آمنوا بعدالة القضية الجزائرية

جوانب غير معروفة عن أصدقاء الثورة

سهام بوعموشة

آمنوا بعدالة القضية الجزائرية وقدموا الدعم اللامشروط للثورة وبعد الاستقلال ساهموا في إعادة بناء الجزائر، هم مثقفون وسياسيون وجنود فروا من الجيش الفرنسي ينحدرون من جنسيات أوروبية مختلفة، فرنسيون بلجيكيون سويسريون، إسبان، أرجنتينيون. صنفهم أبناء جلدتهم في خانة المتمردين والخارجين عن القانون لأنهم ساندوا الجزائر وحاربوا إلى جانب الثوار والمجاهدين في الجبال وفي المهجر، بشتى الطرق والوسائل الفكرية واللوجيستية، منهم من استشهد.

تحتفظ الذاكرة التاريخية بأسماء الكثير من أصدقاء الثورة من الأوروبيين المعروفين بمواقفهم وكفاحهم، والمخلدين في سجل البطولات، وقد ذكرهم الباحث رشيد خطاب في كتابه بعنوان»إخوة وأصدقاء»، عبارة عن قاموس ببليوغرافي ضم أكثر من 200 اسم وشخصية أجنبية ساهمت في الدفاع عن الثورة الجزائرية، وهو بحث تطلب سنوات من التقصي واستيقاء المعلومات.
إنهم نساء ورجال شاركوا في الثورة التحريرية من منطلق القناعة والاهتمام بالعدالة، ولكن قبل كل شيء من خلال التشكيك في داخل النظام الاستعماري لطابعه اللاإنساني المتمثل في الهيمنة والقمع، يقول الكاتب.
ومن خلال استجوابه لهم أكدوا أنهم سيكررون ما قاموا به، لو عادت بهم الحياة إلى الوراء رغم أن أغلبهم عانى من ويلات السجون والتعذيب والمنع من دخول فرنسا إلى غاية السنوات الأخيرة.
من بين الذين ناضلوا إلى جانب مجاهدي جبهة التحرير الوطني جورج أكمبورا المدعو جورجيو المولود بتاريخ 1926 صياد إسباني بدأ مساره المهني كعامل في مصنع للسجائر «جوبJOB» بباب الواد ثم أصبح رجل إطفاء، هو شيوعي ونقابي وعضو المحاربين من أجل الحرية وبالأخص في فرقة الصدمات للجزائر التي تضم يحيي بريكي، فليكس كلوزي، حشلاف، فرناند إيفتون، وآخرون، كان أحد مساعدي عبد القادر قروج رئيس هؤلاء المحاربين بقطاع العاصمة.
في سنة 1956 كان عضوا في المجموعة التي قامت بهجوم على محافظة الشرطة بالمرادية باستخدام سلاح تم استعادته من مجموعة الأسلحة التي قام هنري بتكييفها في ورشة محطة الإطفاء أين كان يعمل، ألقي عليه القبض في نفس السنة وحكم عليه بالإعدام سنة 1957 وتم العفو عنه سنة 1958 مع 181 محكوم عليهم بالإعدام، عرف السجن في عدة سجون بالجزائر وفرنسا.
 أطلق سراحه سنة 1962 وتحصل على الجنسية الجزائرية واستقر بالجزائر أين اشتغل إطارا في سلك رجال الإطفاء إلى غاية التقاعد برتبة ملازم عقيد، عاش في الحي الشعبي بباب الواد وفي أكتوبر 2011 شيدت عيادة طبية في بولوغين بإسمه، توفي في 13 فيفري 2012 بالمستشفى العسكري ودفن في المقبرة المسيحية ببولوغين.
وعُرفت المناضلة الفرنسية «أني ستاينر» بمواقفها الرافضة لكل أشكال الظلم والبطش التي كانت تمارسها الإدارة الفرنسية ضد الجزائريين، انخرطت في صفوف جبهة التحرير الوطني من ولاية سطيف وعمرها لا يتعدى العشرين عاما، تم توقيفها سنة 1956 وحكم عليها بالسجن ست مرات بكل من سجون بربروس وسركاجي، وبعد الإستقلال بقيت في الجزائر وعبرت عن افتخارها لإنتمائها للثورة.
عمياش جيزال ممرضة بمستشفى الشلف تم توقيفها في 10 سبتمبر 1955 على شاطئ كاب فلاكون، سجنت وتعرضت للتعذيب بالكهرباء لمدة أسبوعين وهي حامل في الشهر الأول ثم حولت إلى السجن المدني بوهران.
