النطاسي في زنزانــة

بقلم: بهاء رحال

مكبّل اليدين والقدمين بالسلاسل، حوله الجنود مدججين بالعتاد والسلاح، في سرداب مظلم، هكذا ظهرت الصورة عن عمد للطبيب الإنسان حسام أبو صفية، بعد اعتقاله من مستشفى كمال عدوان نهاية كانون الأول الماضي.

 منذ اعتقاله عمد الاحتلال على التعتيم على مصيره، ولم يسمح لأحد بزيارته، وكانت الصورة الأخيرة له تخرج من بين دمار وخراب المستشفى صوب الدبابة العسكرية التي صعد إليها وحيدًا، في ثوبه الأبيض بعد أن أصرّ ألا يخرج إلا بعد خروج المرضى والطاقم الطبي، ثم بعدها أضحى مصيره مجهولًا، رغم كل المناشدات والمطالبات لمعرفة مصيره، وخلال تلك الفترة رفض الاحتلال الإفصاح عن أي معلومة حوله، واكتفى ببعض التسريبات حول التعذيب الذي تعرض له خلال الفترة الماضية.
صورة الطبيب مكبّل اليدين والقدمين تظهر حجم الحقد الأعمى الذي يسكن جنود الاحتلال، وهم يقتادوه بعد أن نكلوا به تعذيبًا وحرمانًا في زنازين اعتقال مجهولة. وهذه واحدة من الجرائم العديدة التي ارتكبها الاحتلال بحق المستشفيات والقطاع الصحي في غزة، فقد تمت عملية استهداف مباشر لهذا القطاع بشكل وحشي وأمام عيون الكاميرات، ومرأى ومسمع العالم والهيئات الطبية الدولية والمنظمات الصحية.
تدمير القطاع الصحي وقصف المستشفيات، كان أحد أهداف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، فمنذ اليوم الأول لم يسلم القطاع الصحي من القصف والحصار والدهم والتفتيش والتخريب، ومن عمليات التجريف ومنع وصول الدواء وقطع الكهرباء والماء، حتى باتت المستشفيات فاقدة للأهلية وعاجزة عن تقديم الخدمات الطبية، وهذا الاستهداف غير المسبوق أظهر حجم العقيدة المتوحشة لجيش الاحتلال وحكومته.
كما أظهر تقاعس المنظمات الدولية المعنية، والمؤسسات العالمية التي لم تتحرك فعليًا لوقف عملية اغتيال القطاع الصحي ووقف قصف المستشفيات، واعتقال أو قتل الأطباء والأطقم العاملة في القطاع الصحي، رغم أنها بموجب كل المواثيق والقوانين يجب أن تكون محمية في كل الحروب، وهذا ما لم يحدث بل آثر الاحتلال وتعمد الاستهداف عن قصد، كما لم يحدث من قبل في التاريخ.
ليست هناك إحصائيات دقيقة لأعداد الأطباء والممرضين المعتقلين في سجون الاحتلال، فسياسة التعتيم والتغييب القسري تجعل الأمر صعبًا، في ظل سياسة متعمدة من قبل الاحتلال، حيث أن الكثير منهم تم اعتقاله، ولا يزال مصيره مجهولًا حتى اليوم. بعض الأخبار التي ترد تفيد بأنّ الطبيب حسام أبو صفية سيكون من ضمن المفرج عنهم قريبا وفق صفقة التبادل، نأمل ذلك ونتمنى لكل الأسرى الحرية والخلاص من قهر وظلم السجن والسجان. لا غرفةُ التوقيف باقية ولا زَرَدُ السلاسل.

 

رأيك في الموضوع

« فيفري 2025 »
الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت الأحد
          1 2
3 4 5 6 7 8 9
10 11 12 13 14 15 16
17 18 19 20 21 22 23
24 25 26 27 28    

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19706

العدد 19706

السبت 22 فيفري 2025
العدد 19705

العدد 19705

الخميس 20 فيفري 2025
العدد 19704

العدد 19704

الأربعاء 19 فيفري 2025
العدد 19703

العدد 19703

الثلاثاء 18 فيفري 2025