تعد ولاية تقرت الجديدة من بين الولايات التي تمّت ترقيتها مؤخّرا إلى ولاية كاملة الصّلاحيات، بالإضافة إلى 9 ولايات أخرى بجنوب البلاد، نظرا للعديد من المقوّمات التي تؤهّلها لذلك، فضلا عن الحاجة لهذا القرار الذي كان له وقع كبير وسط ساكنة هذه المنطقة، والذين اعتبروه مكرّسا ومعزّزا لإستراتيجية تقريب الإدارة من المواطن.
تتموقع ولاية تقرت على مساحة إجمالية تقدّر بـ 73.704 كلم²، تتكوّن من ستة (6) دوائر وأربعة عشرة (14) بلدية، تحدّها شمالا ولايتي الجلفة والمغير، جنوبا ولاية ورقلة، شرقا ولاية الوادي والجمهورية التونسية وغربا ولايتي الجلفة وورقلة، حسب مصادر الولاية.
تمتلك دوائر وبلديات الولاية تقرت، مقدرات هائلة في عدة ميادين، من حيث الإمكانيات الطبيعية والبشرية، وهي مقوّمات تسمح بترقيتها إلى ولاية على مستوى عدة أصعدة، خاصة من الجانب الاقتصادي حسبما تتّفق عليه العديد من الآراء.
نشاط اقتصادي وصناعي بامتياز
في هذا السياق، تعرف ولاية تقرت باعتبارها منطقة نشاط صناعي واقتصادي بامتياز، حيث يشهد قطاع الاستثمار فيها قفزة نوعية، وزيادة على آليات الدعم والمساعدة المقدمة من طرف الدولة لتشجيع الاستثمار خارج قطاع المحروقات، فإنّ فرص الاستثمار بها جد مشجّعة، حيث تتوفّر على وعاء عقاري صناعي متمركز بمختلف بلدياتها وبها ثروات طبيعية على غرار (الطين الأحمر، الكلس، الجبس، رمل البناء، الغاز...)، بالإضافة إلى الموارد المائية لاسيما الباطنية منها.
ويتوفّر العقار الصّناعي الموجّه للاستثمار بها على 5 مناطق نشاط صناعي في بلديات تقرت، تماسين، المقارين، النزلة والزاوية العابدية، بالإضافة إلى منطقة صناعية. ونظرا للطّلب المتزايد على العقار الصّناعي تمّ إنشاء مناطق نشاطات جديدة في كل من منطقة النشاط الاقتصادي رقم 2 بتقرت ومنطقتي النشاط تماسين (أ) و(ب) ومناطق نشاط أخرى في بلدة عمرة وسيدي سليمان والمنقر.
المنشآت اللّوجستية ..عامل مساهم في الإنعاش
يدعّم ذلك المنشآت القاعدية اللّوجيستية التي تتوفّر عليها والتي تعد عاملا مساهما في إنعاش الحركة الاقتصادية (مثل الطّرقات الوطنية والولائية، مطار، محطة قطار...)، فضلا عن توفر هياكل مساعدة مثل البنوك، مكاتب دراسات، شركات التأمين، مخابر وفروع لمختلف هياكل الدعم، ناهيك عن ثروات سياحية طبيعية هامة ومناطق سياحية ومنابع حموية.
وتتمثّل أهم المنتوجات الصّناعية بهذه الولاية في الآجر والجبس العصري، صناعة المنتجات الإسمنتية والخرسانية، إنتاج السيراميك والأعمدة الكهربائية ولواحقها، صناعة واسترجاع الكرتون، بالإضافة إلى صناعة مواد التنظيف وصناعة الغرف الصّحراوية، وصناعة الرّغوة وإنتاج العتاد الفلاحي من البلاستيك وكذا إنتاج السميد والفرينة، الحليب ومشتقاته، إنتاج المشروبات والعصائر، إنتاج أغذية الأنعام والدواجن ومعالجة وتحويل التمور أيضا.
ففي قطاع الفلاحة، مثلا وهو من بين القطاعات التي تتوفّر على مؤهّلات كبيرة بهذه الولاية، تقدّر المساحة الفلاحية الإجمالية بـ 725194 هكتار، موزّعة على مساحة رعوية بـ 488.501 هكتار، المساحة الفلاحية المسقية 166.673 هكتار والمساحة الصالحة للزراعة 1762 هكتار.
