تتصاعد مخاوف العائلات الجزائرية على أولادها المتمدرسين في ظل تفشي فيروس كرونا وتسجيل ارتفاع قياسي في عدد الإصابات بشكل يومي، فرغم اتخاذ كافة الإجراءات الصحية والوقائية التي ينص عليها البرتوكول الصحي خاصة ما تعلق بإجبارية إرتداء التلاميذ للكمامة إلا أن المؤسسات التربوية تبقى ملزمة بأخذ الحيطة والحذر أكثر لمنع حدوث حلقات عدوى في صفوف التلاميذ.
لأنهم الحلقة الأولى في فرض الانضباط ومراقبة أولادهم على اعتبار أن الوقاية من كوفيد-19 مسؤولية الجميع، يحرص الأولياء على مراقبتهم خارج أبواب المدرسة.
سجلنا في جولة استطلاعية أمام عدد من مدارس العاصمة، طوابير من أولياء التلاميذ بالقرب من البوابة الرئيسية من في انتظار خروج فلذات أكبادهم لتفقدهم خوفا من انتزاعهم للكمامات أو الاحتكاك المفرط بزملائهم وإن كانت التخوفات على أطفالهم في أعلى الدرجات إلا أن التخوف من نقل أولادهم لهم للفيروس يبقى أكبر ما يثير قلقهم.
السيدة أسماء أم لثلاثة أطفال تحدثت لـ «الشعب ويكاند» عن مخاوفها من تلقي أولادها لهذا الفيروس الفتاك حيث يزداد قلقها في كل مرة تسمع فيها عن غياب أستاذة أو أستاذ عن صف الدراسة بسبب إصابتهم بالفيروس وترتفع شكوكها أكثر عند تلقيها خبر إصابة أحد زملائهم في النفس الصف وضعية جعلتها تصطحب أولادها يوميا إلى المدرسة من أجل ترصد الوضع داخل الحرم المدرسي وتعاود المجيء لاصطحابهم للمنزل تخوفا من عدم تقيدهم بكافة الإجراءات على غرار نزعهم للكمامات بمجرد خروجهم من الباب حيث تنتهي مسؤولية الأساتذة والمساعدين التربويين عنده.
أما الأب محمد فقال إن ثقته تبقى كبيرة في المساعدين التربويين حيث التزموا أمام جمعية أولياء التلاميذ وأمامهم بمراقبة كافة التلاميذ وإرشادهم وتحسيسهم بالخطر المحدق بهم وبعائلاتهم.
تراخي في بعض المدراس
في حين انتقدت السيدة «فتيحة» ظروف التمدرس على ضوء هذه الجائحة انطلاقا من قناعتها بأن الأطفال من أهم الناقلين للفيروس للأشخاص الكبار خاصة المسنين على ضوء التراخي المسجل في تطبيق الإجراءات الوقائية على مستوى الإبتدائية التي يدرس بها ابنها رضوان في صف الخامسة بالعدوى في ظل التهاون في تطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية خاصة على مستوى المدراس الإبتدائية لتعبر لنا في هذا الإطار قائلة :» نحن أمام كارثة صحية بسبب التخوف من تسجيل سنة بيضاء».
إشكالية أخرى طرحتها السيدة فتيحة والمتمثلة في عدم قدرة بعض الأولياء في إقتناء الكمامة وسائل المطهر لأبنائهم بصفة مستمرة بسبب ضعف دخلهم الشهري، لذلك تؤكد قائلة:» انه وإن أصر مسؤولي القطاع الإبقاء على الدراسة لا بدا من أخذ هذه الفئة المعوزة بعين الإعتبار بتوفير وسائل الوقاية للمحافظة على صحتهم وصحة زملائهم وكل إطارات المدرسة وكذا عائلاتهم ومنع أي توجه نحو سلوكيات تزيد من تفاقم الوضع الوبائي في الجزائر على غرار السلوك غير الصحي المسجل في بعض الحالات المتمثل في إستعارة الكمامة من طفل لطفل وهو الملاحظ في الكثير من الأحيان أو استعمال الكمامة لفترة طويلة يجعلها غير مفيدة ولاتقيهم من العدوى».
من هذا الباب تطالب أم رضوان السلطات بتحمل مسؤولية القرارات التي تتخذها وإن أبقت على المدارس والمؤسسات التربوية مفتوحة لا بد عليها من توفير كل الشروط والإمكانات المادية والبشرية للمحافظ على صحة الجميع.
وإن كان ما يعرفه الوضع الوبائي في الجزائر من تسارع وإرتفاع عدد الإصابات يفرض غلقها إلا أنه لابد من تفكير هؤلاء المسؤولين في طريقة أخرى لتبعد شبح السنة البيضاء لأنها الفرصة الذهبية التي ينتظرها الجميع للتحول إلى التعليم عن بعد.
ولم تغفل السيدة فتيحة الجانب التضامني في هذه المعادلة الصحية حيث أكدت أن مسؤولية المجتمع المدني وجمعيات أولياء التلاميذ تبقى كبيرة في التخفيف من آثار الجائحة المستجدة من خلال اقتراح الحلول والمساهمة في الميدان بتوفير كل ما يمكنه المساهمة لتقليل من الخسائر.
حاجة مدارس مناطق الظل للمساعدات الوقائية
من جهته، أكد مدير مدرسة في تصريح لـ «الشعب ويكاند» رفض الإفصاح عن اسمه، أن ما يتم تداوله في وسائل الإعلام يتنافى مع الوقع المعاش حيث تعاني عدة مدارس خاصة في المدارس الواقعة خارج المدن أو كما يفضل الآخرون تصنيفها ضمن مناطق الظل من نقص رهيب في وسائل الحماية في مقدمتها الكاشف الحراري الذي إعتبره ضروريا ليحدد الحالات المشتبه فيها وتوجيهها للفحص مباشرة لتفادي تسجيل كارثة داخل هذه المؤسسات التربوية التي تبقى صحة تلاميذها مسؤولية السلطات.
وعلى الوصاية هنا يقول ذات المتحدث تبني خرجات ميدانية لمعاينة الوضع وتسجيل النقائص وكذا الوقوف على مدى إمداد هذه المؤسسات بوسائل الكفيلة بالوقاية لمواجهة هذا الوباء وتوزيع الكمامات على التلاميذ الذين يستعصي على عائلاتهم توفيرها لهم في كل مرة.
كما ثمّن المجهودات التي يقوم بها الأساتذة من أجل التحكم في الوضع رغم كل النقائص من خلال عماليات التوعية وتحسيس التلاميذ في كل مرة بأهمية احترام التباعد وضرورة التزامهم بغسل اليدين بشكل مستمر في ظل نقص المحلول المعقم الذي تعجز العائلات عن توفيره لأولادها.