الأم رابعـة العنزاوي

صـبر وأمل بـعـناق قريب لـبكرها مارسـيـل بـعد 14 عـاماً في الأسـر

تقرير: علي سمودي - القدس - جنين

تتوشّح رابعة العنزاوي بالأمل وتتسلّح بالصبر أمام أوجاع لا تنتهي وعمر يمضي، والسجن الذي يخطف سنوات عمره وزهرة شباب ابنها مارسيل.
 رغم معاناتها من عدة أمراض مزمنة، واظبت الأم رابعة على زيارة نجلها الأسير مارسيل عناد العنزاوي، على أمل تحرّره وعودته لحضنها، لكنها تشعر حالياً بالحزن والقلق في ظل انقطاع أخباره عنها، منذ الحرب الصهيونية على غزة، وما رافقتها من إجراءات مشددة وتضييق على الأسرى وبضمنها إلغاء زيارات الأهالي. وقالت العنزاوي «ارتبطت حياتي بمواعيد زيارته التي كانت بمثابة عيد وفرحة كبيرة. تنقلت بين السجون رغم أوجاعي حتى تتكحل عيني برؤيته التي تزرع في أعماقي الأمل، لكنني أشعر بألم ووجع كبيرين بسبب عدم قدرتي على زيارته حاليا».

لا زيارات منذ بداية الحرب

 وأضافت «لم أتمكّن من زيارته منذ بداية الحرب، قبل 9 شهور، جراء منع الزيارات، ممّا يثير قلقي على ابني ويزيد من صعوبة حالتي الصحية، لكنني صابرة، وأعيش في عالم ذكرياته الجميلة التي تركها في كل ركن وزاوية من بيتنا». وتابعت» صوره لا تفارقني، معي في كل مكان، أتذكره في كل الجلسات والمناسبات والأوقات، فلا معنى لحياتي دونه، وأمنيتي استقباله حراً وان أفرح بزفافه عريساً».
في غيابه القسري المستمر منذ 14 عاماً، أصبحت الأم الخمسينية رابعة العنزاوي، تحرص على زيارة المنزل الذي شيده زوجها مؤخراً، ليعمره نجلهما الأسير مارسيل فور تحرره، لتستمد المزيد من الصبر والأمل، وتخفف أحزان ووجع غيابه. وقالت «حياتي وعمري مارسيل، أنتظر لحظة عناقه على أحرّ من الجمر، وكل يوم أصلي وأتمنى أن أراه يطرق باب منزلنا، لأعانقه واحتضنه وأشطب من حياتي كل لحظات الوجع في غيابه الذي طال». وأضافت: «حتى عندما تزوج شقيقه، بكيت ولم نفرح رغم أن صوره انتشرت وزينت الحفل، فقلبي سيبقى عليلاً وروحي أسيرة معه، حتى أراه يكسر القيد ويملأ منزله الذي بناه له والده، لتكون الفرحة مزدوجة، حريته وزفافه إن شاء الله».

ولد في انتفاضة الحجارة

 في مدينة جنين، أبصر مارسيل النور في 9-12-1988، ليكون البكر لعائلته المكونة من 5 أنفار. وقالت والدته «لا يعوّضني عنه أحد في الدنيا، فقد كان عنوان الفرح والسعادة في حياتنا عندما أنجبته خلال انتفاضة الحجارة، لكنه منذ صغره، تحلى بروح وطنية ونضالية وخلال طفولته، كان يشارك في المسيرات والمواجهات حتى كبر، وأصبح البطل الذي نفخر دوماً ببطولاته وتضحياته». وأضافت « لم يكمل تعليمه، وترك مقاعد الدراسة في الصف 11، وانضم لصفوف انتفاضة الأقصى، وقاوم الاحتلال الذي اعتقله في المرة الأولى عام 2008، وهو في سن 19 عاماً، لكنه صمد وتحدّى الاحتلال وتحرر بعد فترة قصيرة».

