المياه المحلاة الحلقة المفقودة بورڤلة

تذبــذب وانقطاعـــات في عــدة أحياء هـذا الصيف

ورڤلة: إيمان كافي

على الرغم من نوعية المياه في حدّ ذاتها وطبيعة المناخ الصعبة والتكاليف الكبيرة لإنتاج المياه الصالحة للشرب في ولايات الجنوب على غرار ولاية ورقلة والتجهيزات المكلفة لتحلية المياه، فإن المواطن غير مستفيد بنسبة مائة في المائة من الخدمات المقدمة خاصة إذا ما قارناها مع التكاليف الكبيرة التي يتمّ ضخها لتحسين نوعية المياه.

في ولاية ورقلة، مازال المواطن يلجأ وبشكل دوري لشراء المياه المحلاة التي توزع باستخدام الصهاريج المتنقلة ولم يستفد الكثير من المواطنين بعد من خدمة المياه المنتجة عن طريق محطات التحلية، رغم إعلان دخول بعضها حيز الخدمة في أكثر من مرة.
كما أن استعمالات مياه الحنفية في عدة أحياء، لا تستغل للشرب ويكتفي أغلب المواطنين باستخدامها في الأشغال اليومية في المنازل فقط، إلا أن الانقطاعات طالتها هي الأخرى خلال هذا الصيف، حيث عانت الكثير من الأحياء من انقطاعات وتذبذب في التزود بالمياه نظرا للعديد من الأسباب التي كانت تقنية في الغالب، حسب مصالح مديرية الجزائرية المياه بورقلة.
هذا الوضع أضحى مثيرا للقلق بالنسبة للمواطن المحلي الذي يعتبر أن حقّه في الحصول على مياه صالحة للشرب يبقى منقوصا، فبالإضافة إلى تسديده لفواتير المياه، يتحمل أعباء إضافية بشراء المياه المحلاة عن طريق الصهاريج المتنقلة، من أجل استخدامها في الشرب، بدلا عن مياه الحنفية في العديد من الأحياء خاصة التي لم تزود بعد بالمياه المنتجة من محطات تحلية المياه.
وفي هذا السياق كان لـ»الشعب» لقاء مع الدكتور سفيان سقاي المختص في الري بجامعة قاصدي مرباح ورقلة للبحث في الأسباب الكامنة وراء تسجيل أزمة مياه، رغم المخزون الكبير للمياه الجوفية الذي تتوفر عليه بلادنا.
وقد أكد محدثنا بهذا الخصوص، أن الجزائر تتوفر على أكبر الخزانات الموجودة على مستوى شمال إفريقيا والوطن العربي من المياه الجوفية وتتزوّد من طبقات المتداخل القاري والمركب النهائي، المتداخل القاري هو الأعمق ومياهه تتميز بدرجة حرارتها العالية (المياه الألبيانية)، أما المركب النهائي، فيحتوي على عدة طبقات صغيرة، مقسمة حسب التوزيع الجيولوجي ومياهها تعتبر مياها باردة، إلا أن نسبة الملوحة فيها عالية.
وعن إشكالية التزود بالمياه في المناطق الجنوبية وولاية ورقلة تحديدا، اعتبر الدكتور سقاي أنها لا تتعلق بخزانات المياه وإنما ترتبط أكثر بنوعية المياه وصلاحية استعمالها، وبالتالي فإن وجود كميات كبيرة من مخزون المياه لا يعني أنه يمكن استعمالها وتحقيق الوفرة.
وأوضح أن الطبقة الحرة من المياه الجوفية تعرضت في بداية التسعينات لنوع من أنواع التلوث في ولاية ورقلة وأصبحت مياهها غير صالحة للاستعمال، لذا كان لزاما التوجّه لطبقات المركب النهائي أو طبقة المتداخل القاري وهي طبقات يعد الوصول إليها أمرا مكلفا، من جهة ومن جهة أخرى لا يمكن استغلال هذه المياه مباشرة، لأنها تحتاج لعملية معالجة وهي طبقات محمية من المؤثرات الخارجية وهي أصلح للاستعمال ومع ذلك فإن درجة الملوحة التي تتميز بها تحتم اللجوء إلى محطات التحلية، من أجل تخفيض نسبة الملوحة فيها.
من جانب آخر ليس في استطاعة 9 محطات لتحلية المياه التي تتوفر عليها ورقلة توفير المياه المحلاة لكل المواطنين الموصولين بشبكة المياه، حيث لا تعمل بنسبة 100 في المائة وهي معرضة للتوقف بين الحين والآخر.
كما أن هذه المحطات، صادفتها أيضا بعض العوائق، أولا من ناحية تكلفتها الكبيرة وصعوبة التحكم في التكنولوجيا، بالإضافة إلى أنها غير مصممة بشكل يراعي طبيعة المياه والمناخ، من رياح رملية ودرجة الحرارة المرتفعة، حيث تعرف المياه المتواجدة في هذه المنطقة بتوفر حبيبات الرمل التي قد تتسبب بمرور الوقت في تعطيل تجهيزات هذه المحطات المكلفة بالأساس.
ظروف التسيير تشكل ـ حسبه ـ أحد هذه العوامل، حيث إن اليد العاملة التقنية في حاجة للرسكلة وتلقي التكوينات المواكبة للتطوّر التكنولوجي الذي يشهده مجال المياه وكذلك الأمر بالنسبة للتسيير.
 الأنظمة الهيدروليكية المرتبطة بالكهرباء هي الأخرى من بين هذه الأسباب، حيث ونظرا للظروف المناخية التي تتميز بها المناطق الجنوبية، تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على التيار الكهربائي وتتسبب أحيانا في نقص شدّة التيار أو انقطاع الكهرباء، كما أن الانقطاعات المستمرة، قد تؤدي إلى إتلاف المضخات وتؤثر على سير تدفق المياه وهذا ما يسبب انقطاعات في المياه.
وبهذا الصددو أشار إلى ضرورة توفير مولد كهربائي احتياطي وأنظمة حماية، لتفادي تعطل الأجهزة المتصلة الكهرباء في مجال توزيع المياه.

استعمال مفرط وربط عشوائي

ناهيك عن طبيعة خصائص المياه التي تعرف بدرجة ملوحتها العالية ونسبة المواد الصلبة فيها، فإن تصميم قنوات توزيع المياه كان على أساس المياه الباردة، أما المياه الساخنة فتصعد بدون إستعمال المضخات وتدفقها عال ودرجة حرارتها مرتفعة وهذا قد يؤثر سلبا على القنوات، خاصة أن بعض المناطق في ورقلة تتزود بمياه باردة وأخرى بمياه ساخنة وهو وضع يؤثر على قنوات التوزيع ويسبب تسربات على مستواها وهي إشكالية، ينجر عنها ضياع ما نسبته 50 في المائة من المياه.
ومع أن المواطن لا يستفيد بنسبة مائة في المائة من خدمات التزود بالمياه الصالحة للشرب، بسبب عدم توفر المياه المحلاة بنسبة كبيرة على مستوى الحنفيات، إلا أنه يتحمّل جزءا من المسؤولية في أزمة المياه، بسبب الاستعمال المفرط للمياه والربط العشوائي، حيث يلجأ بعض المواطنين إلى الربط من القنوات مباشرة دون مراعاة طاقة التموين التي وضعت من أجل ضمانها منشآت المياه، التي لا يمكنها تحمل فوق طاقتها الاستيعابية وهو ما يتسبّب في نقص المياه، بالإضافة إلى بعض التصرفات السلبية التي تؤثر على تزويد المواطنين بسبب الاعتداءات التي تطال هذه المنشآت.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024