تشهد شواطئ تمنارت ببلدية الشرايع غرب مدينة القل، حركة غير عادية وإقبالا يتزايد من يوم لآخر للمصطافين، الذين يقصدونها من جميع ولايات الوطن، بفضل الجمال الأخاذ واستتباب الأمن، ما جعل الكثير من هواة السباحة والاستجمام في البحر والتمتع بمناظر الطبيعية من الغطاء الاخضر، يفضلونها على غيرها، فهي تتميز بطبيعتها العذراء التي تجمع بين كثافة غطائه النباتي المشكّل من مختلف أنواع الأشجار والحشائش والنباتات ذات الروائح العطرة، وبنعومة رمالها الذهبية وزرقة مياهها. التفاصيل ترصدها «الشعب».
ما زاد الشاطئ جمالا وبهاء منظره، وهو يعانق الغطاء النباتي، جاعلا منه لوحة فنية في غاية إتقان صنع المبدع، يقول احد المصطافين الذين اختاروا رمال هذا الشاطئ على غيره لـ «الشعب»، أن هدوء وجمال المنطقة جعلا العديد من العائلات من داخل وخارج الوطن تختار هذه الوجهة بهدف الراحة والاستجمام على رمالها الذهبية كونها تتوفر على مناظر سياحية آية في الجمال، وكذا موقعها الرائع الذي حباه الخالق بسحر لا تجده في مكان آخر».
منطقة تمنارت بالشرايع، تحتضن أجمل الشواطئ ، وهي تقع 7 كلم من الشواطئ الخلابة والغابات، سياحية من الدرجة الأولى تلتقي فيها كل أشكال السياحة في ديكور مميز، شواطئ ساحرة رملية وصخرية، ومناظر طبيعية نادرة، من غابات كثيفة تجعل من المنطقة قطبا متميزا في مجال السياحة، وقد وجد شباب المنطقة في موسم الاصطياف ضالتهم لبيع بعض المنتوجات الفلاحية على حواف الطريق للمصطافين القادمين من مختلف أنحاء الولايات المجاورة، حيث تشهد شواطئ المنطقة حركية غير مسبوقة وتوافدا كبيرا من السياح يوميا، ويبقى المشكل الكبير بهذه المنطقة الساحلية عدم توفرها على مرافق سياحية.
رغم أنّ السّباحة فيه كانت ممنوعة..إقبال متزايد
شاطئ تمنارت كان أهم الشواطئ الممنوعة فيها السباحة بالولاية، يعرف إقبالا كبيرا من قبل المصطافين جلّهم من الشباب، فشواطئ المنطقة ساحرة، وتعد من بين أجمل وأروع وأنقى الشواطئ على المستوى الوطني، إلا أنه تم غلقه ومنعت السباحة فيه منذ سنة 2000 ، بسبب الظروف الخاصة التي عاشتها المنطقة خلال تلك الفترة، ورغم ان المنطقة أضحت آمنة خلال السنوات الاخيرة.
التوافد القياسي للمصطافين يزداد كل نهاية أسبوع، الا ان السباحة ظلت معلقة، الامر الذي جعل سكان المنطقة يخرجون عن صمتهم، مناشدين السلطات المحلية المعنية فتح الشاطئ، حيث تضررت هذه الاخيرة كثيرا خاصة خلال فصل الصيف، بسبب غياب كل المشاريع السياحية، التي من شأنها أن تعيد الروح للمنطقة التي تُعد من بين أجمل المناطق وطنيا، كإنجاز منتجع سياحي على أنقاض الشاليهات المهدّمة، كما يوضح بعض السكان، ويؤكد احد المواطنين لـ «الشعب»، «أنّ الظروف الامنية التي عاشتها تمنارت سابقا، واستمرار منع السباحة بالشاطئ، أثّر كثيرا على
النشاط الاقتصادي لسكان المنطقة وبشكل خاص الشباب منهم، رغم أنّها اليوم أصبحت تعيش ظروفا حسنة، والامن خيّم على ربوع المنطقة، مما جعل الإقبال يتزايد من سنة لأخرى للمصطافين بمن فيهم الوافدون عليها من ولايات مجاورة، والذين يمكثون بها إلى غاية ساعات متأخرة من المساء رغم صعوبة المسلك المؤدي إليها، خاصة الجزء الذي يربط مدينة القل بشاطئ تمنارت».
الشّاطئ مصدر رزق شباب المنطقة
الشاطئ يعرف بكثرة المناطق الصخرية، على شكل خلجان، ومياهه الزرقاء الصافية ذات ملوحة عالية، ويتوافد إليه الكثير من محبي الغوص تحت الماء، كما تنتشر فيه بكثرة قوارب الصيد التي يتخذها ابناء المنطقة المعزولة والمهمشة كمصدر للرزق، ولانعدام فرص العمل يستغل شباب منطقة تمنارت حلول موسم الاصطياف، للاستفادة من القوارب الصغيرة المستعملة في الصيد وبيع الأسماك الطازجة، بأسعار منخفضة نوعا ما، خاصة وأن شباب المنطقة يهمهم كسب قوت يومهم.
