أستاذ العلوم السياسية حمزة حسام لـ «الشعب»:

رحيل حكومة بايرو لا يزيل جذور المشكلة الفرنسية

 الوزير السابق الشرير روتايو أجّج الأزمة بخطابه العنصري

اعتبر الدكتور حمزة حسام، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن سقوط حكومة بايرو لا يعني زوال الخلافات العميقة بين الجزائر وفرنسا. مؤكدا أن هذه العلاقات لا تختزل في شخص رئيس الوزراء، بل ترتبط بملفات ثقيلة تراكمت على مرّ السنوات.
وأوضح الأستاذ حسام في تصريح لـ «الشعب»، أن الخلافات بين البلدين لم تكن وليدة اللحظة، بل هي امتداد لتاريخ طويل مرتبط بملف الذاكرة، والتجارب النووية الفرنسية في الجزائر، والتعاون الأمني في منطقة الساحل، إضافة إلى المصالح الاقتصادية. وأشار إلى أن هذه الملفات ظلت تؤجج التوترات في ظل تهرّب باريس من مواجهتها بالجرأة التي تستوجبها.
في هذا السياق، أبرز المتحدث أن وزير الداخلية في حكومة بايرو، برونو روتايو، بخطابه المتشدد وخياراته السياسية، خاصة مراجعة اتفاق الهجرة وتشديد التأشيرات، صب الزيت على النار، ما عمّق الأزمة وجعل العلاقات الجزائرية- الفرنسية تتراجع إلى أدنى مستوى منذ عقود، في مسار يقترب شيئا فشيئا من القطيعة. ويرى المحلل السياسي، أن سقوط حكومة بايرو لن يحدث تغييرا جوهريا في المدى القريب، حيث سيظل الجمود سيد الموقف إلى غاية تشكيل حكومة جديدة في باريس تتضح من خلالها رؤيتها لمعالجة الملفات العالقة. وأكد أنه لا يمكن حاليا استشراف ما إذا كانت العلاقات ستشهد تهدئة تدريجية أو ستواصل الانزلاق نحو القطيعة.
عن المشهد الفرنسي الداخلي، أوضح الدكتور حسام أن سقوط حكومة بايرو، وهي رابع حكومة تتغير في ظرف ثلاث سنوات، يعكس أزمة مركبة على المستويين السياسي والاقتصادي. وأضاف، أن الحكومة المستقيلة حاولت التغطية على هذه الأزمات عبر إجراءات مثيرة للجدل ضد المهاجرين، وخطابات استفزازية لا تنسجم مع الأعراف الدولية.
وفي قراءته للوضع الاقتصادي، كشف أن حجم الديْن العمومي الفرنسي بلغ 3.05 تريليونات يورو في 2024، وظلّت نسبته تتجاوز 110٪ من الناتج الداخلي خلال 2024-2025، مع كلفة خدمة الدين التي بلغت 59 مليار يورو في 2024، وسط تحذيرات من تخطيها عتبة 100 مليار يورو بحلول 2029 إذا لم يُكبح العجز، ما يجعلها البند الأثقل في الموازنة التي تعجز الحكومات المتعاقبة عن تمريرها.
أما على الصعيد السياسي، فأكد المتحدث أن هزيمة حزب الرئيس في الانتخابات التشريعية لعام 2024، بعد إخفاقه في الانتخابات الأوروبية، جعلت إيمانويل ماكرون في وضع ضعيف أمام كتل المعارضة. وقد أفرزت تلك الانتخابات برلمانا منقسما بين الجبهة الشعبية الجديدة (NFP) في المقدمة، تليها كتلة الرئاسة، ثم الجبهة الوطنية (RN)، دون أن يحقق أي طرف الأغلبية المطلقة (289 مقعدا من أصل 577).
وأضاف أن هذا الانسداد عطّل الحسم التشريعي وأنتج حكومات قصيرة العمر، وأجّل الإصلاحات والميزانيات، ما زاد من حجم الاقتراض وعمّق أزمة الثقة في الاقتصاد الفرنسي، وهو ما تجلّى في خفض وكالة التصنيف الائتماني تصنيف فرنسا من (AA) إلى (AA-)، إلى جانب تحذيرات وكالة «موديز» من هشاشة الوضع المالي.
وختم المحلل السياسي بالقول، إن الأسوأ في الأزمة الفرنسية أن سقوط حكومة بايرو لن يكون كافيا لتغيير المشهد، إذ أن تجاوز الانسداد يتطلب إما تغييرات جذرية على مستوى الجمعية الوطنية، أو الذهاب إلى خيار استقالة الرئيس نفسه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19871

العدد 19871

الثلاثاء 09 سبتمبر 2025
العدد 19870

العدد 19870

الإثنين 08 سبتمبر 2025
العدد 19869

العدد 19869

الأحد 07 سبتمبر 2025
19868

19868

السبت 06 سبتمبر 2025