ضاقت السبل السياحية بالعائلات البومرداسية التي حافظ بعضها على تقاليد قضاء عطلة رأس السنة الميلادية بالجارة تونس، بالنظر الى ما توّفره من امتيازات وخيارات مقارنة مع الوجهة الداخلية التي طالتها أيضا تداعيات الحجر بسبب جائحة كورونا، إما بتعليق النشاط أو تشديد الرقابة على الفنادق والمركبات العائلية المتمركزة بالشريط الساحلي والجنوب الكبير، فيما عجزت الولاية عن تقديم بدائل متميزة لجلب الاهتمام وتغيير سلوك السائح الجزائري.
غابت هذه السنة مظاهر الطوابير الطويلة للمركبات السياحية المقلة للعائلات الجزائرية المتجهة نحو الجارة الشرقية تونس لقضاء عطلة نهاية السنة والاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة بسبب الظروف الصحية الاستثنائية.
ونفس الوضعية تعيشها الوجهة الداخلية وبالأخص ولايات الجنوب الجزائري كالواحة الحمراء تيميمون، الطاسيلي، منطقة تاغيت ببشار وغيرها من المقاصد الأخرى التي بدأت تلقى الاقبال من قبل السائح الجزائري والأجنبي خلال هذه الفترة من السنة رغم النقائص المسجلة في هياكل الاستقبال المصنفة ونوعية الخدمات.
وفي جولة استطلاعية لمواقع عدد من الوكالات السياحية بولاية بومرداس، لم ترق العروض المقدمة على قلتها هذه السنة إلى مستوى الحدث السنوي وأغلبها اختارت الوجهة الجنوبية، لكنها لم تلق تجاوبا كبيرا من قبل المواطنين أو على الأقل العائلات التي تملك تقليدا في مثل هذه المحطات والمناسبات السنوية ومن أهمها، عطلة نهاية السنة وطقوسها الخاصة.
ولدى حديثنا لبعض المواطنين المولعين بهذا الحدث السنوي الذي طغت عليه في السنوات الأخيرة الوجهة التونسية بالنظر إلى ما تقدمه من خيارات وامتيازات من حيث الخدمات والأسعار التنافسية، كان الاجماع واضحا ومرده «الظروف الصحية التي تسود العالم ومنها الجزائر بسبب الجائحة التي تسببت في ركود كبير لقطاع السياحة الداخلية والخارجية بعد غلق الحدود وتعليق نشاط النقل البري والجوّي ما بين الدول».
كما أرجع عدد من العاملين بقطاع التربية وحتى الموظفين الإداريين، الذين تحدثوا لـ»الشعب» سبب حالة الركود وقلة الاقبال على عروض الوكالات السياحية»، إلى الحالة الاستثنائية للعام الدراسي الذي فقد معالمه الثابتة بعد تغيير رزنامة العطل المدرسية.
وأثرت العطلة الشتوية التي كانت تشكل مناسبة هامة وفرصة لتغيير الأجواء العائلية وإنعاش القطاع السياحي عن طريق تنظيم جولات داخلية ورحلات منظمة من قبل الوكالات السياحية المعتمدة أغلبها نحو الولايات الجنوبية للتمتع بمناظر الصحراء ورمالها الذهبية، أو باتجاه تونس التي تبقى الوجهة الخارجية المفضلة للجزائريين بسبب حافز التنقل الجماعي بالمركبات مع سهولة الدخول والخروج وعقلانية الأسعار المعروضة بالفنادق والمركبات السياحية».
بالمقابل وبغض النظر عن الحالة الصحية الاستثنائية وما تبعها من تدابير وإجراءات وقائية صارمة نال منها قطاع السياحة نصيب الأسد بسبب التقلص الكبير في تنقلات المواطنين الداخلية والخارجية ودخول هياكل الاستقبال مظاهر العطلة المفروضة، لم تصل بعد المركبات السياحية والفنادق بولاية بومرداس لتفرض وجهتها على السياح داخليا أوخارجيا نتيجة ضعف الخدمات وقلة عدد المرافق المصنفة، حيث لا تتجاوز عدد أصابع اليد وتشمل 3 فنادق مصنفة في خانة 3 نجوم من أصل 20 مؤسسة بطاقة استيعاب لا تتجاوز 3 آلاف سرير بحسب تصريحات سابقة لمدير السياحة وبخدمات لاترقى إلى مستوى التنافسية.
وقد زادت جائحة كورونا التي حبست المواطنين والناشطين الاقتصاديين في بيوتهم لعدة أشهر من الخسائر الاقتصادية لهذه المؤسسات السياحية بما فيها الوكالات المتخصصة التي حاولت حصر نفسها في حالة العجز ومحاولة الضغط على السلطات العمومية للحصول على دعم مالي كتعويض والاستفادة من بعض المزايا الجبائية بسبب توقف النشاط، خاصة بعد تعليمات مديرية السياحة والصناعة التقليدية لأصحاب المؤسسات الفندقية التي توعدتهم بالمتابعة في حالة تنظيم نشاطات أعياد الميلاد والأعراس بمناسبة رأس السنة الجديدة التي كانت تلجأ إليها بعض العائلات سابقا خوفا من عودة تفشي الوباء مجددا.