المظاهرات إستفتاء شعبي ضد الاستعمار، الأستاذة بلقاسم:

محطة لإحياء المقاومة الوطنية على النطاق الشعبي

ورقلة: إيمان كافي

 

تعدّ مظاهرات 11 ديسمبر 1960، محطة تاريخية لاستفتاء شعبي للجزائريين ضد الوجود الاستعماري ورفض الإصلاحات الديغولية، تأكدت فيها فعليا مقولة بن مهيدي: «ألقوا بالثورة إلى الشعب يحتضنها الشارع»، وأن الجزائر للجزائريين دون غيرهم، بالرغم من سياسات المسح لوجود الأمة الجزائرية والتي استمرت لأكثر من قرن مثلما ذكرت الدكتورة ليلى بلقاسم أستاذة التاريخ بجامعة غليزان.


بالعودة إلى تاريخ هذه المظاهرات، تقول الدكتورة ليلى بلقاسم: «جاءت وسط تميز بالقمع مثلما وصفته نشرية جمعية الصليب الأحمر في جانفي 1960 وكانت معبرة عن المآسي التي كان يعيشها الجزائريون في السجون والمعتقلات وفي المحتشدات.. على يد جلادي الاستعمار الفرنسي، ما آثار استياء الرأي العالمي وأحرار العالم».
وتضيف: «من هذا المنطلق دعت اللجنة الإفريقية الآسيوية للأمم المتحدة إلى الاجتماع للإطلاع على معاناة الجزائريين جراء انتهاك حقوق الإنسان وحريتهم».
وتشير الأستاذة إلى أنه بتاريخ 12 فيفري 1960، استنكرت جبهة التحرير الوطني التقسيم الذي باشرت فرنسا في تطبيقه، ووجهت نداء إلى أوروبيي الجزائر، وضحت لهم فيه أنّ الثورة الجزائرية ليست ضدهم وأنّ استقلال الجزائر، ليس معناه رميهم في البحر مثلما يدعي غلاة الاستعمار. 
وتوضح أن هذه المظاهرات، جاءت في وقت أقدمت فيه فرنسا الاستعمارية على تفجير أولى قنابلها الذرية في الصحراء الجزائرية يوم 28 فيفري 1960، ما أثار السخط المحلي والدولي، وفي  29 فيفري 1960 أذاعت جبهة التحرير الوطني بيانا استنكرت فيه محاولات التقسيم وإجراء انتخابات جهوية في ماي 1960.
 وعن استعدادها للدخول في مفاوضات في نطاق المطالب الوطنية المشروعة للشعب الجزائري (الاستقلال التام في ظل الوحدة الإقليمية)، في وقت اجتمعت فيه ما بين أفريل 1960 بطرابلس، حيث تمّت دراسة الأوضاع السياسية والعسكرية للثورة وتقرّر اتخاذ الوسائل الضرورية لمواجهة المناورات الفرنسية المتعلقة بالانتخابات، وفي سبتمبر 1960 وجهت مذكرة احتجاج لحلف الناتو جراء مشاركته في قتل الجزائريين.
وفي هذا الجو المشحون تبرز الدكتورة ليلى، أن مظاهرات ديسمبر 1960، جاءت تأييدا للثورة التحريرية وردا على مساومات السلطة الديغولية، التي حاولت إنشاء قوة ثالثة منافسة لجبهة التحرير الوطني لمحاولة كسر نفوذها وسط الجماهير الشعبية في محاولة لفصل الشعب عن ثورته، من خلال مشروع الجزائر جزائرية بدون جبهة التحرير الوطني.
 ومع الإعلان عن زيارة ديغول للجزائر في 10 ديسمبر 1960، أصدر المستوطنون المنخرطون في جبهة الجزائر فرنسية بيانا في 8 ديسمبر 1960 يدعون فيه إلى الإضراب الشامل، وفي 9 ديسمبر 1960 اجتمع حوالي 200.000 جزائري في حي بلكور بالعاصمة، حاملين الرايات الوطنية منادين باستقلال الجزائر وجبهة التحرير الوطني كممثل شرعي للشعب الجزائري، فقابلتها السلطات الاستعمارية الفرنسية تدعمها جموع المستوطنين بالاضطهاد.
 وفي 11 ديسمبر 1960، انطلقت المظاهرات من الأحياء الجزائرية ميزها النشيد الوطني وتقدم النسوة بالزغاريد والهتافات الوطنية طيلة يوم كامل بحي بلكور. 
وتضيف أنه في وسط الغليان الشعبي أمر الجنرال غومبيو بمحاصرة الحي بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، ليشرع المظليون في إطلاق النار بوحشية خلت من الإنسانية من الساعة الرابعة مساء إلى الخامسة صباحا، لتخلّْف القوات الفرنسية ما تعجز الأقلام عن وصفه من قتلى ومعتقلين.
وبالرغم من ذلك استمرت السيول البشرية تتدفق باتجاه القوات الفرنسية لرسم معالم الجزائر المستقلة وسط التكبير، وهذا في شوارع خضبتها الدماء في بلكور والمدنية (صالامبي سابقا)، رسمت على آثرها الأنجم والأهلة بالرغم من الإجرام الفرنسي الذي لم تسلم منه حتى بيوت الله انطلاقا من شعار «اقتلوهم جميعا إنهم فلاقة».
لتكون المظاهرات بمثابة إحياء جديد للمقاومة الوطنية على النطاق الشعبي، في وقت كانت تدعي فيه السلطات الاستعمارية أن الشعب الجزائري صار «صديقا»، وأن الجيش الفرنسي يقوم بتصفية ما كان يسميه بالبقايا الأخيرة لفرق الفلاقة، ليصدم الاستعمار وغلاته بالفيضان البشري العارم لإسقاط الاستعمار وسياسته.
وتقول أيضا: «كانت المظاهرات إحدى المعالم التي غيرت في السياسة الاستعمارية الفرنسية ودفعتها نحو الاقتراب من فشلها في الجزائر، ما جعل ديغول يدخل مع جبهة ال

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024