استمرار بن بوزيد على رأس وزارة الصحة

الإبقــاء على «القيادة العليــا» للجيــش الأبيـض

فتيحة كلواز

 لعروسي: وزير الصحة تحكّم في الإجراءات الملائمة للتّطوّرات

 يوحي بقاء البروفيسور عبد الرحمان بن بوزيد على رأس قطاع الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات برغبة السلطة في إبقاء القطاع في حالة استقرار، خاصة وأنّ الجزائر تعيش موجة ثالثة تُنذر قوتها بأنها ستكون أشرس مقارنة بالأولى والثانية، فالوزير الذي جدّدت فيه الثقة أشرف على تسيير الإستراتيجية الوطنية لمجابهة «كوفيد-19» منذ بداية انتشارها أواخر فيفري 2020، وكذا إدارة الأزمة الصحية الاستثنائية في الشهور الأولى من السنة الماضية، وصولا الى حملة التلقيح التي تعرف عزوفا من طرف المواطنين.
بالرغم من تحذيرات الأطباء والمختصين، تخلى المواطن الجزائري عن إجراءات الوقاية كارتداء الكمامة او القناع الواقي والتباعد الاجتماعي، ومع حلول فصل الصيف بات واضحا أن الجزائر في «عين إعصار» موجة ثالثة جعلتها السلالات المتحورة مغايرة ومختلفة عن الأولى والثانية، لذلك كان من الضروري بما كان الاحتفاظ بالطاقم المسير والمشرف على إدارة الازمة الصحية منذ بدايتها في الـ 25 فيفري 2020، لأنهم الأقدر على اتخاذ القرارات اللازمة للحد من خطورتها.
والمتتبع للشأن الصحي في الجزائر يجده منذ ما يزيد عن السنة في حالة استنفار قصوى بسبب «حرب» كوفيد-19، التي استدعت الإبقاء على القيادة العليا للجيش الأبيض إن صح التعبير، فلا يمكن التلاعب بخطة المواجهة واستراتيجية المجابهة وحملة التلقيح التي تسير ببطئ شديد من خلال تعيينات جديدة في القطاع، خاصة وان الوزير الحالي مطلع على تفاصيله الدقيقة بحكم تكوينه العلمي وكذا اشرافه على وضع خطة مواجهة كوفيد-19 منذ أول إصابة سجلت في الجزائر.
وفي تعاملها مع الازمة الصحية، لم تدّخر الوزارة أي شيء من أجل الحد من تداعيات الازمة الصحية، حيث شكلت اللجنة العلمية لمتابعة ورصد فيروس كورونا مكوّنة من قامات طبية تبحث التطورات التي تعرفها الازمة وفق معطيات علمية وطبية، مع إعطاء تقارير دورية لرئيس الجمهورية حتى يستطيع اتخاذ قرارات تتلاءم والوضع الوبائي الموجود، فبعد توليه منصب وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في 2 جانفي 2020 بمدة قصيرة وجد القطاع نفسه في مواجهة فيروس مجهول يجتاح مختلف العالم.
ما احتاج إلى حنكة علمية وصرامة طبية في وصف الحالة الوبائية في الجزائر، حيث اتخذت قرارات حسب الوضعية الوبائية لكل منطقة، ولعل الكثير منا يتذكر الحجر الكلي على مدينة البليدة وغلق المساجد في رمضان وغلق المجال الجوي والبحري، فلم يتوان الوزير في إبراز أهمية الوقاية والعزل من أجل السيطرة على الوضع الوبائي في الجزائر.
أكّد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، رابح لعروسي، في اتصال مع «الشعب»، أن التعديل الحكومي جاء كتحصيل حاصل للانتخابات التشريعية، وبالرغم من أن الأعراف توصي بتبني وجوه جديدة عند تشكيلها، الا ان الظرف الذي تعيشه الجزائر من الناحية الاقتصادية والوبائية، الامر استدعى بقاء 15 وزيرا ليس وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات فقط، فلبقائه على رأس القطاع دلالتين مهمتين.