في ظل قلة منتوج رحلة الصيد السمك مع بساطة الإمكانيات، فإن أصحاب قوارب الصيد يتخلوا عن مهنتهم الاصلية في موسم الاصطياف، وانتقلوا من رحلة البحث عن الأسماك إلى رحلة البحث عن المصطافين الذين يفضلون التنقل إلى الشواطئ المعزولة، والتي تثير لديهم متعة الاستكشاف لقضاء ساعات من الاستجمام، خاصة وأن المهنة الجديدة لأصحاب القوارب تعود عليهم بالربح الوفير، حيث يقدر مقابل القيام برحلة الواحدة لمسافة لا تتعدى الكيلومترين بـ 1000 دج نحو شواطئ وخلجان لقبيبة، وهي فرصة لزوار المنطقة للتمتع بجمال وسحر المنطقة.
الوجه الآخر لتمنارت الذي يعد منتجعا سياحيا بامتياز، الذي لم يستغل حسب السكان والسياح، ولم يستفد من مشاريع تطوير سياحية، ويفتقر إلى أبسط المنشآت، كالفنادق ومركبات الاستجمام، فالمنطقة تتخبط في فوضى كبيرة، من خيام منتشرة في كل مكان تؤجر بأثمان خيالية، ومع كل هذا تمنارت منطقة عذراء، بما تعنيه الكلمة، لا ماء ولا كهرباء، ومطاعم تفتح دون ترخيص وأصحاب الدكاكين يبيعون بأثمان خيالية، جعلت المصطاف يجلب معه كل ما يحتاجه.
ويشتكي المصطافون الذين يشدّهم الحنين إلى قضاء عطلتهم في شواطئ تمنارت من غياب النظافة، فالقمامة لا ترفع الا بعد ان تصبح مرتعا للحيوانات الضالة، والأبقار وغيرها في وضع مثير للقرف، والذي يزور هذه الجنة، كما سماها سياح أوروبيون منذ ربع قرن، سيرى أنها صارت جحيما في ظل الاهمال المبرمج من قبل السلطات المحلية، وبالدرجة الكبرى السلطات الولائية بمختلف المصالح المعنية، ومظاهر عدم العناية بالشاطئ أفرزت موجة من الاستياء لدى سكان المنطقة والمصطافين على حد سواء.
وكان أن تم التحضير بجدية ووضع كافة الإمكانيات المتاحة لإعادة فتح هذا الشاطئ، خلال السنة الاخيرة، الا ان قرار اللجنة الولائية لمعاينة الشواطئ بولاية سكيكدة القاضي بعدم السماح بفتح شاطئ تمنارت ببلدية الشرايع، نزل كالصاعقة على سكان المنطقة و المسؤولين المحليين، وبقي الشاطئ مغلقا في وجه حركة الاصطياف منذ أكثر من 18 سنة، إلا أن ذلك لم يمنع من بقائه مفتوحا شعبيا بتوافد أعداد هائلة من العائلات والجمعيات والشباب من مختلف الولايات والمدن الداخلية، وهو الوفاء الذي ظل قائما على مدار عشريتين من الزمن من قبل عشاق البحر الذين لم يفارقوا الشاطئ، حتى أثناء العشرية الحمراء، معبرين عن حبهم للمنطقة.
السكان يطالبون السّلطات المحلية الاهتمام بالمنطقة
يأمل السكان والمسؤولون المحليون، في إعادة بعث اقتراح انجاز ميناء صغير للنزهة ومحلات تجارية ومعارض، هو المشروع الطموح الذي ظهر بداية سنوات الثمانيات من القرن الماضي، وبقى يراوح مكانه بسبب الظروف الأمنية التي عرفتها المنطقة في سنوات التسعينيات، وبحسب الكثير من الذين قصدوا هذا الشاطئ الذي تبهرك مناظره الطبيعية النادرة، من تنوع في الغطاء النباتي الكثيف، وكذا طيبة سكان المنطقة البسطاء المنتشرة مساكنهم هنا وهناك ، والذين يأملون في أن تحوّل الجهات المعنية هذا الشاطئ إلى منتزه سياحي بامتياز خاصة أنه يتوفر على كل الظروف التي تسمح بتحقيق ذلك حتى يساهم في ترقية السياحة في هذه المنطقة الآمنة والعذراء.
وبدخول الطريق الساحلي حيز الخدمة، على مسافة 12 كلم من بني سعيد بالقل الى تمنارت بالشرايع، فتح آفاقا رحبة على المنطقة من خلال تقريب المسافات، يبقى تجسيد مشروع توسيع منطقة الاستثمار السياحي، الأمل الوحيد لإنعاش مشاريع الاستثمار المغلقة بالمنطقة، حيث تتربع منطقة التوسع السياحي بتمنارت على مساحة 67 هكتارا، تتسع لإنجاز 5 فنادق متوسطة الحجم على مساحة 7 هكتارات وأرضيات للتخييم على مساحة 8 هكتارات، تتسع لـ 110 إلى 340 خيمة.
المنطقة المحيطة بالشاطئ، تمتاز بجبال عالية، والمصنف ضمن الشواطئ ذات السمعة العالمية، ومختلف أنواع الأشجار كالبلوط، الصفصاف، التين، الزيتون، وخاصة نبتة الدفلى التي تغطي تقريبا كل المنطقة، وتصل حتى الوادي ووديان رائعة تنحدر من أعالي منطقة «تمنارت « التي تنتشر فيها الزراعة المعاشية، ويعرف هذا الشاطئ بكثرة المناطق الصخرية، على شكل خلجان، ومياهه الزرقاء الصافية ذات الملوحة العالية، ويتوافد إليه الكثير من محبي الغوص تحت الماء، وتنتشر فيه بكثرة قوارب الصيد.