وضعت جبهة التحرير الوطني قواعد أساسية للاتصال المباشر بالشعب، حيث أسندت لجنودها ومناضليها من ذوي الخبرة في الاتصال عدة مهام منها متابعة عملية شرح مبادئ الثورة وأهدافها، تبليغ التعليمات إلى العسكريين والمدنيين على حد سواء، إقناع المجنّدين الجزائريين ووجوب مغادرة صفوف الجيش الفرنسي، وكذا الاتصال بممثلي وسائل الاعلام ووكالات الأنباء في الجزائر للاطلاع على المستجدات في الميدان.
اتّبعت الجبهة طريقة للاتصال بالمواطنين كجمع المعلومات مسبقا عن سكان القرية أو الأعيان، استدعاء بعض الاشخاص الموثوق فيهم إلى قرية غير التي سبق تنظيمها، وأن يكون تحديد الموعد بالليل. وبالموازاة مع ذلك كانت هناك معايير لاختيار مهندس الاتصال الثوري أو ما يعرف بالمرشد السياسي، وهي أن يكون ضابطا صف في جيش التحرير أو مناضل حزب الشعب الجزائري، ولديه مستوى معين من الثقافة والوعي السياسي، مع كتمان السر وأن يستدعى للقيام بالمهمة الصعبة والخطرة.
أوكلت للمرشد السياسي مهام منها إشرافه على التنظيم والتوجيه العسكري والمدني، رفع معنويات أفراد جيش التحرير الوطني، والسهر على تكوينهم سياسيا وعقائديا، محاربة الآفات الاجتماعية في أوساطهم، تجنيد الراغبين من المواطنين في الجيش وتأسيس أفواج المسبّلين في كل قرية وتوفير الاحتياجات العسكرية، وكذا الاشراف على تنفيذ العمليات الفدائية وضبط الأحوال الشخصية، التربية والتعليم، جمع الاشتراكات والتبرعات وغيرها من المهام.
ونشير هنا إلى أنّ استراتيجية الثورة الجزائرية اقتضت أن تكون كل الميادين مكمّلة لبعضها البعض، فالقضاء ميدان مهم لسدّ الطريق أمام محاكم الاستعمار فعيّنت لذلك رجالا من أصحاب الاختصاص، المجاهدين من رجال الدين وطلبة وغيرهم، كما عزّزت استراتيجيتها بالجهاز الدبلوماسي ممّا جعل القضية الجزائرية تستقطب أنظار العالم، واستخدمت الاعلام المسموع للردّ على دعايات الاستعمار المضلّلة، وإقناع العالم بشرعية الكفاح المسلّح للشعب الجزائري.