ومن بين أصدقاء الثورة الذين استشهدوا من أجل عدالة القضية الجزائرية هنري مايو بعد عملية قام بها في ثكنة خميس مليانة والمناضل فرناند إيفتون الذي وضع قنبلة في محطة الغاز بالحامة في العاصمة، وموريس أودان أستاذ الرياضيات الذي لم يتجاوز الـ25 سنة، الذي تعرض لأقسى أنواع التعذيب أدت لوفاته سنة 1956، تاركا عبارة «سأموت لكن الجزائر ستستقل».
والشهيد علي الألماني من قدماء المحاربين الألمان خلال الحرب العالمية الثانية دخل سريا سنة 1943 لمنطقة الأوراس، بدأ يكافح ابتداء من سنة 1956 في صفوف الولاية الأولى تحت أوامر الشهيد مصطفى بن بولعيد، كان متخصصا في الألغام وحسب الشهادات فقد انتحر في الجبال بعد استشهاد قائده. إضافة إلى 1073 جندي فرنسي إلتحقوا بالمجاهدين بالولاية الخامسة.
جورج عريبي، مهندس في الكيمياء، ولد بتونس وهو الذي وضع أولى القنابل لصالح المجموعة التي ينشط معها، وبعد اكتشاف معمل المتفجرات بئر خادم في أكتوبر 1956، تم توقيفه مع دانيال تيمسيت وجورج سماجة طالب في الطب، حكم عليه بعشرين سنة سجنا بسبب نشاطات تخريبية خلال محاكمة تسمى «محاكمة الأطباء» في مارس 1957.
عرف عدة سجون في الجزائر وفرنسا وفي 1962 استقر في الجزائر وتحصل على الجنسية الجزائرية وعمل في القطاع العمومي.
هنري علاق، مسؤول الحزب الشيوعي الجزائري ومدير جريدة «الجزائر الجمهورية Alger républicain وكاتب، ولد بلندن واستقر بالجزائر سنة 1940 وناضل في الحزب الشيوعي الجزائري. في 1951 أصبح مدير جريدة «الجزائر الجمهورية»، دخل في النشاط السري سنة 1955 تاريخ حظر جريدته من الصدور، وواصل نشر مقالاته في فرنسا وبعضها نشر في جريدة لومانتي الفرنسية.
 ألقي عليه القبض في منزل موريس أودان بتاريخ 12 جوان 1957 من طرف الفرقة العاشرة للمظليين، بقي شهرا في فيلا بالأبيار أين تعرض للتعذيب ثم حول إلى معتقل لودي أين بقي مدة شهر لينقل بعدها لسجن سركاجي، هناك كتب رسائل سلمها لمحاميه يروي فيها ظروف اعتقاله والتعذيب الذي تعرض له.
نشرت رسائله في كتاب بفرنسا، ثم منع الكتاب من الصدور سنة 1958 ليعاد طبعه في سويسرا أربعة عشر يوما بعد حظره، بعد ثلاث سنوات من سجنه اتهم بالمساس بالأمن الخارجي للدولة والتحريض، وحكم عليه بعشر سنوات سجنا، وبعد ثلاث سنوات في سجن سركاجي نقل إلى فرنسا في سجن «ران»، أين هرب بواسطة شبكة الشيوعيين والتحق بتشكسلوفاكيا.
 بقي هناك إلى غاية 1962، ثم عاد إلى فرنسا بعد اتفاقيات ايفيان بعدها إلى الجزائر أين ساهم في نهضة جريدة الجزائر الجمهورية، غادر الجزائر سنة 1965 بعد التصحيح الثوري.
جاكلين قروج زوجة المجاهد عبد القادر قروج المدعو جيلالي، من مواليد 1919 بمدينة رووان بفرنسا، جاءت إلى الجزائر سنة 1948، حيث عملت كمدرسة لغة فرنسية بشتوان في مدرسة بالقرب من تلمسان خلال الفترة من 1948 و1955. هي مناضلة فرنسية اقتنعت بإستقلال الجزائر، انضمت إلى شبكة لجنة الدفاع عن الحريات وانخرطت في الحزب الشيوعي الجزائري منتصف الخمسينات، لتعين فيما بعد كعنصر اتصال ضمن قوات الكومندوس التابعة لجيش التحرير الوطني.
اعتقلت سنة 1957 وحكم عليها بالإعدام مع مجموعة من المناضلين قبل أن يتم العفو عنها، بعد حملة دولية لإطلاق سراح الزوجين قروج، وكانت ابنتها دانيال مين، مجاهدة في جبال الولاية الثالثة، حكم عليها بسبع سنوات سجنا. وقد أشاد بنضالها الشعراء العرب، منهم الشاعر السوري الكبير محمد الحريري. والقائمة طويلة من أصدقاء الثورة مثل الطبيب بيار شولي وزوجته وفرانز فانون وغيرهم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024