الاعتقال في طبريا

 تاريخ 8-1-2009، يوم محفور في ذاكرة أم مارسيل، لم ولن تنساه رغم مرور السنوات، ففيه اعتقل بكرها، وقالت: «جرائم وممارسات الاحتلال أثرت على مارسيل الذي كرّس حياته للنضال والمقاومة، لكنه لم يكن يبوح بسره لأحد، ويقاوم الاحتلال بشكل سرّي». وأضافت «من وسائل الإعلام الصهيونية، علمنا بنبأ اعتقال مارسيل في مدينة طبريا في الداخل، فقد زعم الاحتلال أنه نفذ عملية فدائية واعتقل خلالها، وتعرض للضرب بشكل وحشي، وممّا زاد من قلقنا انقطاع أخباره».
على مدار شهرين، لم تعرف عائلة مارسيل أخباره. وقالت والدته « تكتم الاحتلال على مصيره، ولم أعرف طعم النوم والحياة في ظل انقطاع أخباره، حتى علمنا أنه محتجز في زنازين العزل والتعذيب في مركز تحقيق الجلمة». وأضافت «تعرض مارسيل لكافة أشكال الضغوط والتحقيق العسكري. عزلوه ومنعوا المحامي والصليب الأحمر من زيارته، لنعيش كوابيس رعب رهيبة حتى نقلوه إلى سجن مجدو».

السّجن 16 عاماً فعلية

وتابعت «استمرّت رحلة العذاب والقهر بين السجون والمحاكم، وسط حرماننا من زيارته وتمديد توقيفه على مدار عامين حتى حوكم بالسجن الفعلي لمدة 12 عاما، لكن الحكم لم يعجب النيابة العسكرية التي استأنفته، وطالبت برفع الحكم». وأضافت «فشلت جهود المحامي، واستمرت ضغوط المخابرات حتى أضيف لحكمه 4 سنوات أخرى، وصدر القرار النهائي بالحكم الظالم 16 عاماً فعلية».
أنهى التوجيهي وحصل على البكالوريوس
 لم ينل الحكم من عزيمة ومعنويات مارسيل، وقالت والدته «بكيت لهول الصدمة، لكنه صمد ببطولة، ورفع معنوياتي في كل زيارة، وأصبحت أشعر بفخر واعتزاز، كلما سمعت قصصاً عن تضحياته وشجاعته في الأسر، ومكانته ومحبة الأسرى له». وأضافت: «مارس الاحتلال بحق ابني، كل أشكال العقاب والانتقام لصلابته، ودوره في صفوف الأسرى وتحدي مصلحة السجون، فعانينا وإياه من التنقلات والعزل ومنع الزيارات والكانتين، لكنه تميز بالشجاعة وأكمل مسيرته، وحرص على الثقافة والتعلم». وأكملت «رغم القمع والعقوبات، واصل الدراسة، وحقق النجاح، وحصل مارسيل على شهادة الثانوية العامة بنجاح، وانتسب لجامعة القدس المفتوحة، وحصل على شهادة البكالوريوس». حتى اليوم، تجهل العائلة مصير ابنها، وقال والده «منذ اعتقاله لم نشعر بأي سعادة نهائيا، الفرح توقف في عائلتنا التي تنتظره على أحر من الجمر، ونتمنى أبرام صفقة قريبة تحقق النصر لغزة، والحرية لشعبنا وأسرانا جميعا، وتبييض السجون، فهناك خطر كبير على حياتهم، ويجب كسر القيود والقضبان فوراً».
وأضاف «الاحتلال يتفنّن في عقاب أسرانا والانتقام منهم في ظل الإبادة بغزة، وصمت العالم والمجتمع الدولي، ولا يوجد لدينا معلومات عن ابني وأحواله وظروفه، ويجب أن نقف معهم بكل قوة لحمايتهم حتى تحريرهم».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024