ما بين نارين قلبي حائراً يقفُ
لكنّه ليس ياءً، فالهوى أَلِفُ
يدفُّ مثل لسانَ النارِ إنْ فُتحتْ
جهنّمٌ..أو أَطلَّ الآشِرُ الخَرِفُ
ليس الذي حرفُه أودى بلحيتهِ
مثلَ الذي حرفُه في النورِ معتكِفُ
ليس الذي قال مَن أودت به كُتُبٌ
بل شاعرٌ قلبُه في موته كَلِفُ
هنا من القدس نرجو أن يعود لنا
عهدُ الإخاءِ به نرجو ونأتلفُ
لا توقظوا الفتنةَ الظلماءَ، إنّ لها
فقهاً بإهلاكِ أهل الحيّ لو عرفوا
فكم تساقطت الرايات وارتفعت
وكم تهدّمت الأسوار والشُّرَفُ
وكم تضاحك إبليسٌ ومعشرُه
وكم على دمنا المهدور قد عزفوا
وكم تناظرت الشاشات وانصهرت
ومن كؤوس المنايا كم.. وكم رشفوا
لا توقظوا الفتنةَ العمياء، آن لها
أن تنتهي..فبقايا سُمِّها تَلَفُ
لَكَم تصادمتِ الأكتافُ وانكفأت،
وكم تذابح أهلُ الحيّ واختلفوا
هذي طبيعةُ أبناءِ الزمان، فما
باتوا على الثأر، بل خلّوه وانصرفوا
إلى الذي يُنبت الأغصان ثانيةً
غيثاً، لتهميَ في عليائها الكِسَفُ
وكم تزاحم أهلُ الذّكر، وانشطرت
نصوصهُم، وانبرى للعارضِ السَّلَفُ
فما تشقّقت البلدانُ وانكشفت
للقاتلين. ولمّا كَفّروا.. انكشفوا
ومكّنوا الغيرَ، إذ ساروا بشأفتِهم
وقيل قد فَسَّقوا، قلنا: لقد جدفوا..
شاسُ بنُ قيسِ استفاقَ الآن في حنقٍ
فناجزوهُ بسيفِ الحقّ تُنتَصفوا
ونحنُ يا صاحِ مثلُ الناس، يجرحهم
وردٌ، ويحملهم برقٌ إذا عصفوا
لكننا أهلُ آياتٍ، وإنّ لها
نَفْساً تسيلُ وقلباً خاشعا يجفُ
يا عقرب النار! يا مَن تبتغي لهباً
يُحرّق الدارَ حتى تنتهي الغُرفُ
هذا أبي ثمّ عمّي.. مَن يزاحمهم؟
والبيتُ يعرفهم مِن قبل ما عُرفوا
مدّوا الشموسَ إلى شطآنِ أندَلُسٍ
والصينُ تحت زئير الجيش ترتجفُ
فكيف تعتقد الأفهامُ ما نقلوا
زُوراً على واقعٍ ما كان.. أو حذفوا؟
ماذا تريد؛ أبي قد صانَ مصحفَه
والعبشميُّ تهادى حولَه التّرَفُ؟
مَن أطعم الطيرَ في وادٍ ومن قممٍ
وفتّحَ البابَ حتى تَهتدي الصُدَفُ
مَن الذي مات ظمآنا على فرسٍ
كأهلِ غزّةَ مَن صدّوا ومَن نزفوا
ردّوا عن البلدِ الغيلانَ، واتّحدوا
فما تنفّسَ في تابوتهِ الصَّلَفُ
وخلّفوه وراءَ الصمت، ليس له
إلا الذين بِقَيدِ الأَسْرِ قد خُطِفوا
جسارةٌ قد أَلَفَّتْ حولَ قاتلها
والنّصرَ ما غَنِمتهُ الكَفُّ والكَتِفُ
فَطينُ غزّةَ أرضُ الطَّفِّ إنْ عطشت
تُرَنِّقُ الرّملَ من أكبادِ مَن قُصفوا
وثوبُ مروانَ في الأقصى، وقد أكلتْ
أردانَه النارُ، واختالت به الجِيَفُ
بنو أميّة والعبّاسِ من أَدَمٍ
فربّما زاغتِ الأقلامُ والصّحُفُ
وربّما ظَلموا أو أنهم ظُلِموا
لكنّ أيامَهم نهرٌ ومُغتَرَفُ
لقد وَرِثنا ظُنونَ الحِبرِ..ليس لهم
أن يُطعمونا ثمارَ السوءِ إنْ قَطفوا
لا أبتغي أن أُنقّي سِيرةً حَفَلتْ
بلوحةٍ تشتهيها الرّوضةُ الأنُفُ
فيها الصّدوقُ ومَن عدّوه خامسَهم
ومَن تنادوا على الأسوارِ فأتَلفُوا
والفاتِحانِ وعمّارٌ ومَن صُلِبوا
والسَّعدُ والعِزُّ والخنساءُ والخَلَفُ
فيها الحسينُ وما دمعي عليه غدا
إلا فتيّاً وحزناً فوق ما أصِفُ
يا مسكنَ الطهرِ يا سبطَ النبيِّ ويا
سحرَ المقاماتِ أغشاها فتنكشفُ
في الدهر لي خلفٌ عن كلّ نائبةٍ
وعن مصابكَ ما في الناس لي خلفُ
عباءة الدّين قدّت يا ابنَ فاطمةٍ
وأُمّتي في دروب القول تعتسفُ
هل سُنّةٌ فَرطَت أو شيعةٌ عَقَدت..
ونحنُ أَنْفٌ وممّا يزعموا..أَنِفُ!
ماذا إذا اقتتلَ الآباءُ؟ هل قَدَرٌ
أن يحمل الولدُ المكلومُ ما اقترفوا؟
سكينةُ الفتنة العمياء فاجرةٌ
وخاطري من جراح المُدّعي أسِفُ
قولوا الذي ما يلبّي عِصْمتي بأخي
فالشِعرُ حَرفٌ، وعند المُدّعي حِرَفُ
لا تستوي قسمةٌ ما بين سادتِنا
نبضان في الصدر؛ جمرُ العشق والشَّغفُ
ضوءان من نجمةٍ جاءا ومن رَحِمٍ
ما جفّ ينبوعُه النوريُّ والنُّطَفُ
كلاهما من منافٍ، شارَفوا أبَداً..
ظلّوا الخلودَ، فما ضلّوا وما وقفوا
يا مجدَ هاشمَ يا جَدَّ النبيِّ! ويا
شقيقه الأمويّ؛ الفتحُ والشرفُ
هم العواصمُ من قَصْمِ الظُهور، فهل
نَعرى، ونحنُ، لِمَن ظنّوا بنا،الهدفُ
نحنُ الذين شَرُفْنا بالسُّراةِ، على
دربِ الخيولِ، وبالتوحيد قد شَرُفوا
يا جدّتي الشام! يا أُمّي العراق! ويا
دمشقُ نادت..فَلَبّى جُرحَها النّجفُ