«الشعب» تزور الحظيرة الوطنية للأرز بتسمسيلت:

مخطط توجيهي للتهيئة السياحية آفاق 2030


كانت الساعة تشير إلى السادسة والنصف صباحا في يوم ربيعي، حين انطلق الوفد الصحفي في مقدمتهم «الشعب» في حافلة للديوان الوطني للسياحة بالعاصمة، متوجهين نحو ولاية تسمسيلت ضمن زيارة موجهة وبالتحديد بلدية ثنية الحد التي أزورها لأول مرة وكلي شغف لاكتشاف الحظيرة الوطنية للأرز .  سمعت عن الحظيرة الملّقبة «بلبنان الثانية» من زميلتي في العمل سبق لها وأن زارتها. هي حظيرة تحمل هذه التسمية نظرا لتشابه التضاريس الجبلية المشهورة بجبال الأرز وتتقاطع أيضا في نفس التشابه مع جبال الأطلس بالمغرب،... كانت الرحلة مريحة والطقس ربيعي قطعنا خلالها مسافة 18 كلم نحو بلدية ثنية الحد في ظرف قرابة ثلاث ساعات.
 توقفنا عند مدخل بلدية اليوسفية حيث استقبلنا مدير السياحة لتسمسيلت ليقودنا نحو الحظيرة، وهناك وجدنا ترحيبا خاصا من السلطات في صدارتهم السيد حسين  بسايح والي تسمسيلت، حيث أفادنا القائمون على الحظيرة بكل المعلومات المتعلقة بهذا الفضاء الطبيعي الذي يعد مقصدا ترفيهيا هاما لكل العائلات الوافدة من كل مكان.

على صعيد التدخل، تعمل إدارة الحظيرة بالتنسيق مع المحافظة الغابية لولاية تيسمسيلت والحماية المدنية، ومصالح الدرك الوطني لحماية هذا الفضاء الطبيعي. وحسب جرديني، فإن ما يستقطب الزوار هو الحياة البرية والحيوانية وميزة  أرز الأطلس، وما يتعلق بالتنوع الحيواني لاكتشاف» نسر الملتحين» حيث تقوم إدارة الحظيرة بتحديث التنوع البيولوجي، كما أنه خلال الفترة  1993، 2001 لم تتضرر الثروة الغابية والحيوانية للحظيرة بل كان هناك تقدم في الطبيعة، لأن المواطنين لم يتوافدوا عليها بسبب ما عاشته البلاد من ظروف أمنية وبذلك بقيت محمية، حسب مدير الحظيرة.
وقال عبد القادر مصلوب، الأمين العام للحظيرة الوطنية للأرز، أن هذه الأخيرة  هي الأولى التي أنشأتها فرنسا الاستعمارية سنة 1923، باقتراح الجنرال «دوبونفال» الذي كان نائب رئيس اتحادية الصيد بفرنسا، حيث قام بزيارة  إلى ثنية الحد، أين قضى خمسة أيام، حيث تقصدها العائلات في فصل الربيع بشكل كبير. علما أنه سنة 2007، افتتحت دار الحظيرة التي تتوفر على قسم للتنشيط وعرض النشاطات، ومكتبة.
وأضاف مصلوب أن، الحظيرة أنشأت لحماية الثروة النباتية والحيوانية وكل ما ينمو معها لضمان توازنها البيئي،  خاصة أشجار  أرز الأطلس، وابتداءا من 2002 بدأ  تدهور في الطبيعة، مشيرا إلى غياب مخبر للباحثين بالحظيرة، وقلة في أعوان الحراسة يوجد فقط تسعة أعوان مقارنة بالحظائر الأخرى، كما أن بعض الأشخاص لا يتمتعون بالحس المدني حيث سجلت حالات تكسير لممتلكات الحظيرة.
لكن بالمقابل، لوحظ مساهمة بعض الشباب بشكل تطوعي في جمع الأكياس والأشياء التي ترمى، وفي هذا الإطار تم توقيع اتفاقية مع مؤسسة لجمع النفايات ولردمها، حيث يجدد العقد سنويا ونظرا لقلة إمكانياتهم لا يمكنهم القيام بكل عمليات جمع النفايات على مساحات  3400 هكتار، ولهذا يتكفل أعوان الحظيرة بالعملية في الأماكن التي لا يمكن بلوغها. وعموما فالحظيرة نظيفة مقارنة بالحظائر الأخرى.
