الخبير الدولي، حسان قاسيمي:

تـدفق المهاجرين الأفارقة يخفي مـؤامرة خطــيرة

حوار: حمزة محصول

 «الحرڤـــــة» ليست ظاهرة خاصـــــة بالجزائر

 البحث عن حياة أفضل يدفع الشباب إلى المغامرة

يعتبر الخبير الدولي في الأزمات وقضايا الهجرة حسان قاسمي، أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية أو «الحرقة»، ليست خاصة بالجزائر فحسب، وإنما ترتبط بعدة عوامل، أبرزها كسر الحدود التقليدية بين الدول. لكنه يلفت في هذا الحوار، إلى أن انهيار القدرة الشرائية وتدني المستوى المعيشي، يدفع بكثيرين وبالأخص الشباب إلى البحث عن حياة أفضل في الضفة الشمالية. وأكد أن الحرقة، تتغذى على عاملين رغبة الأشخاص في مطاردة وهم الجنة المفقودة في الأراضي الأوروبية، وشبكات التهريب المنتشرة في مدن ساحلية، تمارس تهريب البشر بأسعار جد مرتفعة.
ويحذر في المقابل، من التغاضي عن تدفقات المهاجرين الأفارقة، باتجاه الجزائر، لافتا إلى أن الأخيرة تستقبل مهاجرين أكثر مما تستقبله دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، محذرا من مخطط صهيوني لضرب الاستقرار عبر استغلال ورقة هجرة التوطين وما تخفيه من محاولات تصدير النعرات الإثنية.

«الشعب»: بالرغم من عمليات التحسيس والتحذير من خطر ركوب زوارق الموت، إلا أن بعض الشباب يفضل المغامرة، حيث سجل ارتفاع كبير لظاهرة الحرقة في الآونة الأخيرة؟
حسان قاسيمي: الحرقة ظاهرة أخذت حجما أكبر، جراء تورط شبكات جزائرية، عديدة في تهريب المهاجرين، تقوم بنقل الجزائريين وغيرهم من مختلف الجنسيات مقابل مبالغ مالية معتبرة.
هذه الشبكات تنشط بعديد الولايات الساحلية، حيث تقوم بإيصال المهاجرين إلى الضفة الأخرى من المتوسط. إنهم جزائريون، يحلمون ويتوهمون أنهم سيجدون الجنة الموعودة في أوروبا، ولكنهم يجهلون أنهم بصدد ولوج باب جهنم، الذي ينتهي بهم في غالب الأحيان في قاع البحر غذاء للحيتان.
مآس إنسانية كثيرة تحدث بشكل دوري في عرض المتوسط، حيث نقوم بإحصاء أعداد متزايدة لشباب جزائريين هلكوا في ظروف أقل ما يقال عنها إنها مأساوية، سواء بسبب سوء الأحوال الجوية أو بسبب فقدان الاتجاه والتيهان في عرض البحر لعدة أيام مع نفاد المؤونة، أو حتى بسبب نشوب صراعات ومشاجرات مميتة بينهم.
إن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها الجزائر، تتسم حاليا بارتفاع نسبة البطالة في أوساط مجتمع غالبيته شباب، يقابلها سوق شغل مغلقة بفعل الجمود الاقتصادي العالمي، جراء انتشار فيروس كورونا وما تبعه من تدابير الحجر الصحي وانخفاض أسعار البترول إلى مستويات غير مسبوقة.
يبقى أن السلطات العمومية ملزمة بتجنيد وسائل أكبر لمكافحة هذه الشبكات الإجرامية التي تنشط في مجال الهجرة غير الشرعية على مستوى الولايات الساحلية. وبالموازاة مع ذلك، من الضروري الإسراع في تحفيز الاستثمار من أجل استحداث مناصب الشغل وإعطاء فرص أكبر للشباب كي يعيش في استقرار وكرامة.

