بينما تتجه دعوات نحو إعادة اعمار غزة المخنوقة بالحصار وتضميد جراح أبنائها، غير أن التحدي الأكبر يتجاوز الاعمار وتهدئة غضب الشعب الفلسطيني الممثل في مقاومته الباسلة والصامدة في وجه عدوان واستيطان بغيض، لذا على المجتمع الدولي أن يفكر بعمق وجدية في طريقة عادلة تفكّك الصراع وتحل النزاع من جذوره، نزاع يرتكز على أرض مغتصبة أصحابها الفلسطينيون لن يسكتوا عن ضياعها ولن يتوقفوا عن المطالبة بتحريرها من براثين محتل مارس عليهم كل الأساليب الإجرامية وأخرجهم منها بقوة التعسف والاستقواء على العزل، وعلى المجتمع الدولي أن يبتعد عن كل الصيغ الجاهزة والحلول التفضيلية العرجاء التي تخدم مصلحة المحتل على حساب الآخر.
حقيقة الكيان الصهيوني تنكشف مجددا للعالم وتجاوزاته الوحشية سقط عنها الستار ولم تنفع معها حيل التطبيع والسلام الوهمي الذي يسوّق له مع بعض شركائها، عقب تشكل وعي عالمي بالظلم الكبير الذي طال الفلسطينيين طيلة أزيد من سبعة عقود كاملة. طريق مظلم بالموت وعسير بالتهجير القسري ومرّ بالحصار وحارق بلهيب القصف والعدوان، عبره الشعب الفلسطيني بأجياله الصامدة والمتشبثة بالأرض والهوية والانتماء، لكن سينقلب الوضع على الصهاينة وتدور عليهم الدوائر عندما يتحوّل الرأي العام العالمي ضدهم مما يحرج الدول الكبرى التي تدعّمهم في ظلمهم وطغيانهم ولن يفلتوا مجددا من العقاب عندما يتسع الغضب والضغط عليهم.
رغم الدمار، المقاومة انتصرت على الأرض وعدالة القضية الفلسطينية حققت انتصارات دبلوماسية ومعنوية وإعلامية غير مسبوقة ستكون بداية قلب الموازين وتغيير معادلة تفصيل الحلول المسكنة التي تحمي مصالح وأطماع المحتل الصهيوني، لذا ينبغي أن يواصل الفلسطينيون تلاحمهم وتقاطعهم حول التعجيل باستعادة ما سرق منهم بالقوة، من خلال الاستمرار في الضغط وافتكاك المزيد من الانتصارات في معركة استمالة الرأي العام العالمي، والمطالبة باسترجاع الأراضي المسلوبة وعودة المهجرين وإطلاق سراح الأسرى، وبالتالي استرجاع ما اغتصب بالقوة بجميع الطرق المتاحة.