تجسيد 3800 مشروع استثماري لخلق 300 ألف منصب شغل إضافي
اجتمع الرئيس تبون، مع الطاقم الجديد للحكومة، بداية الأسبوع الجاري، في أول لقاء جمعه بأعضاء الجهاز التنفيذي، وأسدى فيه تعليماته الضرورية، خاصة للوافدين الجدد على قصر الدكتور سعدان، وهذا بغية استكمال برنامجه الانتخابي والتزاماته التي قطعها أمام الشعب الجزائري، حيث “ذكّر الرئيس أعضاء الحكومة بأهمية الوفاء بالتزاماته أمام الشعب وتنفيذ برنامجه الرئاسي كاملا وتاما”، وهذا تجسيدا للالتزامات التي أطلقها حفاظا ودعما لديناميكية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المسجلة في الخمس سنوات الأخيرة.
من بين أهم الالتزامات التي ستتولى الحكومة بقيادة نذير العرباوي متابعتها، استكمال مهمة تنويع الاقتصاد الوطني، من خلال تكييف منظومتها التشريعية مع الإصلاحات الشّاملة بالجزائر التي تعيش على وقع فتح ورشات كبرى سواء اجتماعية، اقتصادية ومالية وهذا استجابة للتحولات الاقتصادية العميقة والتحديات التقنية والتكنولوجية التي تعرفها الجزائر، من خلال دعم وترقية الاستثمارات وبعث المشاريع المهيكلة الكبرى، إلى جانب ترقية التحول الطاقوي والإسراع في الرقمنة الشاملة لمصالح الدولة لدعم اقتصاد المعرفة، مع التحكم في تسيير الديْن العمومي، في إطار استكمال مشروع النهضة الاقتصادية الشاملة.
وتقع على عاتق الحكومة الجديدة مهمة الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، خاصة وأن رئيس الجمهورية يضع المواطن في صلب اهتماماته، وحث المسؤولين على خدمته لأنه أساس الجمهورية وجوهرها، بداية من تحسين مستوى معيشته وضمن الرئيس الرفع من أجور الجزائريين بحوالي 50٪ خلال عهدته الأولى، وتحقيق زيادات في الأجور حتى سنة 2023، في انتظار تحقيق زيادات أخرى بداية من سنتي 2026- 2027 وفي التوجه نحو مضاعفة الأجور، وهو ما سيجعل الزيادة في الأجور تصل إلى الضعف (100٪).
استبعـــــــــــــــــــــــــاد الاستدانـــــــــــــــــــــــــة
على طاولة الحكومة أيضا ملفات ثقيلة ومهام كبرى، ضمن المعركة الاقتصادية المستمرة التي تخوضها الجزائر منذ سنة 2020، في ظل وجود تحديات كبيرة من أجل بلوغ الأهداف المنشودة في البرنامج الانتخابي للرئيس، خاصة ما تعلق بالوصول بالناتج الداخلي الخام إلى 400 مليار دولار، وبلوغ معدلات نمو مرتفعة. كما يصبو الرئيس إلى أن تحقق الجزائر المراتب الأولى إفريقيا وعربيا ضمن أقوى الاقتصاديات.
لذلك سترمي الحكومة بكل ثقلها من أجل وضع إجراءات حاسمة وتدابير هامة، وذلك باعتماد رؤية استشرافية للقيادة العليا للبلاد، ستسمح بالتحكم أكثر في مؤشرات اقتصاد البلد والتوجه نحو التخلي التدريجي عن اقتصاد الريع بترقية الصادرات خارج المحروقات وترشيد الواردات بالاعتماد على المنتوج الوطني المحلي، مع مرافقة الإيرادات الاستثنائية للمحروقات من خلال الاعتماد على القدرات المالية الذاتية، ورفض التوجه نحو الاستدانة الخارجية.
على صعيد التجارة الخارجية، تتواصل المهام بترقية المنتوج المحلي وتأمين حياة الجزائريين، بعدما قطعت الجزائر أشواطا كبيرة في الاعتماد على الاقتصاد المنتج للثروة بدل اقتصاد المحروقات الذي يتعرض دائما لأزمات عالمية وصدمات متعددة فجائية.
بالمقابل، يحرص رئيس الجمهورية على توفير حياة كريمة لجميع المواطنين دون استثناء، من خلال حجم المخصصات المالية والاستثمارات العامة الضخمة التي وجهتها الدولة للتوسع في خدمات الحماية الاجتماعية وشبكات الضمان الاجتماعي، وتحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والنهوض بمناطق الظل عبر التراب الوطني بتوفير خدمات متنوعة من طرق ومنشآت صحية وتربوية، مع توفير الماء الشروب ووضع قنوات الصرف الصحي وتوفير الكهرباء والغاز.. وهي المهام الموكلة لكل القطاعات الوزارية خلال العهدة الثانية للرئيس.
