انعكس انتشار وتفشي جائحة كورونا سلبا على نوعية العلاج الذي يتلقاه مرضى السرطان في بلادنا بالرغم من استمرار خدمات مراكز مكافحة السرطان، وعدم توقف نشاطها عكس التخصصات الأخرى، إلا أن التركيز الكبير على التكفل بالمصابين بفيروس كورونا تسبب في تأخر بعض الحالات في الكشف والتشخيص، وإهمال التكفل بهذه الفئة نظرا لعدم استقبال المرضى الجدد في العديد من مراكز علاج السرطان والاكتفاء فقط بمواصلة التكفل بالمرضى الذين يتلقون العلاج في هذه المصالح منذ مدة.
عاش المصابون بالسرطان مشاكل كبيرة دامت عدة أشهر في الحصول على الأدوية الموجهة للعلاج الكيميائ،ي وللتكفل ببعض الحالات الخطيرة الخاصة بالكبار والصغار أيضا، والمتمثلة في دواء «ميثوتركسيت» وحمض الفوليك وفلورويوراسيل ودواء «أوكساليبلاتين» قبل أن تعلن الصيدلة المركزية للمستشفيات عن استلام كميات كبيرة من الأدوية الموجهة لعلاج السرطان لدى الأطفال.
وعرفت الأدوية الموجهة للتكفل بالمصابين بالسرطان بالنسبة للأطفال ندرة حادة تسبّبت في توقيف علاج الكثير من المرضى وتدهور حالتهم الصحية، ما دفع السلطات المعنية إلى التحرك السريع لإنقاذ المرضى من الموت، ومحاولة تغطية احتياجات المرضى من هذا النوع من الأدوية لمدة سنة باقتناء 60 ألف وحدة من دواء «ميثوتريكسات» و180 ألف جرعة من مضادات السرطان في الشهر الفارط، إضافة إلى توفير كميات أكبر في الأسابيع القليلة المقبلة.
زيادة على المعاناة التي تواجه مرضى السرطان بسبب نقص بعض أنواع الأدوية، تعترضهم عدة عراقيل في الوصول الى العلاج خاصة في الظفر بموعد للعلاج الإشعاعي، إذ باتت تشكل قائمة الانتظار الطويلة الهاجس الأكبر بالنسبة للمرضى في جميع المؤسسات الاستشفائية، باعتبار التأخر في العلاج يعرّض حياتهم للخطر ما جعل بعض المرضى يضطرون الى التوجه للعيادات الخاصة، ودفع أموال باهظة تتعدى 70 مليون سنتيم للخضوع لجلسات العلاج الإشعاعي في الوقت المناسب بعد أن أصبح الأمر مستحيلا في المؤسسات الاستشفائية العمومية، بالإضافة إلى لجوء المرضى إلى القطاع الخاص لإجراء فحوصات الأشعة من» سكانير» و»إي أر أم»، وهو ما ينهك جيوبهم بالنظر إلى غلائها وعدم تعويضها من قبل مصالح الضمان الاجتماعي.
مسار حقيقي من الكفاح يقطعه جميع مرضى السرطان، ومعاناة مريرة مع المرض في مختلف الجوانب العلاجية والنفسية، خاصة بالنسبة للمرضى في المراحل المتقدمة، والذين يعيشون آخر أيام حياتهم ويحتاجون إلى الرعاية والاهتمام للتخفيف من آلامهم ومعاناتهم النفسية والجسدية، وتحسين نوعية الحياة لديهم، ويتجسد ذلك مع إنشاء وحدات للطب التلطيفي على مستوى المستشفيات الكبرى للتكفل بالمرضى، الذين تكون حالتهم صعبة ومعقّدة، إلى جانب تدعيم وتشكيل وحدات للعلاج المنزلي من أجل تخفيف مشقة تنقّل المرضى للمستشفيات.