اقتصاد سيّد يسابق الخطى لخلق الثروة ومناصب الشغل واقتحام الأسواق العالمية
أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، دخول الجزائر وتيرة تنموية «رائدة» ذات أثر وطني وقاري ودولي. وتتجلى ملامح هذه الوتيرة في عدة مشاريع استراتيجية، تربطها ببعديها الإقليمي والقاري، وكلها أعطيت إشارة إنجازها وتحظى بمتابعة واهتمام بالغين.
فتحت الجزائر خلال السنوات الخمس الأخيرة، ورشات كبرى سمحت بنقل اقتصادها من حالة ركود واعتماد شبه تام على الاستيراد وتصدير المحروقات، إلى اقتصاد يسابق الخطى لخلق الثروة ومناصب الشغل، يتطلع إلى وضع المنتجات الجزائرية في الأسواق الدوية.
وجرى ذلك ببعث استثمارات مهيكلة في قطاعات استراتيجية، كالصناعة والزراعة والمناجم وتحلية مياه البحر، وإبرام شراكات مع مختلف الدول، لدفع وتيرة التنمية وربط الاقتصاد الوطني بالاقتصادات الأخرى.
تعزيز شبكة النقل واللوجيستيك
ولأن النقل بكل فروعه يعتبر القاعدة اللوجيستية الأساسية في تقريب المسافات وتسهيل نقل الأشخاص والبضائع على حد سواء، أولى رئيس الجمهورية أهمية قصوى له، وذلك من خلال الاهتمام بتطوير النقل الجوي، عبر مخطط واعد لعصرنة الخطوط الجوية الجزائرية، التي تستعد للشروع في استلام 15 طائرة جديدة.
وركزت الجزائر على توسيع الخطوط الداخلية والدولية، وخاصة الأفريقية منها بهدف مرافقة المتعاملين الاقتصاديين نحو الأسواق المستهدفة، بما يتماشى مع جهود الدولة لتعزيز الصادرات خارج قطاع المحروقات، عبر فتح من 10 إلى 12 خطا جديدا نحو إفريقيا، حسب وزارة النقل.
وفي قطاع النقل البحري، كان قد أمر رئيس الجمهورية، بالإسراع في إنجاز مشاريع توسعة العديد من الموانئ، وانتقالها إلى نظام العمل 24سا/24، وهو ما شرعت فيه عدة موانئ، الأسبوع الماضي، ناهيك عن إطلاق خطوط بحرية لنقل البضائع باتجاه السنغال وموريتانيا.
وبالنسبة للنقل البري عبر السكة الحديدية، أطلقت الجزائر عديد المشاريع ضمن برنامج تطوير السكك الحديدية وتوسيع الشبكة الداخلية، خصصت لها 8 ملايير دولار لمد الخطوط على مسافة 15 ألف كيلومتر في مختلف الاتجاهات داخليا لربط مختلف جهات الوطن ببعضها، لعل أهمها خط بشار- تندوف- غار جبيلات، نظرا لمردوديته الاقتصادية المرجوة بعد إنهاء الأشغال، ويمتد الخط على مسافة 950 كلم، ومن المقرر تسليمه نهاية 2026، أو بداية 2027، حيث من المتوقع أن تبلغ إيراداته السنوية بين 10 و14 مليار دولار سنويا. إلى جانب معابر برية مع دول الجوار باتجاه ليبيا ومالي والنيجر.
الانتقال الطاقوي
طاقة الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية والرياح، إلى جانب الطاقة الأحفورية، كلها مدرجة ضمن مخطط تعزيز الأمن الطاقوي للبلاد، وزيادة حصصها في الأسواق الخارجية.
وتستعد الجزائر لتحقيق الانتقال الطاقوي معتمدة على الهيدروجين الأخضر، وتتطلع لإنتاج نحو مليوني طن منه في الفترة بين 2030 و2040، بقيمة تتراوح بين 25 و30 مليار دولار بحسب تقديرات وزارة الطاقة والمناجم. وشرعت في إنجاز دراسة الجدوى مع بعض الدول الأوروبية، من خلال مشروع الممر الجنوبي، الذي يمر عبر تونس وإيطاليا ويصل سلوفينيا وألمانيا. كما أبدت إسبانيا اهتماما الكبير بالاستفادة من مشروع مماثل. وفي مجال الطاقات الخضراء دائما، أطلقت الجزائر مشروع «سولار» للطاقة الشمسية الذي يشمل 11 ولاية، معظمها في الجنوب، بكلفة إجمالية تصل 171.7 مليار دينار (1.175 مليار دولار)، بهدف توليد 15 ألف ميغاواط من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2035.
الأمن المائي والغذائي
احتل تحقيق الأمن الغذائي والمائي أولوية في برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لضمان السيادة والتحرر من التبعية للاستيراد، خاصة في الزراعات الاستراتيجية، ومن ذلك إطلاق عديد المشاريع في مجال إنتاج الحليب واللحوم والحبوب والزراعات الاستراتيجية، وعقدت شراكات مع عديد الدول منها، مع شركة «بلدنا» القطرية لإنجاز مزرعة أبقار ومصنع لإنتاج الحليب، وإيطاليا التي وقعت معها عقدا يتعلق بإنتاج الحبوب والبقوليات على مساحة 36 ألف هكتار بولاية تيميمون، بقيمة إجمالية بلغت 420 مليون يورو (455 مليون دولار)»، لإنتاج القمح والعدس والفاصولياء المجففة والحمص، وبذور الصويا، بالإضافة إلى تشييد وحدات تحويلية لتصنيع العجائن الغذائية، وصوامع للتخزين. إلى جانب شراكات أخرى من أجل توسيع استصلاح الأراضي الصحراوية لبلوغ 500 ألف هكتار في غضون السنوات الثلاث المقبلة.
وفي إطار تحقيق الأمن المائي دشن رئيس الجمهورية خلال الأيام الماضية، 3 محطات لتحلية مياه البحر من أصل خمس محطات. وأعلن عن إنجاز ست محطات أخرى بنهاية 2026، بغرض رفع نسبة تزويد المواطنين بالمياه الشروب انطلاقا من تحلية مياه البحر إلى نسبة 62٪، بنهاية 2030. وقد خصصت الدولة 2.4 مليار دولار لبرنامج تحلية مياه البحر بالنسبة للمحطات الخمس الجديدة، بقيمة 420 مليون دولار تقريبا لكل محطة، وتبلغ القدرة الإنتاجية الإجمالية المعتبرة للمصانع الخمسة بـ1.5 مليون متر مكعب يوميا.
الوصلة العابرة للصحراء
تعتبر الجزائر ثاني دولة إفريقية بعد جنوب إفريقيا، تبلغ عتبة المليون مشترك بتقنية الألياف البصرية إلى غاية المنزل. حيث تم نشر أكثر من 200 ألف كيلومتر من الألياف البصرية، وربط 58 ولاية لتلبية احتياجات المواطنين المتزايدة، مع هدف ربط ثلثي المنازل بالإنترنت الثابت بحلول نهاية عام 2024، والتركيز أساسًا على تقنية (FTTH) ربط الألياف حتى المنزل.
وعلى صعيد ربطها بالقارة الأفريقية، استكملت الجزائر إنجاز نحو 2600 كلم من الألياف البصرية ضمن مشروع الوصلة المحورية العابرة للصحراء، باستكمال المحور الرابط بين الجزائر العاصمة وإن قزام، إضافة إلى مدّ خط فرعي حتى ولاية تندوف، وهو ما يدلّ على التزام الجزائر بإيصالها إلى دول الجوار.