وستعمل الحكومة الجديدة كذلك، وفق نظرة استشرافية للرئيس، لأجل استقطاب وفتح مناصب شغل جديدة ومحاربة البطالة في صفوف الشباب، بزيادة التوظيف. حيث التزم الرئيس تبون، ضمن برنامجه الانتخابي لعهدته الثانية، باستحداث خلالها 450 ألف منصب شغل، مع فتح المؤسسات الناشئة، التي كانت تقدر بـ200 مؤسسة فقط خلال سنة 2019 لتصبح أكثر من 2000 مؤسسة حاصلة على علامة مؤسسة ناشئة، من بين 8000 شركة ناشئة مسجلة حاليا.
في نفس السياق، ستعمل الحكومة على تجسيد 3800 مشروع استثماري مطروح، لاستحداث نحو 300 ألف منصب شغل إضافي، خاصة وأنه تم إدماج 500 ألف شاب في مناصبهم خلال العهدة الأولى، والعملية يجب أن تتواصل خلال الخمس سنوات المقبلة من حكم الرئيس، في ظل وجود برامج حقيقية تتعلق بمختلف القطاعات، ما يؤكد على استمرار الهيمنة الاجتماعية للدولة الجزائرية، مع تحقيق إقلاع اقتصادي في ظل استثمار واعد.
مليونــــــــــــــــــــــــــــــا سكــــــــــــــــــــــــــــــن
أما بالنسبة لقطاع السكن، تواصل الحكومة سياسة دعم البرامج السكنية وتطوير الحظيرة الوطنية، في إطار المخطط الخماسي، ببناء 2 مليوني وحدة سكنية، واستكمال المشاريع السكنية التي ستمس مختلف الصيغ، على غرار البناء الريفي وسكنات عدل، بإنجاز على الأقل 450 ألف سكن ريفي لتعزيز الإنتاج الفلاحي، ولأنه يؤمن بمقولة “لا خير في أمة لا تأكل مما لا تنتج ولا تلبس مما لا تنسج”، التي لطالما صدح بها.
تعول الجزائر خلال السنة القادمة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الاستراتيجية، خاصة الشعير والذرة. وقد فتحت باب الاستثمار واسعا في إطار محاربة الاستيراد وتقليص فاتورته وتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من السيادة الوطنية، ويعدّ الرهان الأكبر للسلطات العليا في البلاد منذ بدء الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية ضمن رؤية شاملة واستشرافية لرئيس الجمهورية.
منـــــــــــــــــــــــــــــاخ الاستثمــــــــــــــــــــــــــــار
إلى جانب ذلك، سيتم استكمال ملف الإصلاح المالي الكبير، من خلال تعزيز التخطيط المالي والتحكم في مخاطر الميزانية، بالتنفيذ السريع لنظم المعلومات، عصرنة النظام المصرفي والمالي مع التركيز على إصلاح البنوك والمؤسسات المالية لتحسين كفاءتها وربحيتها ومساهمتها في تمويل الاقتصاد، من خلال تكييف الإطار التنظيمي والتشريعي الذي يحكم النشاط المصرفي، إلى جانب تعزيز نظم المعلومات للبنوك العمومية والفاعلين في الأسواق، فضلا عن تنويع المنتجات البنكية وتطوير التمويل الإسلامي، الى جانب تطوير الشبكة البنكية الوطنية والدولية، بما في ذلك فتح فروع لها في الخارج.
ولأنها باتت القاعدة الأساسية للذهاب في تحقيق أهداف الجزائر الجديدة والمنتصرة، المبنية على الشفافية وتحقيق المساواة بين كل الجزائريين، ولحماية البلاد من سرطان البيروقراطية ومواجهة ظاهرة الفساد، ولتحسين حوكمة القطاع الاقتصادي، كانت الرقمنة بمثابة مفتاح الإصلاحات التي باشرها القاضي الأول في البلاد، من خلال استكمال مشروع التحول الرقمي الشامل، برقمنة كل القطاعات وبكل ما تحمله من أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية.
على الصعيد الدولي، تنتظر الدبلوماسية الجزائرية بقيادة الرئيس، ملفات هامة وثقيلة، على غرار الملف الفلسطيني وقضية الصحراء الغربية ومواجهة تحديات التغييرات الجيوستراتيجية الإقليمية والعالمية، مع استكمال مهام الدبلوماسية الاقتصادية، من خلال تواجد اقتصادي جزائري بارز.
كل هذه الجهود الحكومية، تدخل في إطار الوصول بالجزائر خلال سنة 2027، مثلما كان قد تحدث عنه الرئيس سابقا، كقوة ناشئة اقتصادية من خلال هذه الديناميكية والتكامل والتفاعل ما بين الأطر القانونية والمؤسساتية والمؤسسات المالية وديناميكية استثمارية، سواء كان استثمارا محليا أو أجنبيا.