توقّع إنتاج 2500 طن وآليات حديثة لتغطية نُقص منتوج البحر

يشكل الاستثمار في تربية المائيات إحدى الأولويات الاقتصادية والاجتماعية لقطاع الصيد البحري وتربية المائيات، بالشلف، التي تعد رائدة في هذا النشاط من خلال اعتماد 8 مشاريع استثمارية خاصة بثلاثة مواقع بحرية من شأنها تحقيق إنتاجية تصل إلى 5 آلاف طن، وهي كمية تفوق ـ برأي المختصين ومسؤولي القطاع ـ منتوج الصيد البحري خاصة بعد الإجراءات الأخيرة التحفيزية التي دخلت حيز التطبيق وتسهيلات الإدارة المحلية لتجاوز العقبات ومرافقة المستثمرين لتدعيم الأمن الغذائي.
تنامي ظاهرة نقص منتوج الصيد البحري وارتفاع أسعاره في الأسواق لعوامل متعددة وجه بوصلة الإنتاج نحو تربية المائيات كأولوية لإنعاش القطاع والمساهمة في الأمن الغذائي بالنظر إلى الإجراءات العملية التحفيزية الأخيرة التي منحت مجالا لتحرك المستثمرين، بعد المتاعب والتعقيدات التي وقع فيها المستثمرون والتي تم حصرها في العوامل الداخلية والتسييرية لأصحاب هذه المشاريع 8 التي بعضها دخل في طور الإنتاج والاستغلال والتسويق، والبعض الآخر يعمل على حل مشاكله مع الشريك في الإنتاج وتسوية وضعيته مع البنوك المتنوعة التي فتحت مجالا لمنح القروض تطبيقا للإجراءات الحكومية.

استثمارات رائدة بـ 3 بلديات
الإقبال على هذا النوع من الاستثمارات تربية المائيات البحرية مكن من اعتماد 8 مشاريع كبرى على مستوى 3 هكتارات، وهذا بإنجاز بحسب مدير قطاع الصيد البحري وتربية المائيات بالشلف سيدي محمد قدار 78 قفصا عائما منجزا، يتوزع عبر بلديات بني حواء وواد قوسين وسيدي عبد الرحمان بقدرة إنتاجية تقدر بحوالي 450 طن سنويا مع مشروع شركة “أكوا” التي شرعت في إنتاج 2000 طن في الدورة، ليجعل منها أكبر مشروع وطني في الظرف الحالي  بعدما دخل في تسويق منتوجه عبر الوكلاء من عدة ولايات الذين يعملون على توزيع هذا المنتوج من سمك “القجوج” و«ذئب البحر” اللذان يعرفان بسمك “الدوراد” و«اللود”.
في انتظار مشروع آخر دخل قيد الاستغلال وستكون منتجاته في الأسواق، بعد شهرين من الآن.
أما المشاريع الأخرى فهي في طور الاستغلال، وهذا بعدما تم استزراع 7ملايين  و900 وحدة من هذين النوعين، نهاية السنة الفارطة، التي مثلت ضعف ما تم تحقيقه في سنة 2020، حيث لم تتجاوز عملية الاستزراع 4 ملايين و650 وحدة من أصبعيات هذه الأسماك التي سيتم تسويقها في السداسي الثاني من السنة الحالية، وفق مؤشرات المستثمرون وتصريح مدير القطاع بالولاية.
أما بخصوص المشاريع 7 المخصصة لتربية الأسماك والأخرى تربية بلح البحر، تجعل هذه العمليات مرشحة لتحقيق، خلال هذه السنة، منتوج يفوق 2500 طن، بعدما كان في سنة 2021 يراوح مقدار 1637 طن.
هذه التقديرات السنوية مكنت من توفير ما نسبته 67 بالمائة من مجموع الإنتاج الوطني، وجاءت هذه الريادة بقواعد جزائرية واعتماد تقنيات حديثة وعصرية في هذا المجال، يقول ذات المسؤول رفقة رئيس مصلحة تربية المائيات.