نفس الأمر أكده بوعلام بلقايد محافظ الغابات بالولاية، لـ«الشعب» وهو نقص في الوعي بحماية البيئة من طرف بعض الزوار الوافدين إلى الحظيرة، الذين للأسف يلقون بنفاياتهم بعد انتهائهم من الأكل، علاوة على ذلك تستقبل إدارة الحظيرة الجامعيين لإعداد مذكراتهم، حول العوامل البيئية أو البشرية التي تؤدي إلى إتلاف أشجار الصنوبر.
 وحسب الدراسة التي قامت بها المغرب بجبال الأطلس، سبب إتلاف الأشجار هو نوع من الطفيليات تدعى» نوتاكسيا» وقد عثر عليها، وحسب محدثنا يمكن تطبيق هذه الدراسة على مستوى حظيرة ثنية الحد، لأننا نتوفر على نفس الخصائص التضاريسية والأشجار.
واستنادا للشروحات التي تلقيناها بعين المكان، فإن هذا النوع من الطفيليات يصيب الشجرة ويتلف أغصانها وأحيانا من جذورها، حيث تظهر هذه الحشرة في الصيف نتيجة ارتفاع درجة الحرارة بينما تكون مختبئة في الشتاء، مما يصعب اكتشافها، كما توجد  طفيلية أخرى تسمى «ميتوتوبيا» تكون في  شجرة صنوبر الألب.
وما ينقص الحظيرة هو توفير هياكل لإستقبال الزوار، حيث تم اقتراح  11 موقعا لاستقبال الزوار داخل الحظيرة على أن تكون مشيدة  بأدوات تحافظ على البيئة، مثل  الخشب أو تنصيب بنايات جاهزة  والابتعاد عن استخدام   الاسمنت كونه يضر بالطبيعة.
وعن الحملات التحسيسية في أوساط الزوار للحفاظ على الحظيرة، ذكّر مصلوب بدور الجمعيات التي للاسف هذه المسألة ليست بالقدر الوفير حيث توجد جمعية واحدة فقط لكن لا تلعب دورها كما ينبغي، وأضاف مصلوب  قائلا:» من المفروض حين إنشاء منطقة محمية يجب التنسيق في مجال التسيير بين الدولة، الإدارة، والبلديات والمجتمع المدني كي يمكن الحفاظ على البيئة، لاسيما هذا النوع من شجر الأرز».
 وحسب مصلوب، فإن الحفاظ على هذا الموروث الطبيعي، مسؤولية الجميع و ليس الدولة فقط، كونه ملك للأجيال القادمة، وتعد الحظيرة الوطنية للأرز مفخرة لكل سكان ثنية الحد، الذين يسهرون على حمايتها بصفة تطوعية، وبالرغم من الفترة الأمنية التي مرت بها الجزائر إلا أن الحظيرة لم تتضرر، ولم تحدث بها أية حرائق، بالعكس جرى تطور الطبيعة التي حمت نفسها بنفسها، على حد تعبيره.
تساهم الصناعة التقليدية، بشكل كبير في الترويج المحلي للسياحة والثقافة الشعبية وتعتبر عاملا لجلب الزوار، والتعريف بحرف النسيج والزرابي، نسج السلال، صناعة الحلي والجلود التي تشتهر  بها مناطق  ثنية الحد، العيون، سلمانة، تازا.
من خلال المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية لولاية تسمسيلت لسنة 2030،  باعتباره خارطة الطريق للتنمية المستدامة، اعتمدت الدراسة على تصور دورة سياحية لخصوصية المنطقة قصد الاستغلال الأمثل للمنتوج السياحي للولاية وتسويقه.
