجته ضمن المشاريع المبرمجة.
وتتصدر السياحة الحموية اهتمامات السلطات المحلية وتعول عليها كثيرا، حيث تزخر الولاية بمؤهلات معتبرة في المجال أهمها «حمام ربي» الذي يعتبر الوجهة الأكثر استقطابا للزوار وذلك نظرا لأهمية مياهه الطبيعية المفيدة للصحة، حيث يقصده سنويا العشرات من المواطنين، ويحظى في الوقت الراهن بعمليات إعادة هيكلة وترميم من طرف مكتب دراسات إسباني.
الاستثمار يتصدر الأولويات
يمكن القول أن السياحة الحموية تعد عصب التنمية في المنطقة بامتياز، فحسب المؤشرات توحي أن القطاع ساهم في تحريك مؤسسات مصغرة، هذه الأخيرة تشغل يد عاملة معتبرة إلا أنها تبقى نسبية مقارنة بالمؤهلات الكبيرة التي تتوفر عليها الولاية، فسوء الاستغلال حال دون تجسيد مشروع تنموي شامل قوامه اقتصاد متنوع، خاصة وأن المدينة تحتل موقعا استراتيجيا يربط الغرب الشمالي بالجنوب.
وتشهد سياحة الأعمال ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة بفضل سياسية التشجيع التي تقوم بها السلطات العليا للبلاد بالتنسيق مع السلطات المحلية، حيث تنتشر المؤسسات الأجنبية العاملة في قطاع السياحة بكثرة في الولاية وتعرض خدمات متواصلة للمستثمرين الخواص الذين تلقوا تحفيزات من طرف الوزارات المعنية.
وفي إطار دعم المشاريع السياحية بالمنطقة قامت السلطات المحلية بولاية سعيدة بإطلاق جملة من المشاريع الاستثمارية خلال السنوات الأخيرة، منها ما يتعلق ببرنامج الهضاب العليا ومنها ما يتعلق بالبرنامج التكميلي للنمو الاقتصادي لسنوات ٢٠١٤/٢٠١٠ وذلك في إطار متابعة النشاط التنموي لتطوير القطاع السياحي، حيث استفادت الولاية من 08 مشاريع ضمن برنامج الهضاب العليا و09 عمليات ضمن البرنامج التكميلي.
تنوع سياحي يعكس هوية المنطقة وانتمائها
تتوفر ولاية سعيدة على ستة أنواع من السياحة تتصدرها السياحة الحموية والدينية المتمثلة في الزوايا، والسياحة الثقافية والسياحة البيئية، الطبيعية والأثرية وهي تعكس في مجملها الهوية الوطنية للمنطقة، فبالنسبة للسياحة الدينية تضم المدينة 15 زاوية قرآنية أهمها زاوية مولاي الطيب والزاوية الشيخية بعين السخونة، حيث يعد أعيان الزوايا مركزا لاتخاذ القرار بشأن الأمور التي تخص المنطقة لاسيما جلسات الصلح.
وبخصوص السياحة الثقافية تعرف المدينة بتنظيم دوري لما يعرف بالوعدات التي تشتهر بها سنويا وتنضم 42 وعدة، بالإضافة إلى السياحة الثقافية تبرز إلى الأفق السياحة البيئية التي تجسد الواقع الجغرافي للمنطقة ممثلة في المنطقة الرطبة ببلدية عين السخونة المصنفة ضمن اتفاقية «رامسار» الدولية باعتبارها غطاء نباتيا فريدا.
وأنت تزور المدينة لأول مرة تترائى لك المواقع الأثرية الطبيعية التي تضم السياحة الأثرية ممثلة في أربع مناطق أثرية مصنفة، أهمها منطقة تيمزوين الواقعة ببلدية اليوب، وحوض عين المانعة ببلدية الحوض، إضافة إلى مغارات تيفريت بعين السلطان ومغارة واد سعيدة وهي تشكل في مجملها فسيفساء متناسقة، رغم ضعف الاهتمام وقلة المرافق يبقى الاستغلال العائق الوحيد أمام تطوير الصورة الجمالية لهته المواقع وغيرها.
وبالعودة إلى السياحة الحموية توجد ثلاث منابع حموية أهمها حمام ربي وسيدي عيسى وعين السخونة، حيث تشتهر سعيدة بمائها المعدني الصالح للشرب والذي يعرف بماء سعيدة والذي حاز على الشهرة الوطنية والخارجية، أما حمام ربي فهو أحد الحمامات المعدنية الثلاثة الموجودة على مستوى ولاية سعيدة، ويبعد عن مقر الولاية بـ 12 كلم بمدخل المدينة، وتشير الدراسات أنه كان موجودا منذ الحقبة الرومانية وعند مجيء المستعمر الفرنسي وجد تسمية حمام الربيع، ولأن اللغة الفرنسية لا ينطق فيها حرف ع سمي بـ: حمام ربي بدل الربيع مثلما يتداول على السن أهل المنطقة.
ويقصد الناس المواقع الحموية نظرا لأهميتها في الجانب الصحي لاسيما معالجة الأمراض الجلدية والتنفسية فضلا عن أمراض الروماتيزم، فالمواقع الحموية تنقسم إلى عصرية وتقليدية، وتبقى إشكالية الخدمات المقدمة والأسعار المطبقة تثير تساؤلا كبيرا لدى الزوار، فأسعار الإقامة خيالية حسب ما استطلعته «الشعب» من المواطنين القادمين من الولايات المجاورة أو غيرها، فمشكلة الأسعار التي لا تتناسب مع الوضعية الاجتماعية للزوار سواء المقيمين أو الأجانب، الأمر الذي يكثر الحديث عنه لتطوير القطاع السياحي ببلادنا في وقت تعمل فيه الدول على استقطاب السياحة بتخفيض الأسعار وتقديم خدمات في المستوى المطلوب.