انهيار حكومي يعكس ضعف ماكرون المتزايد في مواجهة خصومه السياسيين
قدّم رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، أمس الثلاثاء، استقالته رسميًّا إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد أن خسرت حكومته تصويت الثقة في الجمعية الوطنية الفرنسية، لتكون هذه الاستقالة محطة جديدة تعكس عمق الأزمة السياسية التي تعصف بفرنسا.
أفادت وسائل إعلام محلية، بأن بايرو غادر قصر الإليزيه مباشرة بعد لقائه بالرئيس ماكرون. في وقت أعلنت فيه الرئاسة الفرنسية، أن رئيس الجمهورية سيعيّن شخصية جديدة على رأس الحكومة خلال الأيام المقبلة، في محاولة لاحتواء التوتر السياسي الذي يتفاقم منذ أشهر.
وكانت الجمعية الوطنية قد صوّتت، الأحد الماضي، على مذكرة حجب الثقة، حيث جاءت النتيجة قاسية على حكومة بايرو، إذ أيّد 364 نائبًا قرار الحجب، مقابل 194 فقط منحوه ثقتهم. ويعود السبب المباشر لهذا التصويت، إلى الخطة المالية والميزانية التي اقترحها رئيس الوزراء، والتي اعتُبرت من طرف المعارضة غير واقعية ومثقلة بالديون، ما زاد من حالة الانسداد داخل المشهد السياسي. وتأتي استقالة بايرو بعد تسعة أشهر فقط من توليه المنصب، لتضاف إلى سلسلة الحكومات قصيرة العمر التي شهدتها فرنسا في السنوات الأخيرة، نتيجة توازنات سياسية هشة داخل البرلمان عقب الانتخابات التشريعية لعام 2024. فقد أسفرت تلك الانتخابات عن برلمان مشرذم تتوزع قوته بين الجبهة الشعبية الجديدة (NFP) وكتلة الرئاسة وحزب التجمع الوطني (RN)، دون أن يتمكن أي طرف من حصد الأغلبية المطلقة (289 مقعدًا من أصل 577).
ويرى مراقبون أن سقوط حكومة بايرو يعكس ضعف الرئيس ماكرون المتزايد في مواجهة خصومه السياسيين، خصوصًا بعد الهزائم المتتالية التي تكبدها حزبه في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، سواء على المستوى الأوروبي أو التشريعي.
ويعتقد محللون أن هذا الوضع يضع فرنسا أمام أزمة حكم مفتوحة على جميع الاحتمالات، قد تصل إلى حد إعادة تشكيل المشهد السياسي برمّته أو حتى فرض استقالة الرئيس نفسه إذا استمر الانسداد.
اقتصاديًا، يربط خبراء سقوط حكومة بايرو بالأوضاع المالية المزرية التي تمر بها فرنسا، إذ تجاوز الدين العام 3 تريليونات يورو مع عجز مزمن في الميزانية، ما جعل الأسواق تفقد ثقتها في قدرة الحكومة على إنجاز إصلاحات هيكلية. وتفاقمت هذه الأزمة مع خفض وكالات التصنيف الائتماني لتصنيف فرنسا الائتماني، وهو ما ضاعف الضغوط على السلطة التنفيذية.
في الأثناء، يترقب الشارع الفرنسي ومعه العواصم الأوروبية تعيين رئيس حكومة جديد، وسط تساؤلات حول مدى قدرة أي حكومة مقبلة على الصمود في ظل برلمان منقسم، واقتصاد مثقل بالأزمات، واحتقان اجتماعي تغذيه سياسات التقشف وخطابات العنصرية والكراهية ضد المهاجرين.