الفساد، ذلك السرطان الذي ينخر جسد كل الدول والمجتمعات دون استثناء، مع اختلاف الدرجات و الحدة من دولة إلى أخرى والجزائر لا تشكل الاستثناء في هذا الصدد فهي الأخرى معنية بالظاهرة وتعمل على مكافحتها للتقليل من آثارها الوخيمة على أركان الدولة وعلى النسيج الاجتماعي لهذا عملت على وضع حزمة من الإجراءات و التدابير في حربها المعلنة على الفساد في دستور 2016.
إن مشروع القانون المتعلق باستحداث قطب جنائي مالي باختصاص وطني مكلف بالقضايا المالية المعقدة ، الذي صودق عليه خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد الخميس برئاسة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة ، يعتبر بمثابة قوة ضاربة لملاحقة الفساد و الفاسدين أينما كانوا فهذا القطب المزمع إنشاؤه قريبا و بما أنه يتمتع بخاصية الامتداد الوطني لممارسة مهامه و ليس محصورا اقليميا فانه سيكون أشبه بـ "آف. بي .آي" قضائي جزائري للحرب على الفساد حيث يمكنه التدخل في أي مكان عبر كل التراب الوطني كلما اقتضى الأمر و ذلك وفق الصلاحيات الممنوحة التي تغنيه عن الحاجة إلى رخصة خاصة لممارسة مهامه خارج الاختصاص الإقليمي - كما كان الأمر في السابق - مما يعتبر دفعة قوية نحو تجسيد و تعزيز استقلالية القضاء و إضفاء صرامة أكبر في محاربة الفساد من خلال غلق الباب أمام كل الاحتمالات الممكنة لأي من التعاطف ، التواطؤ أو المحاباة مع الفساد و الفاسدين و قد تكون لحادثة حجز 700 كلغ من الكوكايين في المياه الإقليمية للجزائر بوهران بصمتها الواضحة حيث بينت مدى الضرورة الملحة لإنشاء مثل هذا القطب الجنائي المالي للتعامل مع مثل هذه الحالات الطارئة و المعقدة التي تتطلب هيئة بهذه الصلاحيات و بهذا الامتداد الوطني تكون لها اليد الطولى في ممارسة مهامها بكل استقلالية بعيدا عن ضغوط أو مساومات.