يواجهون سلالات الفيروس ويدفنون ضحايا يوميا

الجزائريّون يحتفلون بالعيد في ظروف «متحوّرة»

هيام لعيون

للعام الثاني على التوالي، يحتفل الجزائريون بعيد الأضحى المبارك في ظروف استثنائية، بسبب استمرار مكوث غيمة وباء كورونا السوداء، الذي نعيش أو نوشك على بلوغ ذروة الموجة الثالثة له، حيث بات الفيروس اللّعين يحصد أرواح الجزائريين يوميا، وهذا مع اختلاف بين عيد 2020 وعيد 2021، وهو انتشار سلالات جديدة من الفيروس السريع الانتشار، ما جعل هذا العيد يطلّ على الجزائريين  في ظل أوضاع «متحوّرة» بسبب السلالات الجديدة وآثارها على يومياتهم وحتى على عاداتهم.
في صمت، لا يزال الجزائريون يدفنون موتاهم، والسبب الفيروس، الذي لا يزال يطارد الإنسانية جمعاء، ولم يستثن لا كبيرا ولا شابا يافعا، لا منزلا ولا مناسبة، فعيد الأضحى هذه السنة أيضا سيكون استثنائيا، بسبب أخبار الموت التي بات الجزائريون يستيقظون وينامون عليها،  وباتت عبارة «مات فلان بسبب كورونا»، أكثر تداولا هذه الأيام، ما أوجد أجواء من الحزن خيّمت على عائلات، في فقدان أهل وجيران وأصدقاء وأحباب، حيث تشير أرقام  وزارة الصحة يوميا إلى ارتفاع مخيف في عدد الإصابات والوفيات، وبيّنت أن الجزائر تحصي يوميا أكثر من 1000 إصابة، في حين يبلغ متوسط الوفيات من كوفيد  10 حالات يوميا على الأقل.
هذه الأرقام، ومهما كان وقعها مخيفا على النفوس، إلا أن الحياة لم ولن تتوقف، بالنسبة للجميع، حيث يركب الجزائريون القطار مزدحمين، والترامواي ملتصقين، والحافلات «مكدّسين»، مرتدين كمامات وحاملين للكحول المطهر في حقائبهم، لأن دورة الحياة لن توقفها السلالات المتحوّرة ولا الوباء، كما أن حفلات الزفاف لم تتوقف، ولا إقامة ولائم عشاء احتفالا بالمناسبة أيضا، ولم يعد الخوف من الوباء الذي تشكّل سنة 2020، بشكل مرعب، يخيّم على الجزائريين هذه السنة. لكن يبقى الحذر عامل نجاة.
كما يأتي العيد هذا الموسم في ظل أزمة مياه خانقة تعيشها البلاد، خاصة في المناطق الوسطى، المتضرر الأكبر، جراء الجفاف الذي ضرب البلاد منذ سنوات، أوقف تدفق  الماء من الحنفيات، فأضحت تذرف قطرات ماء مثلما تسببت الجائحة في إذراف دموع جزائريين يوميا.

بين التّلقيح والإحجام عنه

 على ضوء هذه الظروف، كثّفت السلطات الصّحية من حملة التطعيم ضد كورونا، التي انطلقت منذ شهر جانفي الماضي، حيث تم إطلاق الحملة الوطنية لعملية التلقيح في «الفضاءات الإضافية الجوارية» خارج الهياكل الصحية، بداية شهر جوان الماضي. وشهدت تلك الفضاءات إقبالا كبيرا من قبل المواطنين على عملية التلقيح ضد فيروس كورونا، خاصة بعد ارتفاع حالات الإصابة بعدة مناطق.
وتدخل هذه الحملة الإضافية في التطعيم ضد كورونا بقصد تدعيم الوحدات الصحية الأساسية التي شرعت في عملية التطعيم منذ جانفي الماضي. وتمس هذه العملية كل المواطنين سواء المسجلين وغير المسجلين في الأرضية الرقمية التي خصصتها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات للعملية.
غير أنّ هناك من المواطنين من يرفضون رفضا قاطعا أن يكونوا «فئران تجارب» لمخابر الأدوية العالمية، ويفضلون مواجهة الوباء بصدور عارية، على أن تظهر أعراض غير محمودة مستقبلية على أجسادهم، وهذا بالرغم من الحملة العالمية للتطعيم ضد «كوفيدـ19»، وإقبال العالم على أخذ جرعات من اللقاح، وبالرغم من النصائح الكبيرة التي يوجهها الأطباء حول ضرورة التلقيح، وقد أثبتت شهادات الملقحين ارتياحهم لأخذ اللقاح، على الأقل ارتياحا نفسيا، حيث شكل الوباء «بعبعا» مخيفا طيلة السنة الماضية.

