من أهم المحطات التاريخية لثورة التحرير الوطني بالولاية التاريخية الأولى «أوراس النمامشة»، هي إطلاق أول رصاصة ليلة الفاتح نوفمبر 1954، إيذانا بتفجير الثورة ضد المحتل الفرنسي الغاشم، حيث كان ذلك بانطلاق أفواج نوفمبر المشكلة من 41 مجاهدا من منطقة عين السيلان التاريخية بأعالي مدينة خنشلة وبالتحديد من المكان الخالد المسمى «شعبة الغولة».
نظرا لما يكتسيه المكان من أهمية تاريخية كشاهد على أهم مرحلة في تفجير الثورة ومكان اجتماع مفجريها، تمّ إنشاء مشروع معلم تاريخي رمزي يحاكي تلك الفترة وينقل للأجيال صنيع أجدادهم ويساهم في تحصين ذاكرة تاريخ الأمة الجزائرية.
ويكشف مدير الإدارة المحلية لولاية خنشلة فتحي بوقرينات لـ «الشعب»، عن تفاصيل هذا المشروع بعد إعادة بعثه مؤخرا وتزويد ورشاته بالعمال، حيث كان المشروع الذي جسّد جزء منه السنوات الماضية ثم توقفت الأشغال ليتم بعثها مؤخرا بعد ضمان تمويله من ميزانية الولاية تمويل ذاتي بمبلغ 05 ملايير سنتيم.
يتمثل المشروع في منارة بارتفاع 32 مترا على شكل رصاصة بشعبة الغولة رمزية لانطلاق الثورة من هذا المكان في تلك الليلة، مغطاة بالنحاس ومحاطة بستة جداريات تحاكي تلك المرحلة إلى جانب تمثال القائد الرمز الشهيد «عباس لغرور».
وعاينت «الشعب» ميدانيا ورشات الإنجاز المزوّدة بالعمل ومركبات الإنجاز على أمل أن يتمّ تدشين المشروع في الفاتح نوفمبر من السنة الجارية، لاسيما وأن المعلم يكتسي بعدين تاريخي وسياحي كون هذا الموقع يندرج في إطار مخطّط التوسّع السياحي حمام الصالحين الواقع على بعد حوالي كيلومترين وسط غابات متنوعة ومناظر سياحية معروفة.
وفي سياق متصل، يبرز الأستاذ صالح قليل متخصّص في التاريخ الحديث والمعاصر بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة الشهيد «عباس لغرور» بولاية خنشلة لـ«الشعب» الأهمية التاريخية لهذا المكان والمشروع الذي يكتسي رمزية بالغة ويندرج تجسيده وإعادة بعثة في إطار التأكيد على الاحتفالات بيوم الذاكرة 08 ماي 1945، ليؤكد على رد الاعتبار للذاكرة الجماعية لولاية خنشلة خاصة والجزائر عامة.
ويوضح، صالح قليل أن الموقع يحمل عدة أبعاد تاريخية وسياحية، فتدشينه والعناية به وبمحيطه من شأنه أن يستقطب المهتمين بالتاريخ والسياح من داخل وخارج الولاية للوقوف على مكان اجتماع مجموعة الـ41 المفجرة للثورة تلك الليلة للتعريف بمآثرهم وتخليد أسمائهم، بما يعزّز الحفاظ على ذاكرة الأمة من جهة ومن جهة ثانية بإمكانه أن يشكّل مصدر دخل اقتصادي للولاية لما تتميز به من موقع سياحي بامتياز غابات متنوعة مناظر معروفة وقريبة من عاصمة الولاية وبلدية الحامة وسط منطقة التوسع السياحي.
من المنتظر أن يتضمن الموقع قائمة الـ41 مجاهدا الذين اجتمعوا في ذلك المكان، وشكّلوا أفواجا وشنوا هجوما على خمسة مواقع للعدو الفرنسي في تلك الليلة بمدينة خنشلة من بينها دار الحاكم، ومقر الجندرمة والمولد الكهربائي.
من بين مجموعة الأربعين القائد الشهيد «عباس لغرور»، المجاهد «بوبكر سالم»، المجاهد «شاكر حمام»، الشهيد «بن ساعد الطيب»، الأخوين كيلاني، بورمادة، عريف، كشرود بن زيدان وغيرهم.