مؤسستا “موكريطار أكوا “ و«أكوا بار” تحقّقان الاستثناء
عملت مؤسسة موكريطار أكوا المسيرة من طرف المستثمر محفوظ على تحقيق مشروعه الطموح والرائد الذي شرع في تجسيده، منذ سنة 2016، ليدخل حيز الإنتاج بنوعية حققت فضول الزبائن، بحسب وكلاء التوزيع الذين يترددون على منطقتي واد قوسين، بدائرة بني حواء التي تتوفر على ملجأ للصيد البحري.
 كما كان لمؤسسة أكوار بار بسيدي عبد الرحمان التي استفادت من القاعدة المعاشية حضورا في ممارسة النشاط بكل احترافية خاصة بعدما تمكنت من تجاوز عوائقها الداخلية واستفادتها، خلال السنة المنصرمة، من قرض مكن من دخولها قيد الاستغلال بدعم ومرافقة من الوالي ووزارة الصيد التي وقفت في وقت سابق على انشغالات المستثمرين. لذلك من المنتظر أن تسوّق منتوجها مطلع أوت ـ سبتمبر ويصل وزن السمكة إلى أزيد من 350 إلى 400 غرام بحسب المختصين في التسويق الذين يراهنون على مثل هذا الحجم الذي سيكون مربحا للمستهلك والوكيل والمستثمر.
من جهة أخرى، عملت مؤسسة مادأكوافيش الاستثمارية على تجسيد مشروعها الطموح لتكون إضافة في الإنتاج السمكي  للشركات الثمانية التي ستدعم السوق الوطنية بهدف تعويض النقص المسجل في منتوج الصيد البحري وأسعاره الجنونية التي حرمت فئة كبيرة من اقتناء هذه المادة الغذائية الضرورية.

تنويع مصادر التموين لإنقاذ المشاريع
أدت المتاعب المالية وأحادية التموين للمشاريع من بنك واحد الذي اشترط ضمانات، إلى عجز بعض المستثمرين وعقدت نشاط مؤسساتهم، وسمح تدخل السلطات العليا في البلاد بحسب مدير القطاع باتخاذ إجراءات تحفيزية فعّالة وعملية لإنعاش القطاع كشريك اقتصادي إستراتيجي لكسب رهان توفير الأمن الغذائي وإحداث قفزة في المنتوج، حيث تمثلت هذه الإجراءات في تخفيض الضريبة على القيمة المضافة، والتي كانت في حدود 19 لتنزل إلى 9 بالمائة، بالإضافة إلى العمليات الجمركية التي تراجعت إلى حدود 15بالمائة، زيادة على التنويع في التعامل مع البنوك، بعدما كان بنكا واحدا.
تضاف إليها تسهيلات المصالح الولائية ومرافقتها للمشاريع والوقوف عند انشغالات المستثمرين وتخصيص منطقة نشاطات لتربية المائيات بسيدي عبد الرحمان، مع فتح باب إصلاح السفن  وبنائها لتكون قوة حقيقية للقطاع والمتعاملين معه.
هذه الإجراءات التحفيزية منحت الفرصة لأصحاب المشاريع المعتمدة التي دخلت مرحلة التسويق أو تتأهب، خلال الشهرين القادمين، لاقتحام الأسواق الوطنية، كما أنها عوامل أعطت دفعا إضافيا لأصحاب المشاريع الذين تنفسوا الصعداء، من خلال التفاتة السلطات العليا في البلاد، في انتظار صدور التعديلات القانونية التي من شأنها تحقيق وثبة الإنعاش للقطاع وتوفير الأمن الغذائي برأي هؤلاء.

التكوين والتشغيل آفاق الإنتاج في 2024
فرضت عملية المنافسة ورفع التحدي لتفعيل وتيرة الإنتاج والتحكم في تقنياته ومعاييره الحديثة في ظل الطلب المتزايد على هذا النوع من السمك ذي القيمة الغذائية الفعّالة في منظومة الاستهلاك اليومي للمواطن. حيث سارعت هذه المؤسسات لتوفير مجال التكوين المستمر لضمان النجاعة لدى أطقم العمال والمهندسين والتقنيين على المستوى الداخلي للشركات أو المعهد الجامعي الذي يرتبط بها قطاع الصيد البحري ضمن بروتوكول إتفاق، بالإضافة إلى فضاء ملحقة الصيد البحري وتربية المائيات الكائنة، بمنطقة المرسى والتي من شأنها تكوين ما بين 200 و300 متربص في مختلف الاختصاصات كبحار مؤهل والإليكتروميكانيكي وربان السفينة، هذه العملية مسّت سنة 2020 أكثر من 58 إطارا وفي عام 2021 ارتفع العدد إلى 624 متربص في التخصصات المطلوبة.
ومن جانب آخر، سمحت هذه المشاريع الاستثمارية في قطاع تربية المائيات بالبلديات المعنية بتشغيل 120عامل بصفة دائمة، ويقفز العدد أثناء دورة الإنتاج إلى أكثر من 200عامل، وستعرف النسبة ارتفاعا محسوسا في ظل حاجة المستثمرين لتطوير وتوسيع نشاطاتهم، بحسب مدير القطاع ورئيس مصلحة تربية المائيات.
وفي سياق القدرة الإنتاجية كرهان يرفعه المختصون ومسؤولو القطاع، فإن آفاق 2024 ستوفر ما قيمته 5 آلاف طن من سمك تربية المائيات، وهو ما يفوق كمية الإنتاج القادم من الصيد البحري.