دعا وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أمس بالجزائر العاصمة، جميع الفاعلين إلى استخلاص الدروس والعبر من تضحيات شهداء ومجاهدي الثورة التحريرية “حفاظا على الذاكرة الوطنية وتاريخ الأمة”.
أكد الوزير في كلمة له خلال أشغال المجلس الوطني للمنظمة الوطنية للمجاهدين الذي يتزامن مع إحياء الذكرى الـ67 لاندلاع الثورة التحريرية، أن “هؤلاء المجاهدين الذين سبلوا أنفسهم لتحرير الوطن من الاستعمار، يعتبرون بمثابة كبرياء الجزائر وعظمتها وسموها والماضي المجيد والتاريخ المشرف”. وأشاد ربيقة، بالمناسبة، بالتضحيات الجسام التي قدمها أبطال الثورة من أجل “عزة الوطن وكرامته”، داعيا إلى “الحفاظ على الذاكرة الوطنية التي يعتبرون جزءا منها، بالنظر لما يطفح له التاريخ والتراث من دروس وعبر وقيم ماثلة في الأذهان”. وشدّد على ضرورة “مساهمة الجميع من أجل إبراز مفاخر التاريخ وأمجاده ورموزه وترسيخ مضامينه والتعريف، بما يكتنزه الموروث الحضاري من دلالات عميقة وأبعاد رمزية لتستلهم منها الأجيال الصاعدة في مسيرة الحاضر واستشراف المستقبل لتجسيد مشروع الجزائر الجديدة التي جاء بها برنامج رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون”.
وقال، في هذ الشأن، إن برنامج رئيس الجمهورية “ينص على ضرورة صيانة مكاسب الأمة في كل المجالات وعلى كافة الأصعدة، بما فيها تلك التي تهدف إلى العناية بالذاكرة الوطنية وحماية التراث التاريخي والثقافي، بالنظر للأهمية الاستراتيجية للتاريخ في حياة الأمة والشعوب”.
وأضاف أنّ “الجزائر العريقة بتاريخها، المعتزة بأمجادها، تسير قدما في مسار التجديد لتوحيد صرحها واعتماد برامج ومخططات هادفة لبناء اقتصاد يحقق للشعب الارتقاء والتقدم في كنف التحام الشعب ومؤسساته الجمهورية واستماتته في الدفاع عنها”.
ودعا، بالمناسبة، أبناء الجزائر إلى “المضي قدما بثقة وثبات، من خلال الارتكاز على النتائج الإيجابية المحققة والهادفة إلى تأسيس نقلة نوعية في تحسين الإطار المعيشي في كافة الميادين وتحقيق الرفاه والازدهار للوطن”.
واعتبر ربيقة المنظمة الوطنية للمجاهدين “مدرسة تاريخية هامة تضطلع بواجب مواصلة استكمال تبليغ الرسالة التاريخية الاصيلة، من خلال ما تقوم به من دور لتزويد الشباب ثقافة حب الوطن والتشبع بقيم من صنعوا الملاحم والبطولات لهذه الامة”.
وتم، خلال هذا اللقاء، تزكية علي بوغزالة أمينا عاما للمنظمة الوطنية للمجاهدين وانتخاب أعضاء مكتبها الوطني.
..أنريكو ماتيي دعم الثورة الجزائرية
قال وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أمس بالعاصمة، أن أنريكو ماتيي، صديق الثورة الجزائرية والرئيس الأسبق للمؤسسة الإيطالية للمحروقات (إيني)، “دعم الثورة الجزائرية ومفاوضات إيفيان وساهم في تكوين الإطارات الجزائرية البترولية بعد الاستقلال”.
قال ربيقة، في ندوة تاريخية مخلدة لذاكرة ماتيي (1906- 1962)، أن هذا الأخير “نذر حياته خدمة للقضايا العادلة في العالم (..) وتميز بالشجاعة والإنفتاح على أفكار تحرر الشعوب المستضعفة التي تكافح من أجل نيل حريتها ومتعاطف مع شعوب العالم الثالث ومناهض للهيمنة الاستعمارية مما جعله يتعرف على العديد من قادة الثورة”.
وأضاف الوزير أن “تواصله المستمر مع ممثلي جبهة التحرير الوطني بالخارج أسهم في تجنيد وتعبئة الطبقة السياسية الإيطالية ودعم ونصرة القضية الجزائرية ..”.
وأشار، في سياق كلامه، إلى دوره في مفاوضات إيفيان حيث “ألهمت خبرته الكبيرة وتجربته العملية ومعارفه السديدة في مجال المحروقات الطرف الجزائري في تحديد المحاور الاستراتيجية الكبرى للتفاوض من أجل ضمان مصالح الجزائر مستقبلا في استغلال ثرواتها البترولية والمنجمية وبسط سيداتها عليها”.
كما لفت إلى “الدعم المادي” الذي قدمه بعد الاستقلال لما “تكفل بتكوين الاطارات الجزائرية في ميدان الصناعة البترولية بمدارس المؤسسة الإيطالية للمحروقات”.
وذكر الوزير، في ختام كلمته، بقرار رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، منح أنريكو ماتيي وسام أصدقاء الثورة الجزائرية وإطلاق اسمه على أنبوب الغاز الذي يربط الجزائر بإيطاليا، عرفانا بالخدمات “الجليلة” التي قدمها للثورة الجزائرية.
وعبر، من جهته، السفير الإيطالي بالجزائر، جيوفاني بونييزي، عن “خالص امتنان إيطاليا” لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لمنح أنريكو ماتيي وسام صديق الثورة الجزائرية لما بعد الوفاة، وهي “لفتة تشهد على عمق الجذور التي تربط بلدينا وشعبينا”، كما قال. واعتبر، في هذا الإطار، أن حفل افتتاح حديقة باسم ماتيي، بالعاصمة، والذي سيقام بمناسبة الزيارة الرسمية القادمة للرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا للجزائر سيكون “لحظة رمزية جد مهمة”.
ووصف السفير هذه الزيارة بـ “ذات الأهمية التاريخية” كونها “ستتوج عامين من العلاقات الثنائية المكثفة ..” و«ستسمح أيضا بإعادة إحياء العلاقات بين إيطاليا والجزائر في إطار صداقة تاريخية ورؤية مشتركة لتحديات البحر الأبيض المتوسط والقارة الإفريقية”، على حد قوله.
وحضر أيضا هذه الندوة عدد من أعضاء الحكومة كما شارك فيها بمداخلاتهم كل من المجاهد والوزير الأسبق دحو ولد قابلية والوزير المفوض بوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج عموش عبد الحكيم وكذا المجاهد علي شريف دروة ومديرة المركز الثقافي الإيطالي بالجزائر أنطونيا غراندي والذين تناولوا المسار الحياتي والنضالي لماتيي ودعمه للثورة الجزائرية.
وتوفي أنريكو ماتيي، شهرين بعد استقلال الجزائر، في حادث تحطم طائرة في ظروف غامضة، و لم يتم، لحد اليوم، الكشف عن ملابسات وفاته.