يشكل الإنتاج الوطني قاعدة هامة لبناء اقتصاد قوي يعتمد في صيرورته على أسس و آليات تعزز دور المؤسسات وتجسد مبدأ الثروة الخلاقة، المبنية على أساس خلق مناصب الشغل وفتح فرص العمل الدائمة لكل فئات المجتمع وفي شتى القطاعات الاقتصادية بشقيها العام والخاص.
دعم المنتوج الوطني التي توليه الجزائر الأهمية، لفتح المجال أمام رؤوس الأموال، للمشاركة في إنتاج حاجيات المواطنين الأساسية والضرورية من جهة، والعمل على تقليص فاتورة الاستيراد التي تسجل ارتفاعا رهيبا في ظل تنافسية المنتجات المستوردة، رغم قلة جودة البعض منها.
وكانت هذه أحد مقررات المجلس المصغر برئاسة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وكذا مجلس الوزراء.
ويسعى المنتجون في الوقت الحالي، إلى ترسيخ ثقافة استهلاك المنتوج الوطني وتسويق علامة «صنع في الجزائر»، سيما وأن الكثير من الصناعات المحلية تضاهي في جودتها وقيمتها الغذائية، نظيرتها الأجنبية، وهو ما تشير إليه المعطيات الحالية، وتسعى الجزائر من خلال دعمها للمنتجين إلى تنويع الاقتصاد خارج مجال المحروقات وتحقيق اكتفاء غذائي متكامل.
«الشعب» رصدت بعضا من آراء مسيري المؤسسات الإنتاجية الخاصة والعامة على هامش معرض الإنتاج الوطني حيث أبرزوا أهم المنتجات المصنوعة محليا ومدى اهتمام المستهلك به سيما المنتجات التي رسمت بصمتها على الساحة الوطنية وتسعى إلى ولوج السوق الدولية، وهو ما جسدته بعض المؤسسات التي تبذل جهدا لتطويره باعتماد معايير إنتاج عالمية … ويبقى التصدير شرط أساسي في جلب المزيد من الإيرادات في ظل تقلبات أسعار المحروقات.
في هذا الإطار، أكد براقش عبد الحكيم، رئيس اللجنة الوطنية لمصبري الزيتون ومنتجي الزيت، على جودة زيت الزيتون الجزائري، مشيرا إلى أنه يصنف في المراتب الأولى عالميا من حيث المكونات الطبيعية والمواد التي تحويها ثمار الزيتون، متأسفا لتفضيل بعض المستهلكين المنتوج الأجنبي.
ويطرح رئيس اللجنة الوطنية لمصبري الزيتون إشكالية ضعف اليد العاملة في جني الكميات الكبيرة من الزيتون المسجلة سنويا عبر جهات الوطن، بفضل الإستراتيجية الوطنية المنتهجة في تطوير المنتجات الوطنية، موضحا أن مشروع برنامج رئيس الجمهورية في غرس 2000 ألفين شجرة زيتون ساهم في رفع نسبة الإنتاج.
وتعد عملية عصر الزيتون، حسب المتحدث، أهم خطوة في إنتاج الزيت التي تعرف تحديات جمة على غرار الجني وطرق العصر التقليدية التي لم تعد كافية لاستيعاب الكميات الهائلة من الزيتون، داعيا في الوقت ذاته إلى استحداث آليات كفيلة لإنتاج زيت الزيتون وتسويقه بالإضافة إلى العمل على تصديره.
منتجات صناعات جديدة ومشاريع تسويق إلى الخارج في الأفق
وفي جانب آخر، من المنتجات الوطنية التي شهدت إقبالا من طرف الشركات المتخصصة في البناء، جناح المجمع الصناعي الجزائري للإسمنت، الذي عرض منتجاته المتنوعة من أصناف الاسمنت والحصى والرمال، حيث عبّر المهندس بريم إيهاب ممثل الجناح، أن رهان المجمع هو تحقيق إنتاج أكثر من 23 مليون طن خلال سنة 2015.
وقال المهندس، بريم، إن المجمع ينتج حاليا أكثر من 11 مليون و 500 ألف طن عبر فروعه في جهات الوطن، وأعطى نسبة الإنتاج الإجمالية المسجلة، حيث بلغت نسبتها 60 بالمائة في السوق الوطني، مشيرا إلى أن المجمع لم يلب الطلب المتزايد على مادة الإسمنت رغم وجود شركات أجنبية عاملة في الميدان.
وأوضح المتحدث أن المجمع سيشرع في اعتماد مصانع جديدة موزعة حسب مناطق الطلب في كل من الجنوب الجزائري، بكل من ولاتي تمنراست وإليزي وولايات أخرى، بالإضافة إلى الاعتماد على المؤسسات الأجنبية المستثمرة، التي تساهم بنسبة 40 بالمائة من الإنتاج، في حين يبقى العجز مسجلا لتغطية الطلب المتزايد، بسبب المشاريع المسطرة والمنشآت التي تنجز.
