كانت الأبواب المفتوحة على البلدية فرصة سانحة للإعلان عن رزنامة محدّدة لعمل المجالس الشّعبية المنتخبة في غضون الآفاق القادمة، تبدأ بالسنة الحالية ٢٠١٦ لتعزيز اللاّمركزية وتنشيط الجانب الاقتصادي، هذا الوجه الخفي للجماعات المحلية الذي يتطلّب الكشف عنه في خضم هذا التوجه الجديد.
هذه المقاربات الحديثة في مسائل التّسيير ضرورة ملحّة في الوقت الرّاهن، انطلاقا من السّياق المتّبع حاليا من قبل السّلطات العمومية، والرّامي إلى ضبط الرّؤية بآجال دقيقة حتى لا تبقى هذه الفضاءات عرضة لذهنيات غير واقعية ترفض التكيف مع التحديات القائمة.
لذلك جاءت هذه النّظرة الشّاملة لإدراج البلديات وما تتوفّر عليه من كفاءات ضمن هذا الخيار، أولا بإيلاء العناية للمبادرة وثانيا المردودية، وهذا امتحان لهذه الفضاءات قصد الشّروع في الاعتماد على امكانياتها الذّاتية، واستغلال كل قدراتها لخلق الثّروة وتوفير القيمة المضافة.
هذه الالتزامات ليست بأعباء أخرى على كاهل الجماعات المحلية، وإنما هي منبّه بالنّسبة للمنتخبين المحليّين على التّفكير في حلول عملية تتماشى مع ما هو موجود لدى كل بلدية من «تراث مادي» بالامكان استغلاله استغلالا معقولا يكون مصدرا لمداخيل متنوّعة.
وفي هذا الاطار، هناك إشارة واضحة في هذا الشّأن، كوضع حيّز التّنفيذ آليات مرافقة من أجل تنمية أملاك البلدية المنتجة للمداخيل، وتحسين تحصيل الأتاوات.
هذه الدّعوة صريحة بالنّسبة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، يبقى فقط أن يكون المنتخبون عند هذا المستوى، والانضمام في هذه الحركية لتفادي أي خلل لأنّ الجهات المسؤولة لها فكرة واضحة عن حالة هذه البلديات من كل النّواحي، والأمر لا يتعلّق بالصّدمة أو بعقوبة أي شيء من هذا القبيل، وإنما هناك سياسة تنموية محلية لابد لها من أدوات لتنفيذها لأنّه انتهى العمل بمفهوم «شيخ البلدية» الذي يرمز إلى الجمود أكثر ما هو «مسيّر».
والانتقال إلى مرحلة أعلى، وهذا وفق مسعى متكامل يراعى فيه ما تتوفّر عليه هذه البلديات من قدرات في كافة المجالات بالامكان الاستعانة بها في كل الحلول المرجوّة، وهذه هي رسالة الوزارة في هذا التصور الذي جاءت به خلال هذه السنة، لذلك فإنّ العملية ليست اعتباطية أو عفوية كما يعتقدها البعض، أي أنّها ظرفية أو مجرد سحابة عابرة. لا أبدا..هناك إرادة صادقة وقناعة عميقة في مرافقة الجماعات المحلية نحو نمط تسيير صارم يعتمد على الجدوى والفعالية.
حتى وإن يظهر للبعض من رؤساء البلديات بأنّ الأمر لم يتعوّدوا عليه فيما سبق، إلا أنّ المرحلة الحالية تتطلّب ذلك العمل الذي يخرج هذه الفضاءات من حالة الرّكود المبني على انتظار انتهاء عهدة لدخول في عهدة أخرى دون الوقوف على عمل ميداني قادر على صنع الفارق، لذلك فإنّ طرق التّسيير المقترحة لاحقا تكون في خدمة الجميع، ومهمّة رئيس البلدية لا تكمن في توقيع الوثائق فقط.