إدماج الذكاء الاصطناعي لحماية التراث.. البروفيسور سعدي سلامي لـ”الشعب”:

تعميـم الذكـاء الاصطناعي بالجامعــات.. خطوة استراتيجـيـة

موسى دباب

 أكد البروفيسور والخبير الدولي في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، سعدي سلامي، أن سياسة الدولة الجزائرية في هذا المجال بدأت فعليا منذ ثلاث أو أربع سنوات، لمواكبة الثورة الرقمية العالمية، من خلال خطوات عملية، أبرزها إنشاء المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي سنة 2021، وتعميم التخصص على أزيد من 100 جامعة. كما واصلت الدولة في 2024 و2025 توسيع التكوين، بإدراج مقياس الذكاء الاصطناعي والرقمنة في معظم التخصصات الجامعية، بما في ذلك العلوم الإنسانية واللغات، بهدف تعميم الثقافة الرقمية تدريجيا على الطلبة.

كشف البروفيسور سلامي في حديثه لـ«الشعب” عن مبادرة بحثية تقودها مخابر جامعية جزائرية، لتصميم خوارزميات ذكية لحماية المخطوطات باعتبارها ركائز من الهوية الوطنية. لافتا إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت توفر أدوات دقيقة لترميم الصور والمخطوطات، وإعادة تشكيل المباني التاريخية، واستعادة المشاهد القديمة، بل وحتى التنبؤ بشكل المواقع الأثرية المندثرة، إضافة إلى التعرف على الوجوه التاريخية، واستعادة اللهجات واللغات المهددة بالاندثار. كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل الأمثال والحكم الشعبية، وتحويلها إلى محتوى تعليمي.
وشدد المتحدث على ضرورة وضع آليات للكشف عن التزوير الرقمي للتراث، باعتباره خطرا حقيقيا، قد يستخدم لتشويه التاريخ أو نشر أفكار متطرفة، ما يتطلب تكوينا علميا ورقابيا متطورا، يضمن استخدام الذكاء الاصطناعي لصالح حماية التراث لا العكس.
وكذا الحفاظ على اللغة والموروث الثقافي والديني، باعتبارهما من دعائم الهوية الوطنية ووسائل الحماية من الغزو الفكري.
وأوضح المتحدث أن المقصود بالموروث الديني ليس الدين الإسلامي نفسه، لأنه محفوظ عبر الأجيال، بل ما كتبه وأنجزه علماؤنا القدامى من مؤلفات وشروحات واجتهادات، باعتبارها منتوجا بشريا يعكس التوجهات الفكرية للأمة ويجب حمايته من التحريف والتشويه، خاصة في ظل ظهور فتاوى دخيلة وممارسات غريبة تنسب زورا إلى الدين.
وأكد الخبير الدولي أن هذا التراث الديني هو الأساس الذي تقوم عليه ثقافتنا الإسلامية المعاصرة، ومن الضروري حمايته وتوثيقه وصيانته باستعمال التقنيات الحديثة حيث
يرى أن أكبر التحديات تكمن في ضعف الخبرة الرقمية لدى العاملين في قطاع الثقافة والتراث، ما يتطلب تكوينا متخصصا في توظيف تقنيات الرقمنة. كما أشار إلى نقص البيانات الضخمة الضرورية لتدريب الخوارزميات، خاصة تلك التي تتطلب معطيات دقيقة أو حساسة، داعيا في هذا السياق، إلى تطوير خوارزميات تكشف زيف المحتوى، وتساعد في تحديد أصالة المخطوطات والفترة التي تنتمي إليها.. واقترح ترجمة المخطوطات القديمة إلى لغات حديثة، وحماية اللهجات المحلية من الذوبان. كما شدد على ضرورة إنتاج مشاهد ثلاثية الأبعاد لأحداث تاريخية موثوقة، لمحاربة الفيديوهات المفبركة.
وأشار سلامي في سياق حديثه إلى أهمية توظيف تقنيات حديثة كالرادارات والطائرات المسيرة للتنقيب عن الآثار، ومعالجة الصور وترميم واستنطاق المخطوطات واستعمال تقنية الحقائق الافتراضية، وتقنية الواقع المعزز في التعليم و دور الثقافة والمكتبات والمتاحف لإعادة مشاهدة الأحداث التاريخية واقعيا، مؤكدا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفا، بل ضرورة لحماية الهوية الوطنية عبر ذاكرة رقمية متينة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025
العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025
العدد 19754

العدد 19754

الثلاثاء 22 أفريل 2025
العدد 19753

العدد 19753

الإثنين 21 أفريل 2025