المجاهـد الشّهيـد الحـي مسعود نملة لــ «الشعــب»:

نوعية الهجومات مهّدت لعمليات أخرى

سعاد بوعبوش

 الولايـــة الثّانيــة همّشــت ولم تأخــذ حقّهــا مــن التّأريــخ

بابتسامته المعهودة ووجهه البشوش، استقبلنا المجاهد الشّهيد الحي مسعود نملة، ووضع بين أيدي «الشعب» أمانيه وآماله عن الجزائر الجديدة، بعد أن بلغ من العمر 83 سنة، مشيرا إلى أنّه فخور جدا بما أنجزه، وهو ما يجب أن ينقله للأجيال الصاعدة.يتحدّث هذا المجاهد عن ضرورة إعادة الاعتبار لشخصيات صنعت الثورة، وتثمين ما تحقق من مكاسب مع دعم تكوين الهوية الوطنية، وبالتالي بناء الوطن.

بمجرد دخول منزل المجاهد مسعود نملة، تتراءى لك صوره مخلّدة لنضاله ورفقاء دربه في الكفاح ضد المستعمر، تدرك إنّك بحضرة قامة ثورية.
سخّر شبابه لخدمة الثورة منذ أن التحق بها، وهو في 18، زرع ونزع الألغام وساهم في نقل الأسلحة من الحدود التونسية لولاية سطيف، وقطع أسلاكا مكهربة بخطي شارل وموريس، وعايش وعمل تحت إمرة كبار القادة بالولاية الثانية، التي يرى أنّها هُمّشت ولم تأخذ حقها في الاهتمام والتأريخ لبطولات أمثال طاهر بوسنة، بيوض فرحات، الجنرال علي بوحجة، الذي قام بالعديد من العمليات وقاد فيالق على الحدود الشرقية.
عمي مسعود، كما يحلو له أن ندعوه، قام ورفقاؤه، منقسمين على فصائل، كل 12 يوما بعمليات فدائية، وكان مكلّفا بوضع ونزع الألغام، والتي كانت سببا في انتقام فرنسا من زملائه، مثلما حدث أثناء هجوم الجيش الفرنسي بالمدافع على «مشتة نمالة» بجبل سرج الغول بسطيف، في 10 أكتوبر 1956.
يؤكّد المجاهد نملة أنّ الأحداث والمحطات التي مرت بها هذه المنطقة تدعو للفخر والاحترام والتقدير، خاصة وأن أغلب العمليات التي تم القيام بها ناجحة سواء في تاكسنة، بوجلفان، تيفاون، بوسرفان أو بوشابون، من خلال إسقاط الأعمدة الكهربائية وتدمير الجسور لعرقلة توغل القوات الفرنسية.
توقّف عمي مسعود عند هجومات الشمال القسنطيني، وقال إنّها كانت نوعية بالنظر لتوقيتها، حيث شنّت منتصف النهار في حدود الساعة 12:00 زوالا في تحدّ صارخ للعنجهية الإستعمارية، وذهب الأمر بالمخططين إلى التفكير في برمجة هجومات أخرى بولايات أخرى بسبب نجاحها وتحقيق أهدافها.
ولعل تخليد الهجومات كذكرى وطنية ــ على حد قول محدثنا ــ هو بمثابة أمانة لا يجب التخلي، على اعتبار ان التخلي عن التاريخ هو تخل عن الوطن.
وكانت الخطوة التالية ــ حسب عمي مسعود ــ التوجه نحو الحدود الشرقية لنزع وتخريب خط موريس، وفشلت المحاولة الأولى.
وبعد 6 أشهر جرت العملية للمرة الثانية ونجحت - يقول المجاهد نملة - شارك فيها أيضا السي الطاهر من بني حببين، ونجحت المحاولة فيما استشهد شخص واحد اثر انفجار قنبلة، ليتم استغلال الفرصة في التدرب بواد مليز بغرديمة لمدة شهر ونصف، وبمجيء القايد احمد وعلي منجلي، كان عليه ورفقاؤه العودة إلى الجزائر، ولكن هذه المرة لقطع خط شارل بقيادة بودفة محمد مسؤول الكتيبة.

كلمة هواري بومدين..خارطة طريق

فعلا يواصل عمي مسعود سرد الأحداث بالقول: «حاولنا القطع في المحاولة الأولى مع بوحجة، وكان يحاول بن شريف بالكرمة، ذلك من أجل الإتيان بأجهزة الاتصالات، ولكننا نجحنا في الأخير في قطع خط شارل. دخلنا إلى جبل بني صالح فوجدنا لخضر وارتي وعطايلية القادم من قالمة، وأمام استحالة توفير دليل لقطع خط موريس طُلب منا العودة، وهو ما قوبل بالرفض، عندها طُلبت الألبسة والأسلحة الزائدة، لمساعدتهم في قطع خط شارل وتم ذلك فعلا، حيث عدنا إلى الحدود الشرقية».
وفي شهر أوت جاء رئيس الأركان هواري بومدين بحضور عناصر الحكومة المؤقتة، ناقلين تشجيعاتهم، وكانت كلمة بومدين بمثابة خارطة طريق للعمل الثوري، إذ قال لنا بالحرف الواحد: «أنا جئت لأكلمكم أن الدولة الفرنسية صنعت قبرا للشعب الجزائري وهو خط شارل..وحنا العرب نقولو اللي حفر حفرة يطيح فيها»، ثم عيّـن المسؤولين ونظم وقسم القطاعات الإقليمية ووصل الأمر به إلى وضع برنامج للأكل ومواقيت القيام بالعمليات بدقة في الميدان، لتفرقة جهود فرنسا.
وأشاد المجاهد بحكمة بومدين في التسيير والتنظيم المحكم لجيش التحرير الوطني.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024