تُستعمل وقودا في كل الانتخابات الرئاسية الفرنسية

الجزائر تؤثر في تحديد من يقود «الإيليزي»

هيام لعيون

مع اقتراب كل موعد سياسي يتعلق باختيار رئيس فرنسا القادم، إلا ويستعمل الساسة الفرنسيون ورقة «الجزائر»، كوقود للوصول إلى قصر الإيليزية، قبل وأثناء الموعد السياسي الأهمّ في باريس، خاصة خلال حملات إقناع الناخبين واستقطاب حوالي مليون صوت جزائري ممّن يحملون الجنسية الفرنسية، دون إغفال الدور الجزائري غير المباشر في ذلك الموعد.

يؤكّد يحيى شريف، المختص في علم الاجتماع السياسي، في تفسيرات قدمها لـ «الشعب»، أن الجزائر شكلت منذ ستينيات القرن الماضي ورقة رابحة في كل الانتخابات الرئاسية في فرنسا، قبل موعدها وفي خضّم كل حملاتها، تكون أهم عناوينها العلاقات بين البلدين، خاصة ملف الذاكرة ومسألة المهاجرين الجزائريين في فرنسا، أضف إلى ذلك قضية الحركى وملفات أخرى، تأخذ حيزا هاما لما للجزائر من تأثير كبير وغير مباشر في ترجيح الكفة في انتخابات الرئيس الفرنسي، الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة لإقناع الجزائريين المتواجدين هناك بالتصويت له، لأنهم يمثلون فئة مهمة ومعادلة لا يمكن الاستغناء عنها في مثل هذه المواعيد السياسية الفرنسية الهامة.
أصوات من ذهب
وشدد المتحدث على أن الساسة «الفرنسيين وضعوا الجزائر ضمن حساباتهم للوصول إلى قصر الإليزيه، وحتى أن الجزائريين لم يكونوا بعيدين عن المشهد السياسي الفرنسي، حيث تأخذ الانتخابات حيزا هاما من اهتماماتهم، فسياسات الرئيس الفرنسي الجديد تحدّد مستقبل العلاقة بين البلدين، وتحدد أيضا مستقبل المهاجرين الجزائريين، وأبناءهم وحتى مستقبل أولئك المتواجدين هناك بصفة غير قانونية بغية تسوية وضعيتهم».
وأضاف المختص في علم الاجتماع السياسي يقول، «الهدف من إقحام الجزائر في كل موعد رئاسي فرنسي، هو كسب أصوات إضافية للجزائريين المتواجدين في فرنسا والمقدر عددهم بأكثر من 5 ملايين نسمة، وتقريبا يصوت مليون جزائري، وهم من يملكون الجنسية المزدوجة، وإذا ما تمت استمالتهم فسيكونون الفاصل لصالح رئيس فرنسا القادم».
وأشار محدثنا في نفس السياق، إلى أنه «وفي كل الرئاسيات الفرنسية، أضحت الجزائر ورقة رابحة، حيث يستعمل كل رئيس فرنسي نفس النغمة للوصول إلى قصر الإليزيه، خاصة وان هناك من لم يستوعب بعد أن الجزائر اليوم أصبحت مستقلة تماما، حيث لايزال من في باريس من يملك عقدة الاستعمار».
الند للند
وأبرز المختص في علم الاجتماع السياسي، أن «الجزائر أصبحت تؤثر بطريقة غير مباشرة في تحديد من يقودون السلطة الفرنسية لأسباب عديدة منها،  تواجد عدد لا يستهان به من الجزائريين على أراضيها، سواء بطريقة قانونية أو غير قانونية، وما لهم من دور مهم في كل مجالات الحياة هناك، خاصة اقتصاديا، حيث يحتل إطاراتنا مناصب مرموقة ويقودون مؤسسات ويدرسون بالجامعات، ويتواجد خيرة أطبائنا في المستشفيات وغيرها من المناصب الحساسة في باريس».
5 ملايين جزائري في فرنسا
وأضاف يقول، إن «عدد الجزائريين الذين يحملون الجنسية الفرنسية كبير، فلو أرادت فرنسا مثلا منع أي احتفالات أو تظاهرات تاريخية هناك، فهي تحسب ألف حساب للجزائريين، حتى أصبح بعضنا يقول «إننا نحتل فرنسا شعبيا». فالسلطات الفرنسية لا تقدم على أي أمر يخصّ المهاجرين الجزائريين، دون أن تحسب له ألف حساب، بل وتستشير الجمعيات المتواجدة هناك، وفعاليات المجتمع المدني التي تمثل الجالية الجزائرية».
وحول سؤال متعلق بملف الذاكرة واستعمال قضية الحركى، مثلما قام به هذه المرة الرئيس الفرنسي الحالي إمانويل ماكرون، الذي يستعد لخوض معركة رئاسيات ماي 2022، أكد المتحدث أن «ملف الحركى الذي يكون قد طوي منذ زمن، لا يزال ماكرون يستعمله في الخطاب الرسمي الفرنسي، حيث تراهن باريس عليه، لأنه يمس عاطفة المجتمع الجزائري».
وفي رده على سؤال، هل اللعب على وتر الحركى يسيئ للمترشح الفرنسي أكثر ممّا يخدمه في استقطاب أصوات جزائرية، أفاد أن «الفرنسيين أصبح لديهم «فوبيا» الكبرياء، حيث لا تزال الحساسية قائمة ويحاولون استعمال أبنائهم الحركى. غير أن ما لا يعلمه القادة الفرنسيون، أن محيطهم يسوق لهم أخبارا مغلوطة، على أساس أن المجتمع الجزائري منقسم وضد النظام، حيث أصبح يظن، مثل ماكرون، أنه وبهذه الطريقة يلعب على عواطف أغلبية الجزائريين هناك في باريس في محاولة لاستمالتهم، وهو عكس ما حصل، استشاط الغالبية العظمى من الجزائريين غضبا من تصريحات ماكرون الأخيرة».
في نفس الاتجاه، أكد نفس المتحدث أن «تاريخ الأمم يقاس بالأجيال، ومن غباء السلطات الفرنسية الاستعمارية أنها لم تفهم الثورة الاستعمارية، ولا تزال تظن أن الشعب الجزائري لا يفهم اللعب على وتر العاطفة الحساس، والتجارب السابقة في فرنسا أثبتت ذلك، وكانت أصوات الجزائريين الفارق في تحديد الرجل الأول في باريس، حيث أن الفرنسيين الذين يحملون الجنسيتين الفرنسية والجزائرية أدوا دورا حاسما في فوز فرانسوا هولاند بالانتخابات الرئاسية سنة 2012، على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بعد تصريحاته العدائية ضد الجزائر، ورغبته في تمرير قانون يمجد الاستعمار الفرنسي.
ودائما ما يكون موقف السلطات العليا في البلاد، موقف المترقب للانتخابات الفرنسية، بسبب علاقاتها مع باريس والملفات المشتركة بينهما وعدم الاستثمار في أي مرشح من مرشحي الرئاسيات الفرنسية، حيث أثبتت التجارب أن الجزائر ضد مرشحي اليمين المتطرف، الذين يحملون أفكارا متعصبة تجاه الجزائر وشعبها وتاريخها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024