هل تعتبر هجرة الشباب الجزائري، بطريقة غير شرعية، نحو أوروبا، ظاهرة اجتماعية تتكرر من فترة إلى أخرى، أم قضية ينبغي التعامل معها بجدية كبيرة وحذر، لما قد تحمله من مخاطر على سمعة البلد وأمنه؟
الحرقة ليست ظاهرة خاصة بالجزائر لوحدها. إنها نتاج عوامل عدة، منها العولمة التي أدت إلى كسر جميع الحدود، بفضل شبكات قوية للإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.
ويمكن أن نقدمها على أساس أنها نتاج معيشة سيئة، ورغبة قوية في تحسين الحياة اليومية. ومع هذا، ينبغي لفت الانتباه إلى ما يعانيه المهاجرون الجزائريون (الحراقة) الذين يصلون إلى أوروبا، حيث يتم احتجازهم في مراكز استقبال أقل ما يقال عنها إنها تشبه السجون، ويخضعون فيها لكل أنواع المعاملة السيئة والقاسية.
أما بالنسبة للبقية، الذين ينجحون في الإفلات من قبضة شرطة تلك البلدان، يعيشون بطريقة غير قانونية، فإنهم يتعرضون للاستغلال في وظائف جد شاقة وخطيرة على صحتهم وتمس بكرامتهم.
ولقد بلغنا أن هناك آلاف الجزائريين الحراقة في أوروبا، يرغبون في العودة بسرعة إلى الجزائر... ولهذا أناشد السلطات العمومية لتجنيد سلكنا الدبلوماسي في الخارج من أجل إرجاع الجزائريين المتواجدين بطريقة غير شرعية والراغبين في العودة إلى بلادهم.
- موازاة مع عودة موجة الهجرة غير الشرعية، لم تتوقف تدفقات المهاجرين الأفارقة باتجاه الجزائر؟
 التنامي المتزايد للهجرة غير الشرعية من دول إفريقيا جنوب الصحراء باتجاه الجزائر، هي ظاهرة لا أتوقف عن التحذير والتنبيه لمخاطرها منذ عدة سنوات.
وإننا نلاحظ في أغلب المدن الجزائرية، ارتفاعا محسوسا للمهاجرين غير الشرعيين، وهذا ما بدأ يثير قلق حتى المواطنين.
أخطر من هذا، أننا نسجل أيضا إعادة انتشار لشبكات تهريب المهاجرين والإتجار بالأشخاص، خاصة المنحدرين من دولة النيجر، والتي ترتبط بالشبكات الإجرامية العابرة للحدود والمتخفية ببعض المدن الجزائرية.
هذه الشبكات الإجرامية، متخصصة في النقل باتجاه الجزائر لآلاف النساء والأطفال النيجريين الذين يمتهنون التسول، بواسطة العنف وممارسات أخرى تعود لعهد الرق، على التراب الوطني الجزائري.
إن انهيار الوضعية الاقتصادية في منطقتي الساحل وغرب إفريقيا عموما، تزيد من ارتفاع الفقر والبطالة. وفضاء التنقل الحر في هذه الأقاليم وبخاصة بين دول الإيكواس، بفعل وجود تواطؤ واضح من جهات معينة، يجعل الجزائر تستقبل مهاجرين أكبر مما تستقبله 27 دولة من الاتحاد الأوروبي مجتمعة.
وعلى السلطات العمومية التحرك بسرعة، وتفعيل أدوات مكافحة الهجرة غير الشرعية وإعادة آلاف النساء والأطفال يمتهنون التسول، بعد الاتفاق طبعا مع بلدانهم.   
- حذرتم عدة مرات من مؤامرة خطيرة تقوم على دفع الآلاف من المهاجرين الأفارقة لترك بلدانهم والتوجه صوب الجزائر تحديدا، ما خلفيات ذلك؟
 فعلا، لقد نبهت عدة مرات السلطات العمومية لمسألة توظيف واستغلال الهجرة غير الشرعية من إفريقيا جنوب الصحراء باتجاه الجزائر.
الإمبراطوريات الغربية الاستعمارية في إفريقيا، قامت بإثارة نعرات عرقية باللعب على وتر تعدد الأقليات، ونقل سكان أفارقة باتجاه مناطق أخرى من القارة. ففي دول إفريقيا جنوب الصحراء نجد فسيفساء من الإثنيات، التي غالبا ما توظف كعوامل لضرب الاستقرار والأمن.
في الجزائر الأمر يتعلق بمواجهة مشروع صهيوني، بتواطؤ بعض الدول، لإغراقها بإثنية الهوسا وتوطينها بشكل دائم. هذه الإثنية المنتشرة عبر دول الساحل، ومعروف عنها أنها لا تستقر في وطن معين (شبيهة بالغجر في مناطق أخرى من العالم). ونحن نلاحظ أنها متواجدة بكثافة كبيرة في عديد المدن الجزائرية ومعروفة بامتهان التسول.
السلطات العمومية، مطالبة بوضع حد لهذه الظاهرة، التي تلحق الضرر بالنمط المعيشي للبلاد وتسيء لصورتها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024