أعرب حقوقيون بالمغرب عن قلقهم البالغ، إزاء التدهور الكبير للأوضاع الحقوقية، محذرين من المنحى الخطير السائر نحو فرض الدولة البوليسية وتغوّل الأجهزة الأمنية في البلاد.
أدانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بيان لها المتابعات والمحاكمات المتماثلة» في مواجهة أي صوت منتقد للسياسات والممارسات السلطوية والاستفزازات المتكررة والمتابعات القضائية الانتقامية والأحكام الجائرة في حق الصحفيين والنشطاء الاجتماعيين والسياسيين والنقابيين والحقوقيين».
وأكدت في السياق، أن «متابعة هؤلاء كلها متابعات تعسفية تتم بسبب الاحتجاج السلمي أو المشاركة فيه أو التضامن مع المحتجين أو بسبب التعبير عن الرأي بخصوص السياسات العمومية خاصة المعبر عنه في مواقع التواصل الاجتماعي».
جبهة لمواجهة الانتهاكات
كما شجبت الجمعية ذاتها، مختلف مظاهر القمع الممارس ضد الهيئات الحقوقية والنقابية والسياسية والشبابية المنتقدة لسياسة الدولة واختياراتها، سواء عبر تسخير أقلام مأجورة للتشويش على سمعتها ومصداقيتها أو حرمانها من وصولات الإيداع، ومن حقها في تنظيم أنشطتها واجتماعاتها ومؤتمراتها في القاعات العمومية، أو من خلال شن حملات تشهير ضد مناضليها.
وبهذه المناسبة، دعت الجمعية المغربية إلى «تشكيل جبهة وطنية للنضال من أجل الحق في التنظيم والتجمع وتنظيم حملة وبرنامج نضالي ضد الحصار والتضييق».
كما توقفت أكبر جمعية حقوقية في المغرب، عند قضية وفاة الشاب ياسين الشبلي في أكتوبر 2022 داخل مركز الشرطة بمدينة بن جرير بعد تعرضه للتعذيب، مؤكدة «استمرار ممارسات التعذيب أو غيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من طرف الأجهزة الأمنية المخزنية».
وفي السياق، قال منسق الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين، فؤاد عبد المومني في منشور على صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أن ما حدث لهذا الشاب الذي تعرض لأشد أنواع التعذيب «جريمة من أشنع الجرائم»، مشيرا إلى أن المسؤولين «غطوا عن هذه الجريمة إلى أن فضحها إصرار أهله والإثباتات الدامغة».
أحكام مخفّفة في جريمة مروّعة
واستغرب الحقوقي المغربي الحكم الصادر ضد الجناة، بإدانة اثنين فقط من المتورطين، وبعقوبات أدنى مما يتعرض له من يعبر فقط عن موقفه من التطبيع، ويحكم بعشرين سنة على قادة الحراك في الريف، دون أن يكونوا قد اقترفوا أي عنف ولا مساس بالغير».
وكانت المحكمة الابتدائية ببن جرير، قد قضت الأربعاء، بإدانة متهمين اثنين وحكمت على الأول بثلاث سنوات ونصف حبسا نافذا، وعلى الثاني بسنتين ونصف حبسا نافذا، وقضت ببراءة المتهم الثالث، وسط استنكار حقوقي كبير. كما دخلت عائلته في اعتصام أمام المحكمة.
يشار إلى أن القضاء المغربي اضطر إلى فتح ملف قضية الشاب تحت ضغط عائلته والجمعيات الحقوقية، قبل أن يصدر أحكاما مخففة في جريمة بشعة هزت الرأي العام المغربي والدولي.