كلمة العدد

سوريا تعود

فضيلة دفوس
01 جانفي 2019

سنة رحلت وأخرى هلّت ونفس الأمل يسكننا رغبة في رؤية السّلام يعمّ أرجاء المعمورة، والأمن يبسط أجنحته على مناطق الحروب والنّزاعات، لتعود الشّعوب المشرّدة إلى مدنها وتعيد بناء منازلها وحياتها التي تحوّلت إلى جحيم حقيقي بفعل صراع الكبار على مناطق النّفوذ ومصادر الثروة، وتنافسهم المحموم على ريادة العام  والتحكّم بدواليبه.
رغم حجم الأزمات الخانقة التي ورثها العام الجديد، واعتقاد كثيرين بأنّ أوجاع العالم وأسقامه ستتفاقم في قادم الأيام والأشهر، فإنّ معطيات كثيرة على العكس تماما تشير إلى أنّ بعض المعضلات العربية المترتّبة عن «الرّبيع الدّموي» ماضية إلى الانفراج، وعلى وجه الخصوص الأزمة السّورية التي انتهت من كتابة آخر فصولها الدّموية، وها هي تخطو أولى خطواتها نحو وقف نزيف الدّم، وإقرار الحلّ السّلمي الذي بدأ يتجلى من خلال انحسار الحرب، وتراجع التّهديد الإرهابي، وعودة المهجّرين إلى مدنهم المدمّرة التي حرّرها الجيش العربي السّوري من قبضة المعارضة الضّالة وانتزعها من مخالب الدّمويّين المرتزقة.
العام الجديد يهلّ إذن بأمل كبير في حلّ المعضلة السّورية، والمؤشّرات المعزّزة لهذا الأمل كثيرة، بداية من  نجاح الجيش بدعم روسيا، في دحر المجموعات الارهابية  وتقويض المعارضة المسلّحة، مرورا باستعادة النّظام السيطرة على أغلب مساحة البلاد وعودة ملايين النّازحين والمهجّرين للاستقرار في مناطقهم، ووصولا الى بعث مسار المصالحة لتجاوز حالة الانقسام والتّشرذم، التي حوّلت أبناء الوطن الواحد إلى مجموعات متفرّقة  تنفّذ أجندات خارجية تتقاطع أهدافها في تدمير درّة الشام ونسف وحدتها واستقرارها.
سوريا ماضية إلى تجاوز أزمتها، وها هي تتقدّم بخطى ثابتة نحو كسر الطّوق الذي قيّدها به الأشقّاء قبل الأعداء منذ سبع سنوات، لتتجلّى بوضوح ملامح عودتها إلى الجامعة العربية، خاصة وأنّنا نرى دولا عربية كثيرة تزدحم في طابور طويل منتظرة دورها لإعادة فتح ممثليّاتها الدّبلوماسية بدمشق.
ومن شأن عودة سوريا إلى الحاضنة العربية أن يعزّز جهود استقرارها، على اعتبار أنّ بعض الدول الشّقيقة ساهمت عن قصد أو بدونه في دفعها إلى أتون الحرب والدّمار.
سوريا ودّعت سنة قطعت فيها أشواطا كبيرة نحو الخروج من أزمتها، وها هي تدخل عامها الجديد  بحظوظ كبيرة في استعادة أمنها واستقرارها، متطلّعة إلى إعادة بناء ما تدمّر، فاتحة ذراعيها لاستقبال أبنائها واحتضانهم.
وأمام هذا الواقع الجديد، المطلوب من الدول التي ظلّت ترافع للحل السّلمي في سوريا أن تمدّها اليوم بيد العون والمساعدة حتى تتجاوز محنتها وتعود إلى سالف عهدها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024