نصائح من ذهب

ونحن نستقبل، بعد ساعات عيد الأضحى المبارك، يقدم الأطباء المختصون يوميا عبر صفحاتهم الفيسبوكية ضوابط ونصائح لممارسات يجب تجنبها في العيد للحد من انتشار كورونا، وممارسات يجب القيام بها ليكون العيد صحيا، ونحتفل بأمان، فالتزام المجتمع بالإجراءات الاحترازية له دور ملموس في خفض معدلات الإصابة والوفيات.
وعلى ضوء تفشي الفيروس المستجد وتطور سلالاته، اصبح لزاما اتخاذ عدة إجراءات يوم العيد، حيث يجب أثناء التزاور تجنب التصافح بالأيدي أو التقبيل لاسيما مع كبار السن، نظرا لخطورة ذلك على صحتهم، خصوصا مع أصحاب الأمراض المزمنة، ويجب ارتداء الكمامة طوال الوقت، أثناء أداء شعيرة الذبح، وتجنب استقبال عدد كبير من الأشخاص في المنزل، مع الحرص على التباعد الجسدي حتى مع وجود عدد محدود من الأشخاص. كما يجب التشديد على استخدام المعقمات وغسل اليدين باستمرار، والتعبير عن التهاني بالعيد عن طريق الهاتف وتجنب الزيارات الكثيفة مثلما تؤكد عليه السلطات الصحية العمومية.

 الأضحية..مهما كان الثّمن

 بالرغم من الأجواء غير العادية، يقبل الجزائريون كعادتهم على شراء الأضاحي اقتداء بسنة سيدنا ابراهيم عليه السلام، والتجوال عبر أسواق الماشية التي انتشرت نقاط بيعها هنا وهناك، وباتت الجزائر سوقا مفتوحة، وحسب المختصين فان سوق المواشي شهدت ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار، فتعذر على الكثيرين شراءها بمناسبة عيد الأضحى. بينما حافظ السواد الأعظم من المواطنين على تأدية هذه الشعيرة مهما كلفهم الأمر، ومهما بلغت أسعار المواشي، كل حسب طريقته في ادخار المال وتوفيره للأضحية.
عيد الأضحى لهذه السنة أيضا سيكون في ظل التدابير الإحترازية التي أعلنت عنها السلطات، وقد أصدرت لجنة الفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية بيانا حول الإجراءات الواجب إتباعها خلال عيد الأضحى على ضوء إنتشار الجائحة، وأكدت لجنة الفتوى في بيانها ضرورة احترام وقت الدخول إلى المسجد والمصليات والخروج منها  خلال صلاة عيد الأضحى المبارك.
كما شدّدت اللجنة على تخفيف صلاة وخطبة العيد كما هو معمول به في صلاة الجمعة، مع تفادي التجمعات والزيارات العائلية وزيارة المقابر يومي عيد الأضحى. ودعت لجنة الفتوى المواطنين خلال أيام العيد بتفادي التسليم والاكتفاء بصلة الرحم عبر وسائل التواصل الحديثة.
وفي ذات السياق، وجهت نداء إلى المواطنين للالتزام الصارم بشروط الأمن والسلامة وتفادي الذبح في الشوارع والطرقات.

إحباط...»الحجاج»

انطلق السبت الماضي موسم الحج، والذي اقتصر حسب قرار السلطات السعودية على المقيمين الذين تم تطعيمهم ضد فيروس كورونا بشكل كامل. وللسنة الثانية، استثني منه الوافدون من خارج المملكة. منهم الجزائريون الذين  استاءوا وهم الذين يدّخرون لسنين طويلة للذهاب إلى الحج، وعلّقوا آمالاكبيرة في اداء فريضة الحج التي باتت  حلما صعب التحقيق على ضوء تضارب الأخبار حول طول عمر هذا الوباء المفترس على المعمورة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024