وكشف المتحدث أن الأولى انه منذ تعيينه كوزير للصحة جانفي 2020 لاحظنا حركية ولمسة جديدة في القطاع، من حيث تقييم القطاع ايجابياته، سلبياته ونقائصه، وهذا ما لمسناه في الأشهر الأولى من الازمة الصحية لكوفيد-19.
أما الدلالة الثانية فتتعلق بإدارة الازمة الصحية تحت إشراف قطاع الصحة، فنستطيع القول انه مقارنة مع طريقة تسيير الازمة الصحية في دول أخرى ومجاورة نجد أن الازمة في الجزائر أديرت بشكل سليم، ما سمح بتفادي الأسوأ او خروج الوضع الوبائي عن السيطرة، من خلال اتباعه لمعطيات علمية ووفق اجندة زمنية محددة، خاصة ما تعلق بتشخيص الوباء في المناطق التي عرفت انتشارا كبيرا له.
الى جانب ذلك، نجد ان كل ما تعلق بالإجراءات الوقائية سيما التدابير الاحترازية التي اتخذتها الجزائر في مختلف مراحل الازمة خاصة المرتبطة بمواقيت الحجر الصحي والمنزلي، حيث لاحظ الأستاذ أن اللجنة العلمية وتوصياتها اخذت بعين الاعتبار سواء كانت تشديدا او تخفيفا، فعندما أعلنت دخول الجزائر مرحلة التعايش مع المرض تمّ اتخاذ كل القرارات التي من شانها تحقيق المرحلة، كفتح المطارات، والحدود، والمجال الجوي والبحري.
في نفس الوقت، يرى أنّ كل هذه التوصيات كانت لها اثار إيجابية على تطور الوضع الوبائي والصحي في الجزائر، رغم ذلك ساهمت إجراءات التخفيف في تراخي المواطنين واستهتارهم بالإجراءات الوقائية، ولعل ما تعانيه اليوم دول الجوار بسبب موجة قوية بلغت الإصابات الجديدة فيها الالاف بل عشرات الالاف، إنذار من اجل الحفاظ على الوضعية الوبائية في الجزائر التي تعرف نوعا من الاستقرار، ما يستدعي الحفاظ عليها.
وعن أهم التحديات التي يواجهها وزير الصحة، كشف لعروسي أن أكبر تحدي امام الوزير هو تعميم تلقي اللقاح على المواطنين، فتوصيات الأطباء تؤكد على ضرورة تلقي أكبر عدد منهم لقاح فيروس كورونا، للحد من وقوة الموجة الثالثة التي تعيشها الجزائر في الأسابيع الأخيرة، وكذا من أجل العودة بصفة تدريجية للحياة الطبيعية، فالقضية اليوم هي قضية حياة او موت خاصة مع ظهور السلالات المتحورة «ألفا» و»دلتا»، وهو معطى جديد لا بد من اخذه بعين الاعتبار.  
ففصل الصيف وما يتميز به من مناسبات عائلية وعطل هو مؤشر لارتفاع منحنى الإصابات - حسب المتحدث - وهو ما نلاحظه هذه الأيام، لذلك تمت الاستعانة بالمساجد من اجل توسيع حملة التلقيح لمنع خروج الوضع الوبائي عن السيطرة، خاصة بالمدن الكبرى كالعاصمة اين تم وضع خيام للتلقيح على مستوى المساجد وهي نقطة إيجابية تحسب لصالح وزارة الصحة، فاللقاح اليوم هو من يذهب الى المواطن، من اجل تسريع العملية.
ومن المنتظر أيضا من الوزير الحالي للصحة دعم الحملات التحسيسية والتوعوية على مستوى مختلف وسائل الاعلام للتأكيد على ضرورة تلقي اللقاح لتحقيق مناعة مجتمعية تقي الجزائر الكارثة، الى جانب معطى جديد تحدث عنه البروفيسور جمال فورار هو بطاقية التلقيح لدخول المساحات والفضاءات العمومية والمراكز التجارية وكذا الملاعب.
في الإطار نفسه، اعتبر لعروسي الخطوة إيجابية لإنجاح حملة التلقيح، وهو ما يجعل من بقاء عبد الرحمان بن بوزيد على راس قطاع الصحة ضروريا لاطلاعه على جميع الأشواط التي قطعتها الجزائر في مواجهة فيروس كورونا منذ مارس 2020، لأنّه الأدرى بخباياها ومتطلّباتها الآنية والمستقبلية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024