 وقد تم المصادقة على ملف المرحلة الرابعة والأخيرة، من هذه الدراسة وكذا الملف النهائي من طرف اللجنة الولائية للتنمية السياحية، ومن خلالها تم تقسيم الولاية إلى ثلاث أقطاب سياحية رئيسية: بلدية تسمسيلت، بلدية سيدي سليمان، ثنية الحد وثلاثة أقطاب داعمة: قطب بلدية بوقايد، قطب بلدية لرجام، قطب بلدية برج الأمير عبد القادر.
وعلى ضوء هذه الدراسة،  وضعت خطة تضم عدة عمليات على المدى المتوسط والطويل، تم اقتراحها في المخطط الخماسي 2015-2019، كما تم اقتراح مناطق التوسع السياحي من خلال 6 مناطق، باعتبار الولاية لا يوجد بها أي منطقة توسع سياحي مصنفة وإجراءات الصفقات في طور الانجاز.
كما تمت الموافقة المبدئية على منح أرضية لانجاز مشروع فندق ببلدية ثنية الحد من طرف لجنة المساعدة على تحديد الموقع وترقية الاستثمار، ويوجد عدة طلبات قيد الدراسة لمستثمرين لانجاز مشاريع سياحية، وهذا بفضل التسهيلات المقدمة من طرف السلطات المحلية والوزارة الوصية، وتأطير ومرافقة أصحاب المشاريع السياحية إزاء المؤسسات البنكية، في إطار تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين القطاع والمؤسسات البنكية.
منشور وزاري مشترك يحدّد صيغة الإقامة لدى الساكنة
وبالمقابل تم إصدار منشور وزاري مشترك، بين وزارة الداخلية والجماعات المحلية ووزارة السياحة والصناعة التقليدية، يتضمن الإقامة لدى الساكنة كصيغة للإيواء السياحي، والذي يكتسي أهمية بالغة في التنمية المحلية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، ويرتكز أساسا على مرافق الاستقبال السياحي، قصد تلبية الطلبات المتزايدة للسياح خلال فترات الراحة، حيث شهدت السنوات الأخيرة رواج ظاهرة جديدة تتمثل في استغلال المنازل من قبل أصحابها لإيواء السياح خلال موسم الاصطياف، والعطل الموسمية للمناطق السياحية.
وأصبح يطلق عليها مصطلح الإقامة لدى الساكنة، حيث بموجبها يضع صاحب المسكن جزء من مسكنه تحت تصرف شخص أو عدة أشخاص بمقابل مالي وبصفة مؤقتة، وقد أمضى والي الولاية قرار إنشاء خلية مكلفة بمعاينة المساكن المعدة للإيواء السياحي، تتكفل بمعاينة مدى مطابقة المساكن الموضوعة للإيواء السياحي للشروط المذكورة في المنشور الوزاري، حيث تودع طلبات التصريحات بالإيواء السياحي على مستوى البلديات المعنية، وقد تم إرسال هذا القرار إلى كل بلديات الولاية، ومؤخرا تم منح الموافقة لمؤجر من بلدية سيدي سليمان قصد استغلال مسكنه في إطار هذه الصيغة.
علما أن الولاية تعرف عجزا ملحوظا بمؤسسات الإيواء، تتشكل الحظيرة الولائية من ثلاثة فنادق ونزل طريق، حيث وصل عدد الوافدين إلى المؤسسات الفندقية خلال العام الماضي إلى 12936 وافدا، كما وصل عدد الوافدين إلى الحمامات المعدنية بسيدي سليمان إلى 58747 مستحم.
 ولهذا ارتأت السلطات المحلية فتح باب الاستثمار من أجل تدارك النقص، بتشجيع المستثمرين الخواص لانجاز مؤسسات فندقية، وقد سجل الانطلاق في عدة مشاريع منها مشروع فندق بثلاث نجوم بطاقة إيواء 40 غرفة و6 أجنحة بسعة 84  سريرا، مشروع مركب سياحي يحتوي على 145 غرفة بسعة 273 سرير، تعديل بناية إلى فندق بنجمتين، التوسعة لنزل طريق بإضافة 18 غرفة ما يعادل 36 سرير، وإيداع ملف مشروع فندق بثلاث نجوم يحتوي على خمسين غرفة بسعة 100 سرير، وتم مؤخرا المصادقة على مخططاته من طرف اللجنة الوطنية.
«انتهـــــــى»

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024