هذا بالإضافة إلى الثّروة النباتية، خاصة النخيل ومنتوج التمور الذي تتميز به المنطقة والثروة الحيوانية، فضلا عن قدرات الهياكل لما بعد الإنتاج على غرار غرف التبريد التي يقدّر تعدادها بـ 34.
كما ستتدعّم الولاية بمشروع لإنجاز غرف تبريد، سيساهم في تخزين وتوزيع المنتجات الفلاحية، كما يسهّل تنظيم السوق وتقدّر سعته بـ 4000 متر مكعب، والذي سيساهم، حسب مصادر محلية، في تشغيل 160 عامل منهم 80 دائما و80 موسميّا.
ويدعّم هذا القطاع في مجال هياكل البحث، مخبر جهوي لتحليل التربة والماء أنجز في انتظار تجهيزه، كما تتوفر الولاية على مركز وطني للتكوين والإرشاد الفلاحي، ومركز بحث خاص بالمناطق الجافة.
وفي قطاع الأشغال العمومية، تتوفّر الولاية على طرقات وطنية، ولائية وبلدية، حيث يقدّر طول شبكة الطرقات 506.8 كلم، كما يتوفّر على منشآت للنقل الجوي والسكة الحديدية، وتتمثل هذه المنشآت والهياكل في مطار ببلدية سيدي مهدي بلدية النزلة، محطة للسكة الحديدية، محطتين بريتين ببلدية توقرت وحظيرة نقل حضري لنقل المسافرين ببلدية تقرت (خواص)، وإضافة للمديرية المنتدبة للأشغال العمومية. كما يشرف القطاع على أربعة (04) أقسام فرعية بكل من دوائر، تقرت، المقارين، الطيبات وتماسين.
هذا ويذكر أنّ في العديد من القطاعات في هذه الولاية على غرار الصحة، التشغيل والشباب والرياضة، تتوفر على العديد من الهياكل والكوادر البشرية التي من شأنها تدعيم مؤهلات هذه المنطقة، وتعزيز مقوّمات ترقيتها إلى مصاف ولاية كاملة.
ومن جهة أخرى، سيكون من شأن ضم كل من دائرتي البرمة الحدودية ودائرة الحجيرة، طبقا لقرار التقسيم الإداري، المساهمة في الجانب الاقتصادي، حيث ستضفي للولاية صبغة بترولية بضم دائرة البرمة الحدودية، كما ستعزّز مقوماتها ومؤهلاتها الفلاحية عبر دائرة الحجيرة التي سترفع من مقدرات الوعاء العقاري الصالح للفلاحة.
وحسب استطلاع لآراء عدد من المواطنين أجرته «الشعب ويكاند»، فإنّ هذا القرار كان منتظرا منذ سنوات، كما شكّل انشغالا بارزا في واجهة مطالب المواطن المحلي، لما له من فائدة في تسهيل الحياة اليومية ومساهمة في القضاء على المركزية في التسيير.
وبهذا الصدد، اعتبر الكثير منهم أنّ استحداث ولاية بتقرت سينهي معاناتهم في التنقل على مسافة 320 كلم إلى عاصمة الولاية ورقلة ذهابا وإيابا من أجل المعاملات الإدارية، واستخراج مختلف الوثائق.
كما يأملون أن ينعكس هذا القرار على ترقية التنمية بمناطق هذه الولاية الجديدة أولا، عن طريق استحداث مرافق عمومية ومرافق تربوية وجامعية وأخرى اقتصادية ودعم البنية التحتية، إضافة إلى إنشاء الهياكل والمقرات الجديدة وفتح التوظيف بها، وهذا ما يتطلّب ميزانية خاصة بها.
وتبقى الاستعدادات لاستقبال الولاية ووضعها حّيز الخدمة والانطلاق فيها، يتطلب توفر جميع المؤسّسات والهياكل اللازمة في منظور بعض المتدخلين في الموضوع، خاصة بالنسبة لبعض المديريات المهمة التي لم تكن موجودة خلال الولاية المنتدبة والبعض الأخرى التي لا تتوفّر على مقرات تليق بها كمديريات ولائية.