تحرّرت إفريقيا من الهيمنة الأجنبية جغرافيا منذ عقود، لكن أطماع تآمرية لقوى خارجية على ثرواتها الباطنية مازالت قائمة وتحاول استنزاف المزيد منها ومن دون انقطاع تحت غطاء بغيض وبانتهاج أساليب ملتوية وماكرة، كأن تفتعل فيها أزمات بتفجير بؤر توتر أمنية لتغذية تواجد الإرهاب والعنف والفقر وفرار سكانها وسط تفشي للفقر والجهل والنزوح نحو مصير مجهول.
عرفت إفريقيا تحوّلا جذريا وتطورت كثيرا سواء على مستوى الوعي والاقتصاد والسياسية والثقافة، فلم تعد تلك القارة الضعيفة والهشّة التي استخدمت بالأمس كآلة رافعة لتزيد من تطور الدول المتقدمة وتضاعف من رفاهيتها وتنميتها، بعد أن شمّر الأفارقة عن سواعدهم وفجروا طاقاتهم المحلية، قوة عطاء وتحوّل نحو الأفضل، مع ثورة اقتصادية ومعرفية ارتفعت فيها القدرة المعيشية وتحسن فيها الأداء الاقتصادي لدى عدة بلدان في صدارتهم بلدان غرب إفريقيا.
اهتمامات إفريقيا اليوم متعدّدة وكبيرة وتتجاوز انشغالات الأمس في التعليم والانفتاح على التكنولوجيا وتطوير منظومتها الانتاجية وبناء شراكات عادلة، وقبل ذلك تأمين الاستقرار والتخلص من براثين العنف والقضاء على بؤر التوتر وطي الخلافات الداخلية، والتوجه نحو بناء بلدانها بشكل يوّفر لها السلم والحياة الكريمة، ولم تعد هذه القارة التي عانت ويلات البؤس والاستغلال مجرد مخازن ضخمة للموارد الباطنية، بل صارت خزانا للموارد البشرية وسوقا كبيرة يتهافت عليها المصنّعون والمنتجون في العالم.
ينتظر إفريقيا مستقبل واعد وما على شعوبها سوى تجاوز خلافاتهم الداخلية وتوحيد صفوفهم والتوجه لتنمية بلدانهم الغنية بالثروة الطبيعية والباطنية وتجاوز مآسي وأوبئة الأمس والحذر من مؤامرات تحاك بعيدا عنهم وتجسد من طرف قوى الظلم المتعطشة للثراء عبر دماء وحياة الأبرياء.
وفي يوم الحرية الإفريقي مسار تاريخي ناصع، يدفع شعوب القارة السمراء أكثر من أي وقت مضى إلى بناء تكتل سياسي واقتصادي وتجاري وأمني وسياسي لتواجه به تحديات اليوم والغد وما أكثرها، ولتقطع الطريق أمام قوى استعمار الأمس حتى لا تعود لاستنزافها مرّة أخرى.