من جهته، عبر علواني محمد مسؤول التسويق بالمؤسسة الخاصة «ملبنة صافي» بولاية غرداية عن التحديات التي تواجه المؤسسة في جمع مادة الحليب، إلا أن رهان الشركة في تحقيق التنمية بالولاية الجنوبية من خلال دعم مربي الأبقار وخلق مناصب شغل في مجال الفلاحة على غرار توفير الأعلاف.
وأشار المتحدث أن المؤسسة أنتجت خلال سنة 2014 أكثر من 4 مليون لتر من الحليب وعدد مربين بلغ 90 مربيا، في حين لم كان الإنتاج ضعيفا مع بداية إنشاء الملبنة عام 2003 حيث لم يتجاوز الإنتاج 25 ألف لتر في اليوم، موضحا أن الشركة تساهم في إنتاج مشتقات الحليب بكل أنواعه.
وبخصوص العراقيل التي تواجه عملية الإنتاج، أوضح المتحدث أن غياب التوازن في الدعم المادي حيث تعتبر المنطقة ضعيفة في إنتاج الأعلاف وغياب المساحات الخضراء لرعي الأبقار وهو ما يشكل تحديا للمربين في ارتفاع تكاليف التربية، بالإضافة إلى تأخر القيمة المالية المدعمة من طرف الاتحاد الوطني للحليب.
تحفيزات لترقية وتطوير المنتوج
كما سجلت المؤسسات الخاصة حضورا مميزا في معرض الإنتاج الوطني، حيث وقعت شركات حضورها لأول مرة، على غرار شركة العربي المتخصصة في إنتاج العصائر، حيث أكدت مسؤولة التسويق لذات المؤسسة رشيدة عثماني أن الإنتاج الحالي لا يلبي الطلب المتزايد.
وقالت مسؤولة التسويق أن المستهلك عبر عن ثقته و اعتزازه الكبير لتواجد العربي في أجنحة المعرض لاسيما عرض منتجات جديدة، موضحة أن العمل الحالي هو توسيع شبكة الإنتاج بمختلف مناطق الوطن وكذا تسويقه من خلال شبكة الموزعين التي عززتها الشركة إلا أنها تبقى ضعيفة.
وفي هذا الإطار، أكد محمد عسلي، ممثل الشركة الجزائرية الخاصة في إنتاج الأحذية أن هذه الأخيرة تشهد ضعفا في اقتناء منتجاتها الجلدية التي تنافس نظيرتها الأجنبية، موضحة أن المواطن لا يثق في المنتجات التي تحمل «صنع في الجزائر»، سيما وان المستوردين يلجؤون إلى أحذية بمعايير غير لائقة.
ويوضح المتحدث أن المؤسسة تحصي حوالي 100 عامل متخصص في إنتاج الأحذية التي تتراوح أسعارها بين 1800 إلى 1300 دينار وهو سعر معقول لتحفيز المستهلك على اقتناء السلع الوطنية وتدعيم الإنتاج الوطني الذي يساهم في خلق ثورة دائمة.
من جهتها، عبرت بوثلجة نسيمة مسؤولة العلاقات والاتصال الداخلي بمؤسسة «آقل» لمواد التنظيف أن وضع العمل الإنتاجي في تحسن كبير، وأن كل الظروف ملائمة لصالح المؤسسات الوطنية، التي تمثل دفعا قويا في الاقتصاد الذي يعتمد على تشجيع الخواص وفتح فرص العمل الدائمة.
وعن آخر المستجدات بالشركة أوضحت المتحدثة أن المؤسسة وقعت عدة اتفاقات تصدير إلى دول المغرب العربي وشمال إفريقا، مشيرة إلى أن إنتاج الشركة في ارتفاع متزايد، والمواطن عبّر من منبر المعرض عن ثقته الكبيرة في المنتج، وأوضحت أن التحدي الكبير هو المنافسة الأجنبية في السوق.
كما عبر لالاوي نصر الدين ممثل جناح المؤسسة الوطنية للصنابير أن الأخيرة سجلت تنامي ملحوظ في اكتساح السوق الوطنية من خلال المنتجات المنافسة لنظيرتها الأجنبية، موضحا أن المؤسسة قامت بتصدير أنواع عدة من منتجاتها إلى الخارج، وهي تسجل بذلك ثقة كبيرة في السوق المحلية.
وأضاف مسؤول العلاقات الخارجية بذات المؤسسة أن الحوافز المقدمة من طرف الدولة ساهمت في فتح المجال لصناعة مواد ذات جودة عالية، موضحا أن المنافس الأجنبي لا يشكل أي تحدي بالنسبة للمؤسسة بل يزيد من عزمها في تسويق منتجات وطنية مائة بالمائة.